دخل حيِّز التنفيذ، قرار المملكة بوقف التعاقد مع أي شركة أجنبية، ليس لها مقر في السعودية، في خطوة تهدف من خلالها الرياض، إلى جذب تلك الشركات، من خلال مبادرة، أطلقتها وزارة الاستثمار والهيئة الملكية لمدينة الرياض في فبراير 2021، حيث بلغ عدد الشركات المستقطبة حتى الآن، أكثر من 180 شركة متعددة الجنسيات، ولا تزال المملكة على أهبة الاستعداد لاستقبال المزيد من تلك الشركات خاصةً مع العديد من الحوافز التي تقدمها وزارتا الاقتصاد والاستثمار.
يهدف القرار لتوفير فرص عمل للشباب واجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم على هامش فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار نهاية أكتوبر الماضي، أن المملكة ملتزمة بالموعد النهائي الذي حددته للشركات الأجنبية المتعاقدة مع الحكومة لنقل مقراتها إلى السعودية والمحدد بـ31 ديسمبر 2023.
وأعلنت المملكة في فبراير من عام 2021 عزمها إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة بحلول يناير 2024، ويشمل القرار الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها.
وأكد وزير المالية محمد الجدعان أن القرار يهدف لمساعدة مسعى الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب السعودي، واجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر لتنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.
وتُعرّف وزارة الاستثمار المقر الإقليمي لشركة ما بأنه "مكتب يقدم الدعم والإدارة والتوجيه الإستراتيجي لفروعها والشركات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
منح 180 شركة تراخيص لنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة
وقد حققت هذه المبادرة نجاحاً لافتًا خلال فترة وجيزة لم تبلغ العامين، فبحسب وزير الاستثمار خالد الفالح؛ فإن وزارته منحت 180 شركة تراخيص لنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة، وهو رقم يفوق العدد المستهدف قبل نهاية المهلة (160 شركة)، مشيراً إلى أن عدد الشركات التي تحصل على تراخيص لمقارها الإقليمية بالسعودية يتزايد بمعدل 10 شركات أسبوعياً.
الشركات الـ180 بينها شركات عملاقة وكبيرة وتعمل في أغلب القطاعات الحيوية والرئيسية مثل الأغذية والخدمات الأساسية والنفط وتكنولوجيا المعلومات، ومن بين هذه الشركات (فلور وبكتل الأمريكيتين، وسيمنس الألمانية، وبيبسيكو، وشركة فيستاس ويند المتخصصة في تصنيع توربينات الرياح، وشركة يونيلفر، وسامسونج، وبيكر هيوز، وديمنينشن داتا، وسيستم آير، وإنتر هيلث كندا).
ولا شك أن المبادرة تلقى إقبالاً من المستثمرين الذين يقدرون جيداً قيمة الاقتصاد السعودي كونه الأكبر في المنطقة، والأكثر نمواً بين دول مجموعة العشرين عام 2022 وهو العام الذي شهدت الاقتصادات العالمية تباطؤا ملحوظاً وركوداً أيضاً، فضلاً عن قيمة وأهمية المستهلك بالسعودية حيث إن المملكة الأولى بين دول العشرين من حيث معدل ارتفاع عدد السكان في السنوات الخمس المقبلة، والثانية عالمياً في مؤشر ثقة المستهلك لعام 2021، والفرد السعودي يمتلك خامس أكبر نصيب من الناتج المحلي الإجمالي بين مواطني دول مجموعة العشرين.
وفي هذا السياق يقول وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم "إننا نشهد الكثير من الزخم (من الشركات الراغبة في نقل مقارها الإقليمية للمملكة)، ونحن بالتأكيد نعطي الأولوية للشركات التي تخلق القيمة إلى حيث يتم استهلاك القيمة، وتخلق وظائف عالية الجودة للسعوديين وغيرهم".
الفالح: السعودية تعتبر الوجهة الأفضل للاستثمار
وأضاف "نحقق نتائجنا النوعية من احتياجاتنا، سواء كانت خدمات أو سلعاً بطريقة أفضل وأكثر جدوى.. والمملكة تتلقى طلبات يومية"، (لنقل مقار الشركات العالمية إليها).
وبالعودة لوزير الاستثمار خالد الفالح؛ فيؤكد أنه بالنظر إلى الأوضاع الحالية في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا؛ فإن السعودية تعتبر الوجهة الأفضل للاستثمار، حيث شاهد المستثمرون عبر عدة أزمات ماضية كيف استمرت السعودية في كونها وجهة صديقة ومستقرة للمستثمرين الأجانب، بتواجد نظام سياسي واقتصادي مستقر يمكن الاعتماد عليه.
ويقطع الوزير الفالح، وعداً بأن الشركات التي لديها مقر إقليمي في السعودية بعد الأول من يناير 2024 سيكون لها أفضلية في عقود المشتريات الحكومية.
ولتأكيد جديتها في جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، طرحت المملكة ممثلة في وزارتَي الاستثمار والمالية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، حوافز تشجيعية لتلك الشركات، منها الإعفاء الضريبي للمقرات الإقليمية لمدة 30 سنة، نسبة صفر (0%) لكل من "ضريبة الدخل على كيانات المقرات الإقليمية، وضريبة الاستقطاع للأنشطة المعتمدة للمقرات الإقليمية"؛ بالإضافة إلى حوافز تتعلق بمتطلبات السعودة المرنة، واستقطاب المديرين التنفيذيين والكفاءات المتميزة للعمل في المقرات الإقليمية.
حوافز ضريبية ووظيفية ومتعلقة بالإقامة للشركات لنقل مقارها الإقليمية للمملكة
وقامت وزارة الاستثمار بالعمل مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، على تفعيل الحوافز المقدمة للمقرات الإقليمية فيما يخص الموظفين، مثل منح التأشيرات حسب حاجة الشركة، والسماح بعمل الزوجة أو الزوج القادمة تحت إقامة الزوج أو الزوجة، وتمديد العمر القانوني لبقاء الأولاد مع موظفي المقرات الإقليمية إلى عمر 25 سنة، فيما عملت مع وزارة التجارة على تفعيل مسار خاص لإصدار السجلات التجارية لشركات المقرات الإقليمية.
وبالرجوع لوزير المالية الجدعان، فيرى أن بيئة العمل السعودية الحالية بها متسع للتحسين، مؤكداً أن الحكومة ستكمل الإصلاحات القضائية والتنظيمية وتحسن نوعية الحياة حتى تشعر الشركات والأفراد بالراحة في الانتقال إلى الرياض.
ويضيف الجدعان: إن الشركات العالمية التي ترغب في المشاركة في الفرص الاستثمارية التي تمنحها الحكومة السعودية "سيتحتم عليها أن تتخذ قرارا" فيما يتعلق بإنشاء مقار إقليمية في المملكة اعتبارا من 2024، وإلا فلن تفوز بتعاقدات حكومية.
تسجيل الدخول
أضف تعليقك