قتل رجل بالرصاص يوم الاثنين في اليوم الخامس من أحداث العنف في مصر التي قتل فيها 50 شخصا ودفعت الرئيس الإسلامي محمد مرسي إلى فرض جزئي لحالة الطواريء في محاولة لإنهاء موجة من الاضطراب تجتاح أكبر الدول العربية سكانا.
وتشمل حالة الطواريء التي فرضها مرسي يوم الأحد مدن قناة السويس الثلاث بورسيعيد والإسماعيلية والسويس.
ونشر الجيش قواته من قبل في المدن الثلاث ووافقت الحكومة يوم الاثنين على مشروع تعديل قانوني يمنح أفراده سلطة الضبطية القضائية التي تتيح للعسكريين إلقاء القبض على المدنيين.
ووافق مجلس الشورى الذي يتولى التشريع لحين انتخاب مجلس النواب خلال الشهور المقبلة على مشروع التعديل.
وقال مصدر في مجلس الوزراء لرويترز إن أي محاكمات بالنسبة لمن يلقي رجال الجيش القبض عليهم ستكون أمام المحاكم المدنية. لكن يرجح أن تثير هذه الخطوة غضب المحتجين الذين يتهمون مرسي باستخدام وسائل التنكيل بالمعارضين التي اتبعها سلفه حسني مبارك.
وبعدما توحدت صفوف الاسلاميين والليبراليين خلال الانتفاضة التي اطاحت بمبارك قبل عامين اصبحت الساحة السياسية في مصر تشهد استقطابا حادا.
ورغم أن الإسلاميين كسبوا الانتخابات البرلمانية والرئاسية الا أن فصائل المعارضة المتباينة وحدت صفوفها ضد مرسي الذي تحرك في أواخر العام الماضي لتوسيع سلطاته وعمل لإصدار دستور يحمل صبغة اسلامية وطرحه للاستفتاء على عجل مما تسبب في عنف في الشوارع.
ورفض معارضو مرسي يوم الاثنين دعوة وجهها يوم الأحد لحوار وطني. ويتهمه المعارضون بخطف الثورة والالتفات فقط إلى حلفائه الإسلاميين وخلف وعده بأن يكون رئيسا لكل المصريين.
ويقول الإسلاميون إن منافسيهم يريدون الإطاحة بمرسي بطرق غير ديمقراطية على الرغم من أنه أول رئيس منتخب بحرية لمصر.
وخرج محتجون مناوئون لمرسي إلى الشوارع يوم الاثنين في القاهرة ومدن أخرى في الذكرى الثانية لأحد أكثر أيام الانتفاضة على مبارك دموية والذي عرف بجمعة الغضب. واستمرت الانتفاضة 18 يوما.
وعبر مئات من سكان بورسعيد والإسماعيلية والسويس عن رفضهم لقرار مرسي بفرض حظر التجول في المدن التجارية والسياحية الثلاث بعد لحظات من صدوره.
وقال نشطون في المدن الثلاث إنهم سينظمون احتجاجات بعد الموعد المعلن لبدء حظر التجول وهو التاسعة مساء بالتوقيت المحلي (1900 بتوقيت جرينتش).
وزادت حالة عدم الاستقرار في مصر قلق الدول الغربية التي يخشى مسؤولون فيها تغير وجهة الدولة العربية المهمة في الشرق الأوسط والتي تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل.
وزاد من حدة الاضطراب السياسي وعنف الشوارع قرار محكمة جنايات بورسعيد يوم السبت بإحالة أوراق 21 متهما للمفتي تمهيدا للحكم باعدامهم في قضية مقتل أكثر من 70 من مشجعي كرة القدم بعد مباراة في المدينة قبل عام.
وفي القاهرة أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين يرشقونها بالحجارة قرب ميدان التحرير مهد الانتفاضة التي أسقطت مبارك.
وقال مصدر أمني إن أحد المارة وعمره 46 عاما قتل بطلق ناري. ولم يعرف من أطلق عليه النار.
واستولى المحتجون على عربة مصفحة للشرطة وأحرقوها في ميدان التحرير.
وقال إبراهيم عيسى وهو طاه عمره 26 عاما بينما وضع يديه على عينيه اتقاء للغاز المسيل للدموع "نريد أن نسقط النظام وننهي الدولة التي يقودها الإخوان المسلمون."
ومنذ انتخاب مرسي الذي دفعت به جماعة الإخوان المسلمين إلى انتخابات الرئاسة واجه سلسلة من الأزمات السياسية والمظاهرات العنيفة مما عقد جهوده لإحياء الاقتصاد والإعداد لانتخابات برلمانية يفترض أن تعزز الديمقراطية في البلاد.
وقال مرسي في كلمته يوم الأحد والتي أثار خلالها غضب كثير معارضيه حين رفع أصبعه وسدده باتجاه الكاميرا "إن حماية الوطن مسؤولية الجميع وسنواجه أي تهديد لأمنه بقوة وحسم و(أي تهديد) للمتلكات بقوة وحسم فى ظل دولة القانون."
وقدم الرئيس العزاء لأسر القتلى في أحداث العنف ودعا أيضا إلى اجتماع للحوار الوطني مساء يوم الاثنين بين حلفائه الإسلاميين والليبراليين واليساريين ومعارضين آخرين لمناقشة الأزمة.
ورفض المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي العرض واصفا إياه بأنه شكلي وغير جدي ووضع البرادعي شروطا لحضور الحوار لم يستجب لها مرسي في السابق مثل تشكيل حكومة إنقاذ وطني. وطالبت الجبهة مرسي أيضا بتحمل المسئولية السياسية والجنائية عن سفك الدماء في البلاد.
وقال البرادعي في مؤتمر صحفي حضره قادة الجبهة "سنبعث برسالة إلى الشعب المصري وإلى رئيس الجمهورية بما نعتقد أنه أساسيات الحوار. إذا وافق عليها الرئيس نحن مستعدون للحوار."
ونأت جبهة الإنقاذ بنفسها عن أحداث العنف الأخيرة لكنها قالت إن مرسي تأخر في اتخاذ إجراءات أمنية تمنع العنف.
وقال المتحدث باسم جبهة الإنقاذ خالد داود "بالطبع نشعر بأن الرئيس لا يضع يده على المشكلة الحقيقة الماثلة على الأرض وهي سياساته هو."
وقال نشطون آخرون إن إجراءات مرسي لفرض حالة الطواريء بقصد فرض النظام على اضطرابات الشوارع يمكن أن تأتي بأثر عكسي.
وقال أحمد ماهر المنسق العام لحركة شباب 6 ابريل التي ساعدت في الانتفاضة التي أسقطت مبارك إن الأحكام العرفية والطواريء والسماح للعسكريين بإلقاء القبض على المدنيين ليست حلولا للأزمة.
وأضاف أن هذا سيؤدي لمزيد من غضب الشباب وأن الحل يجب أن يكون سياسيا يصل إلى جذور المشاكل.
وشارك ألوف المشيعين يوم الاثنين في جنازات سبعة أشخاص قتلوا في بورسعيد يوم الأحد أثناء جنازات 33 شخصا قتلوا يوم السبت معظمهم بالرصاص.
وقال نشطاء حقوقيون إن فرض الطواريء خطوة إلى الوراء بالنسبة لمصر التي ظلت تحت الطواريء 30 عاما فترة حكم مبارك. واستخدم مبارك بنود قانون الطواريء في القبض على معارضيه السياسيين وبينهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين ومنهم مرسي نفسه.
وقالت هبة موريف من منظمة هيومان رايتس ووتش في القاهرة إن الشرطة لا تزال ممقوتة بالنسبة لكثير من المصريين بسبب أساليبها القاسية في عهد مبارك وقد صار لها الحق الآن في إلقاء القبض على الأشخاص دون مسوغ قضائي بل لمجرد الاشتباه.
وأضافت أن هذا يعرقل جهود تشكيل قوة شرطة مؤهلة ومحترمة.
وتابعت أن من غير المنطقي توقع أن يكون من شأن الطواريء تعزيز الأمن بل سيولد الغضب ضد وزارة الداخلية التي ستتخذ إجراءات قاسية ضد المواطنين.