أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، اليوم (الخميس)، أن حماية رؤية 2030 ومسار المملكة نحو الازدهار أبرز مسؤوليات الوزارة، وتمكين الوزارات والجهات الحكومية المختلفة من التواصل مع العالم بطريقة إيجابية ومبتكرة.
اقتصادنا بات ناضجاً بما يسمح بالوقوف بوجه أي آثار ناتجة عن التوترات الجيوسياسية
وأضاف، خلال جلسة حوارية بمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أن السعودية بالخصوص ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً أثبتت قدرتها على التعامل مع الأزمات والصراعات في الشرق الأوسط بطريقة تسمح لها بمواصلة خوض مسار التقدم وفي الوقت ذاته الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. مشيراً في هذا الصدد إلى الإنجازات والتقدم المحرز في مبادرات ومستهدفات رؤية 2030 رغم بعض الرياح المعادية المتعلقة بالصراعات في المنطقة.
وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي والخليجي بات ناضجاً بما "يسمح لنا بالوقوف في وجه أي آثار جانبية ناتجة من الأحداث الجيوسياسية، يصاحب ذلك سياسات حكيمة من قيادة المملكة سمحت لنا أن نجعل المملكة مركزة أكثر على مسارها التنموي بدل الانجرار إلى الصراعات والتوترات بالمنطقة".
وشدد على أن موقف المملكة من الأحداث في غزة والمنطقة لم يكن غامضًا بل كان واضحاً تماماً، حيث طالبنا منذ البداية بوقف إطلاق النار في غزة، وحتى فيما يتعلق بأحداث السابع من أكتوبر والرد الإسرائيلي المفرط، والذي لم يتسبب في وفاة عشرات الآلاف من المدنيين بطريقة غير مبررة وكوارث إنسانية فحسب، لكنه وضع علامة استفهام كبيرة حول الأنظمة والحوكمة الدولية وشرعية القانون الدولي والقانوني الدولي الإنساني وقابلية تطبيقهما.
وحول الهجوم الإسرائيلي الحالي على شمال غزة، أكد بن فرحان أنه نوع من أنواع الإبادة الجماعية، حيث يتم حصار المنطقة بشكل كامل ومنع أي دخول للمساعدات الإنسانية وهجوم عسكري شامل بدون مسارات عبور للمدنيين نحو مناطق آمنة وتقويض حياة المواطنين الفلسطينيين، معتبراً أن ذلك سيغذّي دورة العنف.
وبيّن أن المملكة تركز على العمل لتحقيق مستقبل أفضل، من خلال التركيز على حلّ الدولتين وبناء دولة فلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعدم تكرار هذه الأحداث مرة أخرى.
الاتفاقيات الدفاعية مع أمريكا "معقدة" ونرحب بأي فرصة لإبرامها
وبخصوص التطبيع مع إسرائيل، أكد بن فرحان أنه خارج دائرة التفاوض حتى نرى إقامة الدولة الفلسطينية، مضيفاً أن مسار التطبيع في المنطقة ككل على محك الخطر إذا لم نجد حلاً ومساراً واضحاً لإقامة وحفظ حقوق الدولة الفلسطينية؛ لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يضمن لنا التركيز على المستقبل والتعاون والتكامل والاندماج، وآمل أن ترى قيادة إسرائيل أن هذا ليس فقط الشيء الصحيح والعادل الذي يجب عليهم القيام به، بل يجب أن يدركوا أن ذلك يصبّ في المصلحة الأمنية والاستراتيجية لإسرائيل.
وتطرق وزير الخارجية إلى العلاقات السعودية الأمريكية، مبيناً أنها من الأفضل على الإطلاق في الوقت الحالي خاصةً فيما يتعلق بالأمن القومي والتعاون الاقتصادي، ولكن المملكة الآن مختلفة عن السابق والبلدان يعملان معًا بشكل مختلف جدًا، وتضطلع المملكة بدور أكبر في مصالح أمنها القومي وباتت أكثر نشاطاً في توسيع شراكاتها الدولية.
وأضاف في هذا الصدد أن المملكة عززت من أهميتها الاستراتيجية فلم تعد مصدراً للطاقة فقط بل أضحت مركزاً حيوياً للكثير من التقنيات المستقبلية كالطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، فالسعودية من أفضل الأماكن في العالم لهذه المجالات، مبيناً أن المملكة تركز على توسيع شراكاتها الدولية.
ولفت إلى أن الاتفاقيات الثنائية التي تعمل عليها المملكة مع الولايات المتحدة يمكن لبعضها أن ينجز سريعاً خاصةً ما يتعلق بالتجارة والذكاء الاصطناعي، وبعضها لا يزال العمل عليها جارياً وهذا لا يرتبط بطرف ثالث، أما فيما يتعلق باتفاقيات التعاون الدفاعي فهي أكثر تعقيداً والمملكة ترحب بأي فرصة لإبرامها قبل انتهاء مدة الإدارة الأمريكية الحالية، لكن ذلك يعتمد على عدة عوامل أخرى بعضها خارج سيطرتنا.
وشدد على أن المملكة مستعدة للتعامل مع أي من مرشح يفوز في الانتخابات الأمريكية، فقد قمنا تاريخياً بعمل جيد مع الحزبين، وعملنا مع الرئيس ترامب سابقاً، ويمكننا أن نجد طريقة للعمل معه بشكل جيد، ونعرف كذلك فريق بايدن ونائبته المرشحة الرئاسية كامالا هاريس.
وبشأن العلاقات مع إيران، أوضح وزير الخارجية أنها تمضي على المسار الصحيح، لكنها معقدة بسبب الديناميكيات الجيوسياسية الإقليمية، مشيراً إلى أن الرياض وطهران أجرتا محادثات مباشرة لتبادل وجهات النظر والتأكد من عدم وجود سوء فهم قد يؤدي إلى أي شكل من المخاطر، معتبراً أن عمل البلدين على تقوية العلاقات يخدمهما وكذلك يفيد المنطقة.