تتعاظم أهمية الأمن البحري وسلامة وانسيابية الملاحة البحرية يوماً بعد الآخر، لاسيما في أوقات الأزمات والاضطرابات، بوصف البحار المعبر الرئيسي للتجارة العالمية باستحواذها على 90% منها.
ودعت المملكة مراراً لتعزيز وتوثيق التعاون الدولي لضمان أمن الممرات البحرية خصوصاً البحر الأحمر، للحفاظ على مرونة وفعالية سلاسل الإمداد باعتبارها محركاً رئيسياً للتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وتلاقي الثقافات.
تركز الملتقيات الثلاثة على الأمن البحري وتوظيف التقنيات الحديثة لمجابهة التهديدات
وانطلاقاً من دورها المحوري في الاقتصاد العالمي وموقعها الاستراتيجي المتميز، الذي يطل على أحد أهم المسارات البحرية بالعالم (البحر الأحمر)، نظمت المملكة العديد من الفعاليات الدولية ذات الصلة بالأمن البحري، بهدف توحيد الجهود الدولية، ومناقشة ما وصلت إليه التقنيات والوسائل التي يمكن من خلالها تطوير المنظومة الأمنية في المجال البحري.
وفي أحدث وليس آخر هذه الفعاليات، تنظم القوات البحرية غداً وعلى مدى 3 أيام "الملتقى البحري السعودي الثالث" في نسخته الثالثة، برعاية وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، تحت عنوان «الأمن البحري في عصر الذكاء الاصطناعي - الاتجاهات والتهديدات»؛ لمواكبة ما يشهده العالم من تطورات سريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومناقشة الاتجاهات والتهديدات للأمن البحري في عصر الذكاء الاصطناعي وطرق التعامل معها.
ويأتي الملتقى استمراراً للنسختين الماضيتين، واللتين تركز النقاش فيهما على سبل تأمين الممرات البحرية، وكيفية التعامل مع التھديدات المستمرة، وأثرھا في الاقتصاد العالمي، وضمان سلامتها، إضافةً إلى تطور الأنظمة المضادة للأنظمة غير المأهولة، سواءً من الطائرات من دون طيار أو الروبوتات ومكوناتها والزوارق المفخخة.
وشاركت المملكة في «التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية» الذي أُطلق عام 2019، بقيادة الولايات المتحدة، وبجانب كل من الإمارات، والبحرين، وبريطانيا، وأستراليا، وألبانيا.
وانخرطت في تحالف عسكري بحري شكلته واشنطن أواخر العام ذاته، لحماية الملاحة في منطقة الخليج من اعتداءات تعرّضت لها سفن، واتُهمت إيران بالوقوف وراءها، في خضّم أزمة عُرفت بـ"حرب الناقلات". وكانت مهمة القوات البحرية المؤلفة من الدول الست مراقبة طرق الملاحة والممرات المائية وحماية السفن التجارية وناقلات النفط من أي اعتداء قد تتعرض له.
السعودية أول دولة إقليمية تقود قوة متعددة الجنسيات لحماية الممرات المائية في المنطقة
وكانت السعودية في أغسطس 2023 أول دولة إقليمية تقود قوة عمل "تحالف الحارس" المتعددة الجنسيات، المعنية بحماية الممرات المائية الحيوية في الشرق الأوسط مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب، والتي تعمل في إطار بناء الأمن البحري الدولي، وهي شراكة تضم 11 دولة بقيادة أمريكا، مهمتها الدفاع عن التدفق الحر للتجارة العالمية في البحار الإقليمية وتنفيذ عمليات الأمن البحري في الخليج العربي.
وخلال تولي القوات البحرية السعودية قيادة قوة الواجب المختلطة خلال الفترة بين أغسطس 2023- أغسطس 2024، نفذت عددًا من العمليات النوعية لفرض الأمن البحري في مناطق المسؤولية، وضمان التدفق الحر والآمن لخطوط الملاحة العالمية، وردع وإيقاف الأنشطة الإجرامية والإرهابية، تضمنت إجراء تمارين بحرية مختلطة، وتسيير دوريات مشتركة، وتنفيذ عددٍ من العمليات المركزة في مناطق المسؤولية، وعقد عددٍ من الدورات "مركز قيادة"، ودورات اقتحام وتفتيش السفن مع القوات الأمريكية لعددٍ من المتدربين.
وبقيادة قائد القوات البحرية السابق الفريق (بحري) الركن فهد الغفيلي، لعبت القوات البحرية السعودية دورًا أساسيًا في تعزيز الأمن البحري الإقليمي، في العام الماضي، بقيادتها قوة عمل متعددة الجنسيات في خليج عمان والمحيط الهندي وسجلت أكثر من 10000 ساعة في الدوريات، ونجحت تلك القوات في اعتراض ست شحنات من المخدرات غير المشروعة بقيمة تقارب المليار ريال.
وفي تصريح سابق إبّان انعقاد النسخة الأولى من الملتقى البحري السعودي الدولي التي تزامنت مع "حرب الناقلات" في مياه الخليج العربي، أكد العميد البحري الركن فيصل الغميسي من القوات البحرية السعودية، بحسب "الشرق الأوسط"، أن الممرات البحرية الاستراتيجية تعتبر عاملاً استراتيجياً مهماً في مواقع الدول؛ كونها طرق الملاحة البحرية والتجارة العالمية والموارد ذات الطابع الاستراتيجي، وفي منطقتنا بشكل خاص تتضاعف أهميتها كونها طرق نقل النفط للعالم.
ونظمت المملكة واستضافت بلا كلل مناورات عسكرية بحرية ومختلطة لحماية الممرات المائية والحفاظ على سلامة الملاحة البحرية. وفي هذا العام تحديداً شهدت المنطقة الشمالية ومنطقة عمليات الأسطولين الغربي والشرقي المناورات الميدانية في التمرين المشترك "سيف السلام 12"، وتضمنت تنفيذ القوات البحرية مناورات في مناطق عملياتها في الخليج العربي والبحر الأحمر، وتدريبات لمواجهة التهديدات المحتملة للطائرات المسيرة، الزوارق المفخخة، الألغام البحرية، وكذلك عمليات حماية المنشآت الحيوية في مناطق العمليات، وعمليات البحث والإنقاذ.
واستضافات قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي في مايو 2024 التمرين البحري المختلط للدول المطلة على البحر الأحمر "الموج الأحمر 7"، بمشاركة قوات برية وبحرية وجوية من السعودية ومصر والأردن واليمن وجيبوتي؛ بهدف تعزيز الأمن البحري للدول المطلة على البحر الأحمر، وحماية المياه الإقليمية.
وفي أكتوبر الماضي شاركت القوات البحرية الملكية السعودية في التمرين البحري - الجوي المختلط "ميدوزا 13"، في اليونان، بجانب كل من مصر وفرنسا وقبرص، والذي شهد تنفيذ عمليات عسكرية، وعمليات معلومات، وهجوماً برمائياً، وإجلاء للمدنيين.
وهدف التمرين، إلى بناء التحالفات وتعزيز التعاون الأمني المشترك؛ لتعزيز أمن البيئة البحرية، وإدارة وتنفيذ المهام القتالية المشتركة باستخدام الأسلحة الحديثة، والتنسيق بين الوحدات لمواجهة التهديدات البحرية غير التقليدية.