تقطعت السبل أمام «كاشيرات مكة»، وبالأخص بعد قرار مكتب العمل في العاصمة المقدسة بإلزام المركز التجاري بدفع حقوقهن الأحد الماضي، ولكن القرار لم يتطرق إلى عودتهن للعمل، ما دفعهن للعودة إلى السير في الطرقات تحت لهيب أشعة الشمس يبحثن عن عمل يساعدهن على توفير حاجات أسرهن كون أغلبهن مطلقات، أو يتيمات.
وأكد مصدر في وزارة العمل لـ «الحياة» (فضل عدم ذكر اسمه) دعم الوزارة للمرأة من خلال توفير فرص وظيفية لها، مفضلاً عدم الحديث في قضية «كاشيرات مكة» طالما لا يوجد جديد.
وقال المصدر إنه ليس من المنطقي الحديث عن أن وزارة العمل لا تدعم المرأة، أو توفر فرصاً وظيفية لها.
وفيما يؤكد المسؤول في وزارة العمل حرص وزارته على دعم المرأة، تبدأ «كاشيرات مكة» هذه الأيام رحلة البحث عن وظائف تكفيهن شر السؤال، أو الحاجة للناس، وسط حال من القلق تنتابهن جميعاً إثر قرب شهر رمضان المبارك، علماً بأن أغلبهن يعلن أطفالاً وأسراً.
وتروي الكاشيرة السابقة مريم أحمد معاناتها في حديثها إلى «الحياة»، إذ بدأت رحلة الوظائف في سنترال مستشفى براتب يبلغ 1700 ريال، لكن أوقات الدوام لم تناسب وضعها الأسري كون فترة العمل مقسمة إلى ورديتين في النهار والمساء.
وتقول مريم «أبلغتني إحدى صديقاتي أن سوبر ماركت يوظف براتب جيد وفترة دوام واحدة، ويعلم الله أني كنت أطمح لوظيفة أجمل فلم يكن طموحي أن أعمل كاشيرة، ولكن هذا المتوفر في طريقي، ولم أجد شيئاً آخر».
وأوضحت مريم، وهي يتيمة الأب والأم وتعيش مع أخيها الذي يعاني مرضاً في القلب، أن ما بلغني في بادئ الأمر بأن الراتب الشهري يبلغ نحو 3.5 آلاف ريال، وبعد خصم التأمينات الاجتماعية يبلغ 2700 ريال، مضيفة «ورغم هذا الراتب الضئيل لم نعترض».
وحول قصة إيقافهن عن العمل بتوصية من هيئة الأمر بالمعروف، أفادت بأن رجلاً ملتحياً حضر إلى الموقع وأبلغ إحدى زميلاتها بأن تخبرها أن لا ترتدي عباءة ذات النوع المحتوي على فصوص، فأجابته بأنه ستمتثل للنصيحة رغم أن عباءتها لم تحتو على ما ذكر، ولكنهن فضلن عدم الدخول في نقاش لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولا تختلف معاناة حارسة الأمن في المركز التجاري هند محمد عن زميلتها مريم، إذ تعد مطلقة وتعول ابنها، وتقطن في منزل متهالك في إحدى حارات مكة القديمة بإيجار شهري يبلغ 900 ريال.
وتواجه هند صعوبات الحياة بلا معين أو سند كونها بلا أب أو أم، مضيفة «عملت في أماكن كثيرة كان آخرها معلمة في إحدى المدارس الأهلية في حي مسفرة براتب وقدره 500 ريال، يساعدها في تصريف أمور حياتها كونها تحصل على راتبين من حافز والضمان الاجتماعي، إذ يبلغ إجمالي دخلها الشهري 2000 ريال».
وتقول «حين سمعت عن أن مركزاً تجارياً بحاجة إلى موظفات ذهبت إليه مسرعة، لكن اشترطوا عليّ وجود كفيل وحين لم أجد وضعوني حارسة أمن، ورحبت ورضيت ولم أعترض والله، وحين تم تسجيلي في التأمينات الاجتماعية انقطع عني حافز، واليوم انأ مطرودة بلا راتب ولا حتى من «حافز»، وكم من الأشهر احتاج حتى يعاد لي «حافز» مرة أخرى».