أكد خطيب المسجد الحرام الشيخ د. صالح بن حميد أن داء التعصب ومرض العصبية يُعَدّان داءً اجتماعياً خطيراً يورث الكراهية، وينبت العداوة، ويمزق العلاقات، ويزرع الضغائن، ويفرق الجماعات، ويهدد الاستقرار، وينشر القطيعة، وهو مرض كريه، يبني جداراً صلباً بين المبتلى به وبين الآخرين، ويمنع التفاهم، ويغلق باب الحوار، ويعمم في الأحكام، ويزدري المخالف.
دعا للوقاية من التعصب عَبْر نبذ العادات والأعراف الخاطئة
وأشار إلى أن التعصب داء فتّاك وعلة كل بلاء وهو جمود في العقل وانغلاق في الفكر يعمي عن الحق ويصد عن الهدى ويثير النعرات ويقود إلى الحروب ويغذي النزاعات ويطيل أمد الخلاف.
وأوضح خطيب المسجد الحرام أن التعصب عنف وإقصاء ويدعو إلى كتم الحق، ويقلل من فرص التوصل إلى الحلول الصحيحة وينشر الظلم وهضم الحقوق ويضعف الأمة وينشر الفتن والحروب الداخلية، مؤكداً أن التعصب يكون في الغلو بالأشخاص والأسر والمذاهب والقوم والقبيلة والطائفة والمنطقة والفكر والثقافة والإعلام والرياضة وفي كل شأن اجتماعي.
وبيّن أن من صفات المتعصب التشدد في الرأي، والجمود في الفكر، والميل إلى العنف ضد المخالف، موضحًا أن المتعصب يميز الناس ويقيِّمهم حسب انتماءاتهم الدينية، والقبلية، والمناطقية، والمذهبية، والطائفية، والسياسية.
وأضاف أن المرء لا يُولد متعصبًا ، وإنما يكتسب التعصب من أسرته، ومن أقرانه، ومن مدرسته، ومن الوسط المحيط به، لافتًا الأنظار إلى أنه من أجل علاج التعصب فلا بد من تقرير المساواة بين الناس، ونشر ثقافة الحوار، والتعايش، وقبول الآخر، والمحبة، والاعتذار، وبذل المعروف لمن عرفت ومَن لمن تعرف.
ودعا للوقاية من التعصب عبر نبذ العادات والأعراف الخاطئة والتقاليد المجافية للحق والعدل، مؤكداً أن ذلك من مسؤولية أهل العلم والصلاح والوجهاء ورجال التربية والغيورين على الأمة، مؤكداً أهمية العمل على بناء الإنسان السوي، وإشاعة الصلاح والإصلاح، ومقاومة الفساد بكل أشكاله، وقبل ذلك وبعده الإخلاص، وحسن السريرة، وقطع النفس عن شهوة الغلبة، والانتصار، والسلامة من فتنة التطلع، للمدح والرئاسات، ونشر المحبة في البيت، والمدرسة، وفي السوق، وفي الإعلام بكل وسائله وأدواته، وسلامة النفس من الأحقاد، والتحرر من الأنانية، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم في كلمته الجامعة: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وأكد الشيخ بن حميد أن التعصب حجاب غليظ يحول بين صاحبه وبين الحق وبينه وبين الحب، التعصب حجاب غليظ عن العلم النافع، والعمل الصالح، وعقبة كؤود عن الاستفادة من الآخرين، ويمنع الإبداع والابتكار، مبينًا أنه لا يقضي على التعصب إلا التسامح ، ذلك أن التسامح احترام التنوع، وقبول الاختلاف، ويسلم من التعصب مَن كان همه الوصول إلى الحق، وليس الانتصار للنفس، أو المذهب، أو الطائفة.