لم يعد العمل في المباحث والاستخبارات حكرا على أمن الدول، بل بات أيضا، وفي السعودية، مهمة إلزامية في أروقة وصفوف الصروح المدرسية، حيث تتهافت على تلك المهمة عدد من الطالبات لكسب رضا المعلمات والمديرة ولكن تحت اسم «طالبة نظام سرية» لا يعلم أحد من قريناتها عنها سوى من نصبها لتلك المهمة. دور طالبة النظام السرية، هو البحث عن المعلومة التي قد تضر الطالبة دون علمها أو إيجادها بطريقة ما ونقلها بوسائل فكرية تعبيرية وفق استيعاب طالبة النظام السرية للإدارة والتي هي الأخرى تؤكد ما ذكرته الطالبة السرية، لتبدأ في فتح تحقيق أو فرض عقاب أو التشهير بالطالبة المعنية بصورة غير مباشرة.
وحول ذلك صرحت لـ«الشرق الأوسط» مسؤولة في إدارة التعليم التابعة لوزارة التربية والتعليم بالسعودية بأن ما تتبعه بعض المدارس المتمثلة في إدارتها من تكليف طالبات بمهام تندرج تحت اسم دخيل على التعليم وهو «طالبة نظام سرية»، يعد اختراقا وانتهاكا للمسمى والدور التربوي الحقيقي الذي تسعى وزارة التعليم لترسيخه داخل صروحها، كما أنه، وبحسب قول التربوية - التي فضلت عدم ذكر اسمها - يعتبر «بناء سيئا ومؤسفا لشخصية الطالبة ولا نحث عليه ونرفضه رفضا تاما».
وحول الأسلوب التربوي الدخيل الذي انتقدته المسؤولة التربوية وما إذا كان هذا المسمى متعارفا عليه داخل أروقة وزارة التربية والتعليم، قالت: «هذا يعد قصورا شديدا في الفهم من قبل المعلمة فنتائجه التربوية ستنعكس سلبا على الطالبة المكلفة بتلك المهمة، وفي حال ورد بلاغ يؤكد أن هناك مدارس تعتمد هذا النوع من التكليف فستحاسب وسنعمل على توعية المعلمة بمدى سوء هذا السلوك غير التربوي». كما أكدت المسؤولة أن هناك جهة متمثلة في التوجيه والإرشاد تعتبر المسؤول الأول عن تلك القضايا ومعالجتها بشكل سليم والتنويه بمضاعفاتها السلبية، حيث إن تلك الممارسات التكليفية تجري في الخفاء دون علم إدارة التعليم بها.
وحول ذلك الموضوع استطلعت «الشرق الأوسط» بعض الآراء، ومنها مريم العمري (معلمة) والتي أكدت بدورها أن فكرة طالبات النظام السريات تعد حقوقيا انتهاكا لطفولة الطالبة واجتماعيا توحي بالتعود على سلوك غير محبب حيث تجد تلك الطالبة السرية من نقل الخبر والفتنة وسيلة تكسب بها من حولها أو من هم مسؤولون عنها وقد يتفاقم الوضع بحسب قولها ليصبح طبعا سلبيا يعكس رداءة أخلاق الفتاة، حيث إنه من الممكن أن تزايد الطالبة السرية في المعلومة التي حصلت عليها من باب أهمية ما يمكنها عمله كطالبة سرية ولتحتفظ بها تلك المسؤولة على مر الأعوام الدراسية كطالبة محببة تجيد الكذب على قريناتها لتكسب ثقتهن فيبحن بأسرارهن لها.
ومن وجهة نظر أخرى للباحثة الاجتماعية ميسم العايض قالت: «أرى أن فكرة تجنيد الطالبات كطالبات سريات لصالح المعلمة أو مديرة المدرسة تعد خطوة سلبية تتحمل نتيجتها الطالبة وتنعكس على سلوكها الاجتماعي بالسلب وقد يدفع قريناتها إلى النفور منها وينمو معها ذلك السلوك حتى تكبر وتؤثر به على أسرتها وربما أطفالها».
مي يوسف (طالبة بالمرحلة المتوسطة) تذكر معاناتها التي كان سببها ذلك التكليف، حيث قالت: «كنت طالبة سرية طوال السنوات الثلاث الأخيرة في المرحلة الابتدائية وبعد أن وشيت بإحدى صديقاتي التي باحت لي بسر يخص أسرتها والذي لا يعلم به غيري في وقتها انكشف أمري وابتعدت الباقيات عني، ولأن أمري كشف فلم يعد لي قيمة لدى معلمتي التي كلفتني لأنها تعلم جيدا أنني لن أتمكن من جلب غنيمة من الأسرار إليها نتيجة ابتعاد الطالبات عن مجالستي ومصاحبتي».