قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اليوم السبت إن الولايات المتحدة وتركيا تدرسان كل الخيارات اللازمة لمساعدة قوات المعارضة السورية التي تقاتل من اجل الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد بما في ذلك اقامة منطقة حظر جوي مع احتدام الصراع هناك.
واردفت كلينتون قائلة للصحفيين بعد اجتماعها مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو انه ينبغي لانقرة وواشنطن الدخول في تفاصيل خطط دعم المعارضة والتوصل إلى سبيل لوقف العنف.
واشتبكت القوات السورية والقوات الاردنية على الحدود خلال الليل في حادث سلط الضوء على المخاوف الدولية من ان الحرب الاهلية في سوريا قد تشعل حربا اقليمية اوسع. كما اكدت الاشتباكات على الحاجة الماسة للتخطيط لمرحلة ما بعد سقوط الاسد.
وقالت كلينتون "أجهزة مخابراتنا وجيشانا أمامهم مسؤوليات مهمة وأدوار عليهم القيام بها ومن ثم سنشكل مجموعة عمل لتحقيق هذا الأمر."
وسئلت ان كانت مثل هذه المناقشات تشمل خيارات مثل فرض حظر للطيران في اجواء الاراضي التي يعلن المعارضون السوريون السيطرة عليها فاوضحت كلينتون ان ذلك يمثل خيارا ممكنا.
وقالت كلينتون "القضايا التي اثرتموها في سؤالكم هي بالتحديد التي اتفقت انا والوزير انها بحاجة لتحليل عميق" لكنها اوضحت انه ليس بالضرورة ان تكون هناك قرارات وشيكة في هذا الصدد.
وكان فرض مناطق حظر جوي من قبل القوى الاجنبية حاسما في مساعدة المعارضة الليبية للاطاحة بمعمر القذافي العام الماضي. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين كانوا يرفضون حتى وقت قريب القيام بدور عسكري في الصراع الذي مضى عليه 17 شهرا.
ويعتقد ان المعارضة تحصل على الاسلحة من السعودية وقطر لكنها تحصل على مساعدة غير عسكرية من الولايات المتحدة.
وقال داود اوغلو في رده على سؤال مماثل بشأن الاجراءات المقبلة ان الوقت قد حان كي تتخذ القوى الخارجية خطوات حاسمة لحل الازمة الانسانية في مدن مثل حلب التي تتعرض لقصف يومي من جانب قوات الحكومة السورية.
واستمعت كلينتون إلى روايات عن العنف في سوريا من ست لاجئات من بين نحو 55 الف لاجئ سوري في المخيمات التركية على الحدود بين البلدين. ومن بين هؤلاء امرأة (42 عاما) فرت من ادلب بعد ان اخلى جنود الاسد قريتها بالقوى واشعلوا فيها النار.
وقالت كلينتون "سمعنا حكايات رهيبة... فرت امرأة بعد ان احرقت قوات النظام قريتها وجاءت اخرى بعد ان اقتحموا بيتها وضربوها هي واطفالها."
كما التقت كلينتون ايضا بطلبة سوريين من بينهم من قال لها انه يرغب في ان تتحد المعارضة السورية في جبهة موحدة داخل سوريا وخارجها.
وتعتبر واشنطن تركيا وهي من بين اشد منتقدي دمشق الطرف الرئيسي في كل من دعم المعارضة السورية والتخطيط لما يصفه مسؤولون امريكيون بالانهيار الحتمي لنظام حكم الاسد.
ويهتم المسؤولون الامريكيون بشكل خاص بتحليل تركيا للقوى السياسية التي تظهر على الساحة مع انزلاق سوريا في الفوضى على امل ان يتمكنوا معا من فهم طبيعة الجماعات المعارضة التي تتسابق لشغل مواقع.
واشارت كلينتون ومسؤولون امريكيون اخرون في الاسابيع الاخيرة الى مكاسب المعارضين في ساحة القتال وانشقاق شخصيات عسكرية وسياسية سورية بارزة من بينها رئيس الوزراء رياض حجاب على انها علامات على ان حكم الاسد يتهاوى.
وسلطوا ايضا الضوء على اعلان المعارضين السيطرة على "ممر" يمتد من حلب الى الحدود التركية كملاذ امن محتمل للمعارضة في المستقبل يمكن ان يمثل مأزقا سياسيا للولايات المتحدة وحلفائها بشأن مااذا كانوا يدافعون عنه في مواجهة اي هجمات حكومية.
وقالت كلينتون ان واشنطن تشعر بقلق ازاء استغلال جماعات اخرى مثل حزب العمال الكردستاني الانفصالي او القاعدة للفوضى في سوريا للحصول على موطيء قدم.
واتهمت تركيا الاسد الاسبوع الماضي بتقديم السلاح لحزب العمال الكردستاني واثار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امكانية التدخل العسكري في سوريا اذا تزايد التهديد الكردي.
وقال اردوغان لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه خلال حفل افطار يوم السبت "توجد صلة وثيقة بين ما يجري في تركيا والاحداث الاخيرة في تركيا."
واضاف ان هجمات المتشددين تتزايد في تركيا كما يحاول المتشددون اقامة معقل في بعض المناطق.
ونصب اشخاص يشتبه بانهم متشددون اكراد كمينا لحافلة عسكرية تركية في غرب تركيا يوم الخميس في هجوم اسفر عن قتل جندي واصابة 11 شخصا على الاقل.
واعلنت السلطات التركية في اقليم هكاري بجنوب شرق البلاد السبت ان القوات المسلحة انتهت من عملية استمرت نحو ثلاثة اسابيع ضد مواقع حزب العمال الكردستاني حول منطقة شمندلي التي كانت مسرح قتال عنيف.
وقال اردوغان ان حزب العمال الكردستاني مني بخسائر فادحة وترك المنطقة.
ميدانيا، تواصلت الاشتباكات وعمليات القصف في حي صلاح الدين في مدينة حلب في شمال سوريا التي تستخدم فيها الطائرات الحربية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان الذي اشار الى مقتل 89 شخصا في اعمال عنف في سوريا السبت.
وبحسب المرصد فان القتلى هم 43 مدنيا، بينهم 11 من النساء والاطفال، و20 من المعارضة المسلحة و26 جنديا نظاميا. ويضاف الى هؤلاء سبعة قتلى إما توفوا السبت متأثرين بجروح اصيبوا بها سابقا او قتلوا منذ ايام وعثر على جثثهم السبت.
وبين القتلى الصحافي في وكالة الانباء السورية الرسمية سانا علي عباس الذي "اغتاله مسلحون مجهولون باطلاق الرصاص عليه في منزله ببلدة جديدة عرطوز في ريف دمشق"، بحسب المرصد.
من جهة ثانية، ذكر التلفزيون السوري الرسمي ان عبوتين ناسفتين انفجرتا في وسط العاصمة ولم تتسببا بوقوع اصابات.
وقال المرصد ان "احياء الصاخور وطريق الباب وبستان القصر وسيف الدولة والانصاري والعامرية وصلاح الدين في حلب تعرضت لقصف عنيف من القوات النظامية استخدمت فيه الطائرات المقاتلة، ما ادى الى سقوط جرحى وتدمير عدد من المنازل".
وكانت مناطق في حي صلاح الدين في جنوب غرب المدينة الذي يشهد عمليات "كر وفر وحرب شوارع"، بحسب مقاتلين، تعرضت للقصف وشهدت معارك عنيفة.
وقال قائد العمليات الميدانية في "لواء التوحيد" التابع للجيش الحر عبد القادر الصالح في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس صباح السبت ان "الجيش الحر تمكن من استعادة مواقع استراتيجية في الحي".
ويشارك "لواء التوحيد" في العمليات العسكرية في مدينة حلب على نطاق واسع.
واعلن قادة ميدانيون في الجيش الحر قبل يومين انسحاب مقاتليهم من صلاح الدين، فيما اعلن الاعلام الرسمي السوري سيطرة قوات النظام على الحي.
في دمشق، افاد شهود عن سماع اصوات طلقات نارية كثيفة في بعض الشوارع في وسط العاصمة.
وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان "مجموعة ارهابية مسلحة فجرت عبوة ناسفة في منطقة المرجة" في وسط العاصمة "واطلقت النار عشوائيا لاثارة الذعر بين المواطنين".
واشارت الى ان "الجهات المختصة القت القبض على المجموعة".
في المقابل، قال ناشطون ان سبب الانفجار "قذيفة آر بي جي اطلقها عناصر الجيش الحر على رتل أمني بالقرب من جسر فكتوريا تبعته اشتباكات استمرت قرابة 15 دقيقة". وبث هؤلاء شريطي فيديو على موقع "يوتيوب" على الانترنت تظهر فيه حالة هلع كبيرة بين الناس بعد حصول الانفجار، واطلاق ابواق السيارات، ومواطنين يركضون في وسط الطريق.
واعلن النظام في 4 آب/اغسطس استعادة السيطرة على مدينة دمشق بعد معارك عنيفة. الا ان مواجهات محدودة لا تزال تسجل بين الوقت والآخر في بعض الاحياء، لا سيما الجنوبية منها المتاخمة لريف دمشق.
وفي سياق المواقف الدولية دعا وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الى احالة الرئيس السوري امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وقال الوزير في مقابلة نشرت مقاطع منها الاحد "من المفضل ان يمثل الاسد امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي"، مضيفا ان مسألة النفي الطوعي للرئيس السوري لحقن الدماء تبقى واردة. وقال "في حال تمكنا من تجنب وقوع مزيد من القتلى عبر نفي طوعي للاسد فان الملاحقات القضائية لن تكون عندها النقطة الاهم".
واضاف "هذا بالطبع لا يتناسب مع نظرتي الى العدالة، الا ان الاهم بالنسبة الي هو وقف سقوط القتلى وافساح المجال امام مستقبل ديموقراطي وهادىء في سوريا".
ومرة جديدة رفض الوزير الالماني فكرة التدخل العسكري في سوريا. وقال ان "التدخل العسكري يزيد المشاكل بدلا من ان يخفض عددها لان هناك احتمالا لتفشي العنف".
انسانيا وصلت الى العاصمة الاردنية عمان السبت طائرة فرنسية محملة بثمانين طنا من المساعدات الطبية العاجلة الى اللاجئين السوريين في المملكة.
كما زار وزير الخارجية الكندي جون بيرد السبت اول مخيم رسمي للاجئين السوريين شمال الاردن قرب الحدود مع سوريا، معلنا مساعدات جديدة لهم.