اطلق مسلحون من حركة طالبان الباكستانية النار الثلاثاء على فتاة باكستانية ناشطة في الدفاع عن حقوق الاطفال فاصابوها في راسها بسبب الحملات التي شنتها تاييدا لحق الفتيات في التعليم في وادي سوات الذي كان يسيطر عليه المسلحون المتشددون.
واثار الحادث الذي تعرضت له ملالا يوسفزاي (14 سنة) مشاعر الصدمة والاستنكار لدى العديد من الباكستانيين.
وتم نقلها الى قسم العناية المركزة في مدينة بيشاور شمال غرب البلاد حيث يبذل الاطباء جهودا كبيرة لانقاذ حياتها.
وذكرت الشرطة ان فتاتين اخريين اصيبتا في الهجوم على الحافلة المدرسية التي كانت تقل ملالا، والذي اعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عنه وقالت ان اي شخص يتحدث ضد الحركة سيلقى نفس المصير.
واجرى فريق من كبار الاطباء فحصا طبيا للفتاة في وقت متاخر من الثلاثاء في المستشفى العسكري، وقالوا ان حالتها حرجة.
وصرح احد الاطباء في المستشفى لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته لانه غير مصرح له التصريح للاعلام "لقد قمنا بفحصها بدقة، وهي في حالة حرجة. فقد انتقلت الرصاصة من رأسها واستقرت خلف كتفها قرب الرقبة".
واضاف ان "الايام الثلاثة او الاربعة المقبلة مهمة بالنسبة لحياتها. وهي في وحدة العناية المركزة وشبه غائبة عن الوعي، ولكن لم يتم وضعها على جهاز تنفس".
وفي وقت سابق قال الطبيب تاج محمد في مستشفى مينغورا سيد شريف لفرانس برس ان "رصاصة اصابت جمجمتها لكن مخها لم يصب، انها ليست في خطر".
واشتهرت ملالا على المستوى العالمي عندما كشفت في مدونة على البي بي سي قبل ثلاث سنوات عن الفظاعات التي كانت ترتكبها حركة طالبان المتشددة اثناء سيطرتها على وادي سوات حيث كان عناصر الحركة بقيادة رجل الدين المتشدد مولانا فضل الله يحرقون مدارس الفتيات ويروعون الوادي.
ولقيت حملاتها صدى لدى عشرات الاف الفتيات اللواتي حرمهن المسلحون الاسلاميون من التعليم في شمال غرب باكستان حيث تقاتل الحكومة حركة طالبان الباكستانية منذ العام 2007.
واستعاد الجيش الباكستاني في 2009 السيطرة على وادي سوات بعد حملة واسعة النطاق لطرد طالبان.
وحازت الفتاة السنة الماضية على اول جائزة للسلام الوطني من الحكومة الباكستانية، وذكر اسمها في 2011 بين المرشحين لجائزة السلام الدولية للاطفال التي تمنحها لمؤسسة كيدس رايتس.
واثار الحادث الذي وقع في وضح النهار في بلدة ميغورا الرئيسية في الوادي الذي يشتهر بمناظره الخلابة، مخاوف حقيقية حول الامن بعد اكثر من ثلاث سنوات من استعادته.
وتغيرت افادات الشرطة عن الحادث خلال النهار. ففي البداية صرح ضابط لوكالة فرانس برس ان ملالا اصيبت بينما كانت تصعد الى الحافلة، الا انه قال في وقت لاحق ان مسلحا اوقف الحافلة بعد ان قطعت مسافة قصيرة.
واضاف ان "احدهم، وكانت له لحية قصيرة، دخل الى الحافلة وسأل الاطفال من منكم ملالا .. واطلق ثلاث رصاصات، اصابت احداهما راسها. بينما اصابت الثانية كتف زميلتها، واحدثت الثالثة اصابة طفيفة في ساق فتاة اخرى في الحافلة".
وقال انشاء الله احسان المتحدث باسم طالبان لوكالة فرانس برس ان الجماعة الاسلامية نفذت الهجوم بعد ان حذرت ملالا مرارا وطلبت منها التوقف عن الحديث ضدهم.
واضاف في مكالمة هاتفية من مكان مجهول "انها فتاة ذات عقلية غربية. ودائما ما تتحدث ضدنا. وسنستهدف اي شخص يتحدث ضد طالبان".
وتابع "لقد حذرناها مرارا بان تتوقف عن الحديث ضدنا، والتوقف عن دعم المنظمات الاهلية الغربية وأن تسير على طريق الاسلام".
ودان الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري الهجوم بشدة، الا انه قال انه لن يزعزع عزم باكستان على مكافحة المسلحين الاسلاميين أو تصميم الحكومة بدعم تعليم المرأة.
ودانت منظمة العفو الدولية "عمل العنف الصادم" ضد فتاة ناضلت بشجاعة من اجل حق التعليم.
وقالت المنظمة التي مقرها لندن "هذا الهجوم يؤكد على الجو الخطر للغاية الذي يحيط بناشطي حقوق الانسان في شمال غرب باكستان حيث تعيش الناشطات بشكل خاص تحت تهديد مستمر من طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة".
وقال وزير الاعلام المحلي ميان افتخار حسين ان ملالا استهدفت لانها "رمز للسلام" ودعا الى شن هجوم عسكري واسع ضد المسلحين الاسلاميين في شمال غرب باكستان.
وكان عمر ملالا لا يتعدى 11 عاما عندما بدأت في كتابة مدونتها بلغة الاوردو على موقع البي بي سي ولكن دون الكشف عن اسمها. كما ظهرت في مقالين وثائقيين لصحيفة نيويورك تايمز.
وفي تقرير اخباري بثته البي بي سي في 2011 قرأت ملالا مقطتفات من مذكراتها كشفت عن الخوف الذي عانت منه في ظل طالبان.
وجاء فيها "لقد كنت خائفة جدا لأن طالبان اعلنت بالامس بان على الفتيات التوقف عن الذهاب الى المدرسة".
وقالت "اليوم قالت المديرة امام التجمع الصباحي في المدرسة ان الزي المدرسي لم يعد اجباريا، وابتداء من الغد على الفتيات أن ياتين الى المدرسة بثيابهن المعتادة. ولم تأت الى المدرسة اليوم سوى 11 فتاة فقط من اصل 27 فتاة".
ورغم اعمال العنف المتفرقة، الا ان الحكومة تحاول تشجيع عودة السياحة الى وادي سوات الذي كان سابقا يلقب باسم "سويسرا باكستان" لمناظره الجبلية الخلابة وجوه الصيفي اللطيف وثلوجه المناسبة للتزلج في الشتاء.
والاربعاء من المقرر ان تجري شركة الطيران الباكستانية الحكومية رحلة تجريبية الى بلدة سيدو شريف المجاورة لمينغورا لاول مرة منذ توقف تلك الرحلات بسبب اعمال العنف.