قال لـ "الاقتصادية" مصدر مطلع في قطاع العمرة، إن السعودية أقرت رسميا مشروع سياحة ما بعد العمرة للقادمين لأداء النسك من خارجها، مشيراً إلى أن أكثر من 30 شركة مرخصا لها العمل في قطاع العمرة الخارجية، تعمل على إعداد ملفاتها واستيفاء الشروط اللازمة للتقدم بطلب الحصول على تراخيص التشغيل من الهيئة العامة للسياحة والآثار.

وبيّن زياد فارسي نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، والناطق باسم اللجنة الوطنية للحج والعمرة أنه: "سيصبح متاحاً أمام الكثير من المسلمين القادمين إلى مكة المكرمة لأداء نسك العمرة أن يبقوا في السعودية ضمن برنامج سياحي سيخصص لهم، لكن في بداية هذا المشروع الضخم الذي سيعقد له ورشة عمل موسعة بعد عيد الفطر سيقتصر التأشير لعدد من الدول كخطوة أولى".

وأفاد خلال حديثه للإعلاميين عقب ورشة عمل عقدتها غرفة مكة المكرمة في مقرها في الرصيفة، وجمعت الهيئة العامة للسياحة والآثار واللجنة الوطنية للحج والعمرة، بأن هيئة السياحة أقرت النظام بشكل رسمي، وذلك بعد أن حصلت على الموافقات اللازمة من الجهات العليا ومن الجهات المختصة كوزارتي الداخلية والحج والمديرية العامة للجوازات وبقية الجهات المعنية الأخرى بعمل القطاع.

وأشار فارسي إلى أن ورشة العمل التي جاء عقدها من أجل طرح المشروع من قبل هيئة السياحة بشكل رسمي أمام العاملين في قطاع العمرة وتوضيح آلية العمل فيه، دعت شركات العمرة إلى تقديم طلباتهم للحصول على تراخيص التشغيل الخاصة بنشاط السياحة لما بعد العمرة بجوار تصريحاتهم الأساسية الخاصة بتشغيل نشاطهم الخاص بالعمرة الخارجية.

وأضاف: "هيئة السياحة أطلقت هذا المشروع وكان لها تعاون مع الغرفة في هذا الطرح، وسنكون داعمين له وسنقدم له كل ما بوسعنا لإنجاحه"، مردفاً: "البداية لهذا المشروع ستكون من مصلحة المعتمرين القادمين من أمريكا وأوروبا وسنغافورة وماليزيا وبعض الدول الأخرى، والتوسع في البرنامج سيكون موجودا خلال الفترة المقبلة وبعد أن تكون هناك دراسة موسعة ومستفيضة للخطوة الأولى وتلافي السلبيات التي يمكن أن تحدث فيها والتطوير في جانب الإيجابيات وتعزيزه".

ولفت فارسي إلى أن العاملين في القطاع اطلعوا من خلال ورشة العمل على عرض مرئي قدمته هيئة السياحة عن البرنامج وأهدافه ورؤيته ورسالته وآلية تنظيمه وكيفية العمل به، مبيناً أن الهيئة كان لها الدور الأكبر في طرح المشروع من خلال التعاون مع غرفة مكة المكرمة، التي دعت بدورها إليه اللجنة الوطنية للحج والعمرة بحكم اختصاصها للتعاون من أجل إيجاد شراكة فاعلة تسهم في إنجاح هذا المشروع الوطني، مؤكداً أن الغرفة سيكون لها قصب السبق في البدء بالعمل في هذا البرنامج والتنسيق لإطلاقه بشكل رسمي خلال الفترة المقبلة.

ويرى فارسي، أن إمكانية إيجاد تكتلات بين شركات العمرة القائمة حالياً لإنشاء شركات كبرى متخصصة في مجال السياحة ما بعد العمرة هو أمر وارد على المدى المتوسط والبعيد، وقال: "في الوقت الحالي لا أعتقد حدوث ذلك وسيكون بشكل فردي ومحصور على الشركات القائمة والمرخص لها العمل في مجال العمرة الخارجية، كما أننا سنعقد ورشة عمل موسعة تجمع جميع المهتمين بعد عيد الفطر المقبل وسيتم من خلالها طرح جميع وجهات النظر وتحديد المتطلبات للبدء في التشغيل الفعلي".

يشار إلى أن هيئة السياحة كانت قد أعلنت خلال فترات ماضية عن قرب إطلاق برنامج سياحة ما بعد العمرة، الذي يتيح للمعتمر السياحة في السعودية خارج مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا أنها في ذلك الوقت أكدت على أن تركيزها كان منصباً على تطوير أماكن الإيواء وزيادة سعة الفنادق.

يأتي هذا الإعلان الرسمي للمشروع الضخم بعد أن تمكنت الهيئة من تخريج دفعات من المرشدين السياحيين المؤهلين للعمل في المجال خاصة فيما يخص المواقع الأثرية التي ترتبط بأحداث دينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذلك بعد فترة قليلة من إعلانها عن عزمها في البدء في تطبيق العقوبات على شركات ومؤسسات عمرة تنظيم رحلات سياحية على مواقع أثرية في مكة المكرمة دون حصولها على التراخيص اللازمة.

ومن المعلوم أن السعودية تشكّل بعدا حضاريا وتاريخيا مهما من الناحية الدينية والاقتصادية، حيث كانت ممرا مشرعا للحجاج وقوافل التجارة والرحلات المختلفة من أصقاع المعمورة، حتى أصبحت حلقة الوصل بين القارات والثقافات، ووجد الجميع فيها ما يدفعهم إلى الاستيطان فيها أو المرور عليها والتنقل فيها.

وأما مفهوم السياحة الحديث الذي ترعاه الدولة فهو يركز على المنافع المتعددة للسياحة في الجوانب الاقتصادية والثقافية والتراثية والاجتماعية والبيئية، كما أن المتاحف السعودية تحتوي على قطع أثرية عثر عليها في التنقيبات الأثرية الحديثة وتغطي قطع المعرض الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم، وفترة العُبَيْد التي تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وفترة دلمون ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخرة ففترة العهد النبوي ثم فترة الدولة الأموية والعباسية والعصر الإسلامي الوسيط والمتأخر، وأخيراً فترة توحيد السعودية.