تُعد الفنون الصخرية التي تزخر بها منطقة "الحرة" جنوب تبوك، وثائق حية تسرد قصص حضارات قديمة يعود تاريخها إلى آلاف السنين، فقد اشتهرت المنطقة بطبيعتها البركانية وتضاريسها الوعرة، وكانت يومًا ما موطنًا لإنسانٍ استطاع التفاعل مع بيئته والتعبير عن أفكاره ومعتقداته من خلال الفن الصخري.
توثق حيوانات تلك الحقبة مثل المها والغزلان والنمور
وتُظهر الفنون الصخرية مشاهد الصيد باستخدام أدوات بسيطة، وتوثق فصائل الحيوانات التي عاشت في تلك الحقبة، مثل المها والغزلان والنمور، ومشاهد اجتماعية تعكس طريقة حياة المجتمعات القديمة، كما تظهر نقوشاً تمثل رموزًا وأشكالًا تحمل دلالات دينية أو ثقافية أو وسومًا قبلية قديمة؛ مما يجعلها كنزًا معرفيًا للباحثين في مجال علم الآثار والتاريخ الإنساني.
وتُبرز هذه الفنون أهمية تبوك بوصفها نقطة عبور للتجار والقوافل عبر العصور، وموقع ربط بين الجزيرة العربية ومناطق مجاورة مثل مصر القديمة وبلاد الشام وبلاد الرافدين ومناطق البحر الأبيض المتوسط وآسيا؛ مما جعلها مركزًا مهمًا لتبادل الثقافات والسلع.
وتزخر تبوك بحسب المسوحات الأثرية الصادرة من هيئة التراث، بأعداد ضخمة من الفنون الصخرية والكتابات القديمة، التي تعود إلى فترات تاريخية متنوعة، وتختلف من حيث الزمان والمكان، وتتنوع بين نقوش ثمودية ونبطية ولحيانية ونقوش من العصور الإسلامية، ولعل آخر ما أعلن عنه، ما اكتشف في المنطقة من نقوش " ثنائية الخط " في قرية علقان، التي تعود في تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي.
وتتكون هذه النقوش من 3 أسطر كُتب اثنان منها بالقلم الثمودي، وسطر كُتب بالخط العربي المبكّر؛ الأمر الذي أكدت من خلاله " الهيئة " حصولها على رؤى علمية جديدة تتمثل في التزامن التاريخي للكتابة بالقلم الثمودي والخط العربي المبكر، واستمرارية معرفة الكتابة بالقلم الثمودي لدى المجتمعات القديمة حتى القرن الخامس الميلادي.