وسع الجيش المصري إنتشاره في مدينة بور سعيد المطلة على البحر المتوسط، بعد اندلاع مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين خرج بعضهم للتنديد بسياسات الرئيس محمد مرسي، بينما كان آخرون يحتجون على حكم قضائي صدر أمس بإدانة واحد وعشرين متهما في مقتل أكثر من سبعين شخصا العام الماضي، خلال مباراة لكرة القدم جرت في المدينة.
وشهدت المدينة مقتل واحد ثلاثين شخصا، وجرح أكثر من ثلاثمئة آخرين.
واشنطن ولندن تغلقان سفارتيهما
أعلنت السفارتين الأمريكية والبريطانية في مصر يوم الأحد إغلاق أبوابهما بسبب الظروف الأمنية في القاهرة والتي تشهد أعمال عنف في الذكرى الثانية للانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وقالت السفارة الأمريكية في بيان عبر موقعها الالكتروني على الانترنت إنها علقت تقديم الخدمات العامة بما فيها اصدار التأشيرات وخدمات الرعايا الأمريكيين ومركز المعلومات.
كما قالت السفارة البريطانية إنها ستغلق أبوابها أمام الجمهور يوم الأحد. ونشرت السفارة أرقاما تليفونية عبر موقعها على الانترنت للتواصل مع الرعايا البريطانيين.
وصدت قوات الأمن هجوما على هيئة ميناء بورسعيد. وقال مدير أمن الميناء العميد أحمد فراج إن مجموعات غاضبة هاجمت الميناء ونجحت حراسة الهيئة في التصدي لها.
وكان بين القتلى اثنان من أفراد الشرطة أحدهما ضابط سقطا خلال تأمينهما سجن بورسعيد من الاهالي الغاضبين فور النطق بالحكم بإعدام 21 مدانا في أحداث استاد بورسعيد العام الماضي.
كما قتل في اعمال العنف اثنان من لاعبي كرة القدم، هما حارس مرمى النادي المصري البورسعيدي السابق تامر الفحلة ومحمد الضظوي وهو لاعب في احد الاندية البورسعيدية المحلية.
واتسعت رقعة الاشتباكات التي بدأت في محيط سجن بورسعيد الذي يحتجز فيه المدانون الصادر في حقهم أحكام السبت، لتشمل أيضا قسمي شرطة آخرين بالمدينة.
ودخلت قوات الجيش المدينة بعد مفاوضات مع مواطنين اعترضوا طريقها ولم تستخدم العنف، بحسب شهود العيان.
وقال شهود عيان إن قوات الجيش تهيمن الآن على محيط السجن الذي شهد انطلاق الشرارة الأولى للاشتباكات في أعقاب النطق بالحكم في قضية شغب أعقب مباراة أقيمت باستاد المدينة قبل عام.
وبالإضافة إلى السجن، سيطرت قوات الجيش على أقسام الشرطة بالمدينة التي هيمن لبرهة على اثنين منها على الأقل محتجون غاضبون.
مناشدة بالتزام الهدوء
طالبت القوات المسلحة مواطني بورسعيد والسويس بضبط النفس والحفاظ علي الممتلكات العامة للدولة ،مؤكدة أن حرية التعبير السلمي عن الرأي حق مكفول ولكن دون المساس بمصالح الوطن .
وناشدت القوات المسلحة في بيان لها ، مواطني بورسعيد والسويس بضبط النفس والحفاظ علي الممتلكات العامة للدولة .
ودعت ابناء الوطن للتكاتف قائلة :"الوطن بحاجة ماسة الي تكاتف ابناؤة لعبور المرحلة الراهنة ،القوات المسلحة تمارس مهامها الوطنية في الحفاظ علي منشأت البلاد .".
وشددت علي ان القوات المسلحة ستتصدي بكل حزم لكل من يحاول ترويع المواطنين او المساس بامن الوطن واستقرارة .
كما تسلمت القوات المسلحة مبنى هيئة الإرشاد ومقر هيئة الميناء.
وقطعت المياه عن معظم أحياء المدينة لساعات في الظهيرة، وحذرت مديرية الكهرباء من احتمال انقطاع الكهرباء ليلا بعد هجمات طالت المحولات الرئيسة، وقال أحمد سمير الصحفي المقيم بالمدينة لبي بي سي إن حركة القطارات من المدينة وإليها متوقفة تماما.
وبحلول الليل، صمت صوت الرصاص الذي سمع طوال النهار في جنبات المدينة، وخلت الشوارع من المارة والسيارات بعد أن كانت دراجات نارية تجوب شوارعها وتشيع الذعر بين السكان .
ولكن مراسلنا في بور سعيد عطية نبيل يقول إن الهدوء عاد الى المدينة.
كما اندلعت مواجهات بين الشرطة المصرية ومتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة.
في هذه الأثناء، أصدر مجلس الدفاع الوطني، بيانا تلاه وزير الاعلام صلاح عبد المقصود، دعا فيه الى إجراء حوار وطني موسع، بينما أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني المصرية أنها ستقاطع الانتخابات البرلمانية المقبلة إذا لم يستجب الرئيس المصري محمد مرسي لمطالب، من بينها تعديل الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وقال أحمد البرعي نائب رئيس حزب الدستور إن الجبهة ستدعو لمظاهرات حاشدة يوم الجمعة المقبل إذا تجاهل مرسي مطالبها:
وفي السويس، امتدت النيران المشتعلة في قسم شرطة المدينة جراء إلقاء المتظاهرين لقنابل المولوتوف عليها لتلتهم مبنى القسم بالكامل، اتجهت بعدها أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى مديرية أمن السويس.
ونتيجة لغياب قوات الأمن، بدأت بعض مظاهر عمليات السلب والنهب من قبل من سماهم أحد الصحفيين بالسويس "البلطجية"، للمحلات الواقعة في محيط القسم، حيث حاصر المتظاهرون القسم من جهات ثلاث، بينما يقع مبنى الإطفاء الذي احترق تماما أيضا في الجهة الرابعة في ظهر مبنى القسم.
عقد الرئيس محمد مرسي السبت اجتماعا هاما مع مجلس الدفاع الوطني لمتابعة الاضطرابات التي تشهدها مصر.
الاخوان: "الإعلام مضلل"
ووصفت جماعة الإخوان المسلمين، الإعلام بـ"المضلِّل" وانتقدت دوره فيما سمته "شحن" الناس بالكراهية ضدَّ النظام وحضهم على الخروج على الشرعية، ونشر خطط التخريب قبل تنفيذها بأيام.
وقالت الجماعة في بيان لها السبت "إن هناك من دبَّر لهذا الأمر وموَّلَه وكرَّره في عدد من المحافظات، كما أن صمت الأحزاب السياسية المعارضة عن إدانة هذه الجرائم، يقطع بأنهم يمنحونها الغطاء السياسي والتأييد الضِّمني".
وأضافت الجماعة فى بيانها بأن جماهير الشعب "سوف تظل مُصِرَّة على استكمال مسيرة الثورة وتحقيق أهدافها..... عيشة كريمة.. وحرية مسؤولة.. وعدالة اجتماعية تغطِّي المجتمع كله".
مجلس الدفاع الوطني
وكان الرئيس محمد مرسي قد عقد السبت اجتماعا مهما مع مجلس الدفاع الوطني بحضور وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ووزراء الداخلية والعدل والإعلام والمالية ورئيس جهاز الأمن الوطني.
وتناول الاجتماع أحداث العنف والقتل التي صاحبت المظاهرات التي اندلعت مساء الجمعة في عدد من المحافظات في مناسبة الذكرى الثانية لثورة ٢٥ يناير وسبل التعامل معها بما يحقق إعادة الهدوء إلى الشارع المصري بشكل عام وتقديم الجناة إلى العدالة بأقرب وقت ممكن.
لقي 72 من مشجعي النادي الأهلي حتفهم في أحداث استاد بورسعيد العام الماضي.
"قصاص عادل"
من جهته أصدر مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة حسن حمدي بيانا عقب صدور الحكم السبت اعتبر فيه أن الحكم جاء "بالقصاص العادل ومهدئاً لقلوب أهالى الشهداء وجماهير الأهلى".
وأوضح الأهلي الذي يحظى بالشعبية الأوسع بين جماهير الكرة المصرية في بيانه أن "مجلس إدارة النادى منذ اللحظة الأولى، يؤكد على ثقته الكبيرة فى قضاء مصر العادل".
وشملت أعمال الشغب أيضا مجمع المحاكم في بورسعيد ومرفق تنقية المياه الذي منح العاملون فيه عطلة لمدة يومين "ريثما تهدأ الأمور"، بحسب احد الموظفين.
أحكام بالإعدام
وكانت محكمة جنايات بورسعيد المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة أصدرت حكما بإعدام 21 مدانا في أحداث استاد بورسعيد التي راح ضحيتها 72 مشجعا من النادي الأهلى في فبراير/شباط الماضي.
وأجلت المحكمة النطق بالحكم على باقي المتهمين وعددهم 52 من بينهم تسعة ضباط شرطة إلى جلسة 9 مارس/آذار المقبل مع استمرار حبسهم.
وأكد القاضي على استمرار حظر النشر في القضية التي استغرقت أكثر من 50 جلسة.
يذكر أن 72 مشجعا من النادي الأهلي الذين يطلق عليهم "ألتراس أهلاوي" لقوا حتفهم في أحداث استاد بورسعيد العام الماضي عقب نهاية مباراة النادي المصري البورسعيدي والنادي الأهلي في منافسات بطولة الدوري الممتاز، وهو ما أدى إلى تأجيل الدوري ثم إلغائه.
وكان المئات من "ألتراس أهلاوي" نظموا سلسلة من الاحتجاجات قبل أيام للمطالبة بالقصاص لضحايا أحداث بورسعيد.