اتفقت القوى الدولية المجتمعة في جنيف السبت على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في سوريا لإنهاء الصراع ولكن لا تزال هناك خلافات حول الدور الذي يجب أن يلعبه الرئيس بشار الأسد في تلك العملية.

وقال مبعوث السلام الدولي كوفي عنان بعد المحادثات التي اجريت في جنيف إن الحكومة الانتقالية في سوريا يجب أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية ومن المعارضة ويتعين عليها ترتيب إجراء انتخابات حرة.

وقال عنان للصحفيين "الوقت ينفد.

"نحتاج إلى خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق. يجب حل الصراع من خلال الحوار السلمي والمفاوضات."

ووصفت محادثات جنيف بأنها محاولة أخيرة لوقف سفك الدماء المتزايد في سوريا لكنها اصطدمت بعقبات حيث تعارض روسيا -أقوى حليف للأسد- إصرارا عربيا وغربيا على ضرورة انسحاب الرئيس السوري من المشهد.

وقال البيان الختامي إن الحكومة الانتقالية يجب تشكيلها "على أساس التراضي بين الأطراف."

وحققت روسيا انتصارا بحذف فقرة في مسودة سابقة قالت بشكل واضح إن خطة السلام يجب أن تستبعد من الحكومة أي شخص من شأن مشاركته أن تقوض مصداقية الحكومة الانتقالية وتلحق الضرر بالاستقرار والمصالحة.

وظهر التناقض بين مواقف الولايات المتحدة وروسيا بعد الاجتماع بشأن ما يعنيه الاتفاق بالنسبة للأسد الذي حكم سوريا 11 عاما منذ أن خلف والده الرئيس الراحل حافظ الأسد والذي كان موضع انتقاد على المستوى الدولي بسبب شدة قمعه للانتفاضة المناهضة لحكمه.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه "سعيد" بنتيجة المحادثات. وأضاف أن النقطة الرئيسية هي أن الاتفاق لم يحاول فرض عملية انتقال على سوريا.

وقال لافروف إن الاتفاق لم يشر ضمنيا إلي أنه يجب على الأسد أن يتنحى ولا توجد أي شروط مسبقة باستبعاد أي جماعة من حكومة الوحدة الوطنية المقترحة.

ولكن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الاتفاق سيرسل رسالة واضحة إلي الأسد بأن عليه ان يتنحى.

وقالت للصحفيين "سيتعين على الأسد أن يرحل." وأضافت "ما فعلناه هنا هو أننا قضينا على تصور أنه هو ومن تلطخت أياديهم بدماء السوريين يمكنهم البقاء في السلطة."

وعقد كوفي عنان الاجتماع في مبنى الأمم المتحدة على شواطئ بحيرة جنيف في محاولة لإنقاذ خطة سلام تجاهلتها إلى حد كبير حكومة الأسد. وحذر في الافتتاح من أن الصراع في سوريا قد يفجر أزمة إقليمية ودولية.

وطرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة والحاصل على جائزة نوبل للسلام في ختام الاجتماع السؤال عما إذا كان يمكن لمن تلطخت أياديهم بالدماء أن يكونوا جزء من الحكومة الانتقالية.

وقال "يساورني شك في أن السوريين الذين حاربوا بقوة من أجل استقلالهم كي يتمكنوا من أن يحددوا كيف سيحكمون ومن سيحكمهم سيختارون أناسا أياديهم ملطخة بدمائهم لقيادتهم.

"لا يمكنني القول إنني سعيد حقا ولكنني راض عما توصلنا إليه اليوم."

وخطة عنان للتوصل إلى حل من خلال التفاوض لصراع المستمر منذ 16 شهرا هي الخطة الوحيدة المطروحة على الطاولة.

ومما يسلط الضوء على تدهور الأوضاع على الأرض دخلت القوات السورية بلدة دوما على مشارف دمشق‭ يوم السبت بعد أسابيع من الحصار والقصف. وتحدث سكان فارون عن جثث في الشوارع.

وعرضت محطة تلفزيون (آي.تي.في. نيوز) البريطانية لقطات لسحب من الدخان الأسود فوق المنازل وقالت إن طائرات حربية سورية قصفت أهدافا هناك.

وذكر نشطاء إن القوات السورية هاجمت مناطق مؤيدة للمعارضة في مدينة دير الزور وحمص وإدلب ومشارف دمشق.

وحضر وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن -روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا- محادثات جنيف الى جانب تركيا والكويت وقطر والامين العام للامم المتحدة بان جي مون والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي.

غير ان ايران -أوثق حليف لسوريا- والسعودية وهي خصم لكل من دمشق وطهران وداعمة رئيسية لقوات المعارضة التي تقاتل قوات الاسد لم تحضرا المؤتمر. ولم يحضر ايضا ممثلون عن الحكومة السورية او المعارضة.

وأبدى وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ثقة في الحل الوسط الغربي.

وقال "لقد كانت محادثات صعبة كما تستطيعون ان تستنتجوا من حقيقة اننا قضينا اكثر من تسع ساعات في مناقشته.اعتقد ان النتيجة خطوة الى الامام وهي ليست خطوة الى الامام فقط وانما خطوة للامام تستحقها."

ورحب بحقيقة ان روسيا والصين قد أيدتا فكرة تشكيل حكومة انتقالية.ولكنه ابدى اسفه لعدم التوصل لاتفاق بشأن مسألة مبيعات الاسلحة لسوريا واي خطوة في المستقبل بما في ذلك العقوبات في مجلس الامن الدولي.

ودعت الاتفاقية ايضا الى تظاهر الناس بحرية والى الافراج عن السجناء السياسيين بالاضافة الى وقف فوري لاعمال العنف.

وقال حياة علوي محلل الشرق الاوسط في كلية الحرب بالبحرية الامريكية انه يشك في ان حكومة الاسد ستقبل الخطة وان فرض تطبيقها سيكون شبه مستحيل.

واردف قائلا لرويترز من الولايات المتحدة ان"الولايات المتحدة والقوى الغربية الاخرى لن تجد اي مرونة من جانب النظام السوري وحلفائه ولاسيما روسيا.

"والدليل هو اعمال العنف المتواصلة التي يقوم بها نظام الاسد ضد الشعب السوري حتى اثناء دوران العجلة الدبلوماسية. العجلات تلف بشكل واضح دون التحرك للامام."

واضاف ان من المرجح ان يكون هذا هو السيناريو لاشهر مادامت روسيا تواصل دعم نظام الحكم السوري.

وتطور الصراع من احتجاجات سلمية ضد حكم عائلة الاسد المستمر منذ 40 عاما الى ما يشبه حرب اهلية ذات بعد طائفي.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ان ما لايقل عن 56 شخصا قتلوا في شتى انحاء سوريا يوم السبت.

وقال شاهد سوري ان القوات التركية المتمركزة على الحدود امام بلدة جندريس اطلقت نيران البنادق الالية في الهواء ردا على قصف الجيش السوري لمناطق المعارضين.

وقال ناشطون انه بعد دخول القوات السورية دوما من جديد قامت قوات الجيش بعمليات تفتيش في المستشفيات بحثا عن معارضين ومقاتلين .

وقال ابو عبدالله (50 عاما) انه واولاده الخمسة غادروا دوما خشية التعرض لهجمات من قبل القوات الحكومية.

واضاف"رأيت ثلاث جثث على الاقل على ناصية الشارع وبعض المنازل دمرت واشتعلت النار في البعض الاخر. لم يتبق داخل المدينة سوى عدد قليل من الناس.

"رأيت جثة على جانب الشارع والكلاب تجمعت حولها."

وذكرت الوكالة العربية السورية للانباء ان قوات الامن داهمت مخابيء"الجماعات الارهابية المسلحة" في دوما وقتلت أو جرحت أو اصابت العشرات.