بعد عام من الجدل الذي أثاره منهج الحديث للصف الأول الثانوي باحتوائه درساً يتحدث عن خطر الابتعاث على قيم كثير من المبتعثين وعقائدهم، عملت وزارة التربية والتعليم على استبعاده من منهج الحديث للعام الدراسي الحالي، بعدما اعتبرته «مبالغة من المؤلف» في الهجوم على مشروع الابتعاث، الذي استفاد منه أكثر من 150 ألف مبتعث ومرافق على مدى السنوات السبع الماضية.
ومع أن الوزارة لم تغيّر عنوان الدرس، وهو «الابتعاث: أحكامه وآدابه»، إلا أنها أعادت صياغة محتوياته بدرجة كبيرة، واستبعدت منه عنواناً هو «خطر الابتعاث»، وأضافت نشاطاً يُناقش فيه الطلاب أهمية الزواج للمبتعث قبل السفر درءاً للفتنة. وآخر يلفت إلى رحلات طلب العلم التي درج عليها علماء السلف من الصدر الأول للإسلام، لكنّه استدرك بتأكيده أن هذه الرحلات العلمية كانت إيجابية ومثمرة، لأنها داخل البلاد الإسلامية التي كانت قبلة العلم ومقصد طلابه، وأنه لم يكن لها من الآثار السلبية ما صاحب كثيراً من البعثات في العصر الحاضر.
وخفّف الدرس حدة اللغة تجاه الابتعاث، واعتبر تحصيل العلوم التطبيقية والطب وإجادته على الطريقة الغربية فرض كفاية على المسلمين، إذا لم يقوموا به أثموا، لما يترتب عليه من الوفاء بمصالح المسلمين والارتقاء بأسباب حياتهم ومعيشتهم خصوصاً مع «تخلف العالم الإسلامي فيها»، أما في تفصيل عن أحكام الابتعاث وآدابه، فأجاز الدرس الابتعاث بشرط أن تدعو الحاجة إلى درس بعض العلوم النافعة التي يكون في تعلمها مصلحة للمسلمين، ولا يوجد لها نظير في البلاد الإسلامية، وعندها يجب على المبتعث التحلي بجملة من الأخلاق والآداب، أهمها: «أن يأمن المبتعث على دينه، وأن يكون على مستوى كبير من النضج العقلي ليميز الضار والنافع، وأن يُحاط بالجو النظيف، وأن يأخذ من العلوم والمعارف المختلفة، وهو معتز بدينه وثقافته الإسلامية».
وكان تقرير نشرته «الحياة» مطلع العام الدراسي الماضي في 14 أيلول (سبتمبر) 2011، بعنوان: «مواضيع جريئة في منهج الحديث تُهاجم الابتعاث وتتحدث عن خطره»، أثار جدلاً واسعاً في السعودية التي يدرس من أبنائها وبناتها أكثر من 120 ألفاً في دول غربية وآسيوية عدة مع مرافقيهم الذين يزيدون على 100 ألف مرافق، مستفيدين من برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي الذي انطلق في العام 2005، ويستمر حتى العام 2015، الأمر الذي دفع بوزارة التربية والتعليم إلى أن تقدم اعتذارها رسمياً، باعتبار ما جاء في منهج الحديث «مبالغة من المؤلف» ستتم معالجتها.
يُذكر أن درس الابتعاث في منهج العام الماضي لفت إلى خطورة الابتعاث، لجهة افتتان الطالب الناشئ بقيم مجتمع متقدم ومنظم، ويُنحي الدين وقيوده جانباً عن نظام الحياة، مشيراً إلى أن وجود المرء مدة طويلة في مجتمع منحرف في عقائده وقيمه وسلوكه يجعله يتأثر بأعراف ذلك المجتمع وقيمه وعاداته، وأن نسبة الذين يسلمون من هذا التأثير قليلة.