بعد صك المليار الذي كشفت محكمة الاستئناف بمكة المكرمة تورط كاتب عدل في تزويره، طالبة إحالة ملف القضية إلى الجهات الأمنية، هدد قاض بالمحكمة الإدارية بجدة أول من أمس، بإحضار كاتب عدل آخر بالقوة الجبرية حال استمرار رفضه الحضور إلى المحكمة، لاستكمال محاكمته في تهمة تزوير صك أرض مساحتها 4.6 ملايين متر مربع بمنطقة ذهبان شمال جدة.
وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة، أن الصك محل تهمة التزوير يطوق أراضي بمنطقة ذهبان تتجاوز قيمتها السوقية 5 مليارات ريال، باعتبار أن سعر المتر الواحد يتجاوز 1100 ريال، كاشفة عن أن الادعاء العام قدم لائحة اتهام كاتب العدل إلى المحكمة الإدارية، متضمنة اتهامه بتسلم نحو 10 ملايين ريال من رجل أعمال لقاء تزوير محررات رسمية في صك أرض شرق طريق المدينة بذهبان، مساحتها 4.6 ملايين متر مربع، إضافة إلى رجلي أعمال وموظفين في كتابة العدل بجدة، لقاء مساهمتهم في الجريمة بحسب لائحة الاتهام.
وأوضحت المصادر أن كاتب العدل المتهم كشفت قضيته ضمن متهمين آخرين في التحقيقات التي أجرتها اللجان المختصة بتتبع المتهمين في كارثة سيول جدة، وأن اعترافات المتهم في التحقيقات تضمنت استشهاده بأسماء قيادية في عدة جهات، ومنها قيادات في كتابة العدل، وهو أحد المعترفين ضد قيادي سابق في كتابة عدل جدة، وأعدت له لائحة اتهام في قضايا غسل أموال تولتها هيئة التحقيق والادعاء العام، ثم تسلمت هيئة الرقابة والتحقيق ملف المتهم، وأعدت قرار الاتهام الذي تسلمت المحكمة الإدارية حيثياته الأسبوع الماضي، قبل أن تبدأ في عقد جلسات محاكمته أول من أمس.
وفيما حذر قاضي المحكمة الوكيل القانوني لكاتب العدل المتغيب عن الجلسة بأنه سيتم اللجوء للقوة الجبرية لإحضار موكله، في حال تكرر تغيبه عن الجلسات، تضمنت لائحة الاتهام الموجهة لكاتب العدل، ارتكاب جريمة التزوير في محررات رسمية عائدة للسجلات الثابتة لكتابة العدل، عبر إحداث وقائع غير صحيحة مكان وقائع صحيحة، وذلك في صكوك تختص بأرض في ذهبان مساحتها 4.6 ملايين متر مربع، بموجب حجة استحكام لا أساس لها، وقيامه بإفراغ أرض من البائع، وهو المتهم الثالث "رجل أعمال"، إلى المشتري وهو رجل أعمال آخر "المتهم الثالث"، حيث تبين فيما بعد أن البائع الذي حضر هو شخص منتحل لشخصيته، وليس هو شخصيا، ومن ثم تمليكها للمتهم الثاني، وإصدار كاتب العدل الصك بذلك، لقاء أخذه مبلغ 10 ملايين ريال رشوة من المتهم الثاني، وإخلاله بواجبات وظيفته وإصداره صك أرض لا أساس له، فيما وجهت لبقية المتهمين الأربعة مساعدة المتهم الأول للإخلال بوظيفته، والمساهمة في ارتكاب المتهم الأول جريمة تزوير وتغيير وقائع صحيحة في الصك محل الاتهام، بمساعدة المتهمين الثاني والثالث، ووساطة الرابع والخامس.
وفي نهاية الجلسة، طلب المتهمان الثاني والثالث إمهالهما لإعداد رد مفصل على ما جاء في قرار الاتهام، وتأجيل نظر الدعوى، وبناء عليه قررت الهيئة القضائية للمحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى 20 محرم القادم، والكتابة للمتهمين المتغيبين للحضور في موعد الجلسة.
وفي جلسة منفصلة عقدتها ذات المحكمة أمس، اعترف رئيس بلدية فرعية سابق خلال محاكمته بشراء 11 قطعة أرض في منطقة ذهبان التي عمل بها سابقا كرئيس للبلدية، بهدف الاستثمار، متوقعا أن ترتفع أسعار الأراضي في تلك المنطقة بحكم عمله وعلمه بالمنطقة، وأنه اشترى هذه الأراضي باسمه، ولكنها تعود لشركائه في الشركة التي تعود لأسرته.
وبعرض ما ذكر على ممثل الادعاء، ذكر أن المتهم اعترف بصحة ما نسب إليه، وصادق على اعترافه شرعا، وتضمن الاعتراف حقائق وأقوالا لم تكن لتعرف لولا أن المتهم يعرفها. وأفاد الادعاء بأن أقوال المتهم أمام المحكمة تؤكد على الاستغلال التام لنفوذ وظيفته بحصوله على أراضي بالمنطقة التي يعمل بها. واكتفى الجميع بما ذكر، وفي نهاية الجلسة منح القاضي المتهم مهلة أخيرة لتوفير دليل براءة، وطالبه بإحضار رجل أعمال آخر ادعى أنه شريك له للشهادة فيما يختص بالقضية. ووعد المتهم بإحضار الشاهد، وقررت المحكمة حجز القضية إلى 19 محرم المقبل لإصدار الحكم فيها.