استطاع الدبلوماسي المخضرم جميل الحجيلان، بمذكراته التي تحمل عنوان "مسيرة في عهد 7 ملوك"، أن يجذب زوار جناح دار رف للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث استعرض فيها محطات تاريخية مهمة كان شاهدًا عليها طوال مسيرته الطويلة في عمله الحكومي والدبلوماسي.
توثيق مجموعة من الوقائع التاريخية التي عاشها الحجيلان
المذكرات توثق مجموعة من الوقائع التاريخية التي عاشها الحجيلان، بدءًا من عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود وصولًا إلى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، ما جعله جزءًا من اللحظات السياسية والثقافية المحورية في تاريخ المملكة.
من أبرز الأحداث التي تناولها الحجيلان في مذكراته حادثة اقتحام جهيمان للحرم المكي، بالإضافة إلى تكليفه من قبل الملك خالد بإعلان مبايعة الملك فيصل، ما يؤكد دوره المحوري في تلك الفترات الحرجة.
خلال مسيرته المهنية، تولى الحجيلان العديد من المناصب الرفيعة، منها توليه أول وزارة إعلام في تاريخ المملكة، وأول أمين عام سعودي لمجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مهامه الدبلوماسية في عدة دول مثل باكستان والكويت وفرنسا.
وتستعرض مذكرات رجل الدولة الشيخ جميل الحجيلان الذي عاصر جميع ملوك المملكة، تحديات ومصاعب وأزمات كان شاهدا عليها ومشاركا في القرارات بشأنها ومنها بحسب صحيفة الشرق الأوسط، ملابسات إذاعته البيان التاريخي بخلع الملك سعود ومبايعة ولي العهد الأمير فيصل ملكاً على البلاد، حينما استدعاه الأمير خالد بن عبد العزيز الذي أصبح بعدها ولياً للعهد، والأمير فهد بن عبد العزيز، وزير الداخلية، والأمير مساعد بن عبد الرحمن، وزير المالية والاقتصاد الوطني، وطلبوا منه تولي قراءة البيان.
ويقول الحجيلان في مذكراته: تقرَّر أن أسافر إلى جدة، ومعي البيان لإذاعته، ونقلتني نحو الساعة الحادية عشرة صباحاً بتوقيت الرياض، طائرة (بوينغ 707) كانت الوحيدة العاملة حديثاً في الخطوط الجوية السعودية، وفي الطائرة بدأت المواجهة مع النفس، والحيرة فيما أنا مُقدِم عليه، تذكّرت كل التحولات الحاسمة في حياتي، وأنا أعدّ نفسي لقراءة البيان (بخلعه عن حكم البلاد). يا لها من محنة لم أَسْعَ بأسبابها، بل كُتِبَتْ عليَّ. شعرت بالحرج الذي لا تنفع معه دفوع.
ومن المفارقات التي يذكرها الحجيلان في مذكراته، أنه بعد أكثر من أربع سنوات من قراءة بيان خلع الملك سعود، اضطر إلى أن ينقل إلى الملك فيصل نبأ وفاة أخيه الملك سعود في العاصمة اليونانية أثينا (1969)، ويصور الحجيلان في مذكراته ردة فعل الملك فيصل في حضور الشيخ صباح الأحمد الصباح، وزير الخارجية الكويتي، في ذلك الوقت وأمير الكويت لاحقاً، فيقول: كان ردُّه كلمة واحدة، قالها لي بنبرة عالية وبلهجة المفجوع: وشْ هو؟! قالها وهو ينظر إليَّ نظرة المستنكر الكاره لما أقول! ورأيت عينيه الواسعتين تفيضان بدمع صامت من دون أن ينبس بكلمة واحدة، رفع أطراف غترته، وبدأ يجفف دموعه، التفت إلى الشيخ صباح الأحمد الصباح وقال له، على مسمع مني: والله يا أخ صباح إني تمنيت أنا وإخواني أن يبقى الملك سعود في وطنه لنكون جميعاً في خدمته كما نخدم والدنا، ولكن قضاء الله نافذ في عباده.