أفلت سيف الله بن حسين زعيم فرع جماعة أنصار الشريعة في تونس من الفرار من مسجد كانت تحاصره قوات الأمن سعيا لاعتقاله بسبب اشتباكات وقعت عند السفارة الأمريكية الأسبوع الماضي.

واقتحم المئات من أتباع الشيخ السلفي المكنى بأبي عياض مسجد الفتح في العاصمة، وكان بعضهم يحمل العصي، مما أثار الفزع بين المارة.

وقال شهود إنه قبل ذلك بدقائق تراجع نحو ألف من قوة شرطة مكافحة الشغب وقوات مكافحة الإرهاب لنحو 200 متر من المسجد لأسباب غير معروفة، ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين بوزارة الداخلية.

وحاصرت تشكيلات أمنية، من قوات مكافحة الإرهاب، لأكثر من ثلاث ساعات جامع الفتح وسط العاصمة تونس، وهذا ما عاينه مراسل "العربية.نت"، حيث ألقى "القائد" السلفي سيف الله بن حسين، محاضرة وسط أكثر من ثلاثمائة من أنصاره.

وتحمل الحكومة التونسية أبو عياض مسؤولية قيادة وتدبير حادثة التحرك ضد السفارة الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، والتي نجمت عنها مصادمات أدت إلى مقتل أربع وجرح المئات، ووجود حالات خطرة بالمستشفى إلى الآن.

وتناقلت مواقع على الإنترنت قريبة من السلفية مقاطع من كلمة أبي عياض اليوم، من أبرز ما جاء فيها دعوته وزير الداخلية للاستقالة على خلفية أحداث الجمعة.

وقال: "تهديدات وزير الداخلية لا تخيفني.. والحكومة الحالية- التي يقودها حزب النهضة الإسلامي- دكتاتورية، وتعمل على جعل السلفيين عدوها الأول".

وكانت قوات الأمن قد داهمت ليلة الجمعة الماضية، بيت أبي عياض بأحد ضواحي العاصمة تونس، ولم تتمكن من القبض عليه. وكانت أفادت تسريبات- غير رسمية- بعد انسحاب قوات الأمن من محيط الجامع- أنه تم القبض على أبي عياض، وهو ما لم يتأكد بصفة رسمية.

سيف الله بن حسين المكنى بأبي عياض، يبلغ من العمر 47 عاماً، ولد وترعرع في تونس العاصمة، كانت له أنشطة إسلامية في تونس خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، كان مطاردا من السلطات الأمنية خلال الحملة التي شنتها السلطة على الإسلاميين.

في العام 1991 غادر إلى المغرب لمواصلة دراسته، لكن المطالبات التونسية طالته هناك، ومن هناك اتجه إلى لندن حيث طلب اللجوء السياسي في العام 1994.

ونشط أبو عياض مع الجماعات الإسلامية في لندن دون أن يتلقى إجابة على طلبه للجوء، وفي العام 2001 وحينما كان متخفيا في الباكستان أصدرت سلطات الهجرة قرارا برفضها مطلب أبو عياض.

كان اسم "أبو عياض" معروفا لدى دوائر الاستخبارات الغربية التي تتهمه بالعلاقة مع تنظيم القاعدة وتشير التقارير إلى تزعمه ضمن عدد من التونسيين لتأسيس الجماعة التونسية المقاتلة التي وردت ضمن لائحة الولايات المتحدة الامريكية كمنظمة إرهابية.

تأثر الشيخ سيف الدين بن حسين بالشيخ أبو قتادة في لندن، وكان ملازما له معجبا بأفكاره ويستشهد في خطبه بعدد من فتاويه وخطبه.

في شهر أبريل 2001 وبعد أشهر قليلة من سقوط نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي سعى سيف الدين بن حسين مع عدد من القيادات الدينية السلفية، ومن بينهم عدد من القيادات العائدة من أوروبا والمفرج عنها من السجون التونسية إلى تأسيس حركة أنصار الشريعة، بمدينة سكرة في إحدى ضواحي العاصمة التونسية.

وكان سعي هذا المؤتمر توحيد شتات الجماعات السلفية التي عانت من الملاحقة والسجن والمنافي في العهد السابق على غرار بقية النشطاء الإسلاميين.

برز اسم سيف الله بن حسين والمعروف على نطاق واسع بـ"أبو عياض" في الظهور كقائد لما بات يعرف بالسلفية الجهادية، حيث يعبر عن ذلك بنفسه وكناطق باسم التيار السلفي الجهادي في تونس.

يفخر أبو عياض في تصريحاته الصحفية إلى الصحف التونسية وفي خطبه بتعاطفه مع تنظيم القاعدة ويؤكد تلقيه لتدريبات في أفغانستان، وتأسيسه للجماعة التونسية المقاتلة في العام 2000 في أفغانستان.

وأتاحت له مواهبه القيادية تقديرا كبيرا من الشباب السلفي في تونس، الذي يحضر بالمئات وأحيانا بالآلاف خطبه النارية، مثل تلك التي ألقاها في صلاة الغائب في الذكرى الأولى لمقتل أسامة بن لادن.

وقال حينها "قُتِل شيخنا وقائدنا ونحسبه في الشّهداء، ماذا نصنع؟ ما المطلوب؟ المطلوب منا هو موقف الصّدّيق رضي الله عنه لما رأى موقف الصحابة و تكذيب عمر بوقوع المُصاب رغم عظمة عمر ورغم شِدّته لم يُصدق، قام الصديق (هذا هو الموقف الذي تحتاجه الأمة اليوم) وقال "من كان يعبد محمدًا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم".

ورغم دفاعه عن تنظيم القاعدة فإن أبو عياض في تصريحات صحفية ينفي انتماءه للتنظيم ويقول إنه حكم بعشرين سنة سجنا نتيجة هذه التهمة، مشددا في حديث إلى جريدة الصباح التونسية بتاريخ 26 مارس 2012 أنه يحمل فكر التنظيم لأنهم أهل الحق على حد قوله ونصرتهم واجبة في العالم.

ويعرف عن أبي عياض عداؤه الشديد للحكومة وكذلك لوزير الداخلية المنتمي لحركة النهضة الإسلامية علي العريض، حيث يتهمه بتعذيب السلفيين داخل السجون على خلفية ما نسب للتنظيم من اتهامات تتعلق ببعض الأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد خلال السنة الحالية والماضية .

ويرتبط الشيخ أبو عياض بعلاقة قوية مع المرجع الروحي للجماعات السلفية في تونس الخطيب الإدريسي.