دعا زعيم المعارضة السورية معاذ الخطيب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد يوم الاثنين إلى بدء محادثات بشأن رحيلها عن السلطة وإنقاذ البلاد من المزيد من الدمار بعد أن عانت من إراقة الدماء على مدى ما يقرب من عامين.
وفي مسعى لزيادة الضغط على الأسد كي يستجيب لعرضه إجراء محادثات الذي قوبل بالانتقاد من جانب البعض في ائتلافه المعارض قال الخطيب إنه مستعد للقاء نائب الرئيس السوري.
وقال الخطيب "أطلب من النظام أن يرسل الأستاذ فاروق الشرع إذا كان النظام سيقبل طبعا الفكرة.. ممكن نجلس معه ما هي المشكلة؟" مشيرا إلى نائب الرئيس الذي نأى بنفسه ضمنيا عن قمع الأسد للاحتجاجات الحاشدة التي تحولت إلى انتفاضة مسلحة.
وذكر الخطيب بعد اجتماعه مع مسؤولين كبار من روسيا والولايات المتحدة وايران أن أيا منها ليس عنده حل للأزمة المستمرة منذ 22 شهرا في سوريا وأنه يجب على السوريين أن يحلوها بأنفسهم.
وقال زعيم الائتلاف الوطني السوري المعارض لقناة (العربية الحدث) "الآن الأمر في ملعب الدولة هي التي عليها أن تقرر وهي التي أمام المجتمع الدولي وأمام الشعب السوري ستقول إما أن تتحمل مسؤولية ما ستأتي به الأيام وإما أن تتخذ القرار العاقل وربما يكون الوحيد في حياتها بأن تقبل التفاوض من أجل الرحيل مع أقل الخسائر من الدماء والأموال والبنية التحتية للبلد."
وكان الخطيب قال الأسبوع الماضي إنه مستعد لإجراء محادثات مع ممثلين للأسد. ورغم أنه وضع عدة شروط لذلك فقد خرجت هذه الخطوة عن حظر الاتصالات بين المعارضة ودمشق ولكنها أثارت غضب كثير من المعارضين الذين يشترطون رحيل الأسد قبل خوض أي مفاوضات.
وقال الخطيب إنه ليس من الخيانة السعي للحوار بهدف إنهاء صراع أودى بحياة أكثر من 60 ألف شخص وأجبر 700 ألف آخرين على الفرار من بلدهم وخلف ملايين من المشردين والجوعى.
وقال الخطيب في تصريحات منفصلة لقناة الجزيرة "على النظام أن يتخذ موقفا واضحا (بشأن الحوار) ونحن نقول سنمد يدينا من أجل مصلحة الشعب من أجل أن نساعد النظام على الرحيل بسلام... المبادرة الآن عند النظام إما أن يقول كمبدأ نعم أو لا."
وكان الأسد أعلن الشهر الماضي عما قال إنها خطط لإجراء محادثات مصالحة لإنهاء العنف لكنه قال في خطاب وصفه مبعوث الأمم المتحدة بشأن سوريا الأخضر الإبراهيمي بأنه ضيق ومتصلب إنه ليس هناك حوار مع أشخاص وصفهم بأنهم "عصابات تؤتمر من الخارج" و"دمى رسمها الغرب وصنعها وكتب نصوص أدوارها".
وبدأت الانتفاضة السورية في مارس آذار من عام 2011 باحتجاجات أغلبها سلمية وتصاعدت إلى حرب أهلية وضعت المعارضين ومعظمهم من السنة في مواجهة الأسد المنتمي للأقلية العلوية والذي تحكم أسرته سوريا منذ 42 عاما.
وأثار العنف انقساما بين القوى الكبرى حيث عرقلت روسيا والصين مشروعات قرارات لمجلس الأمن تساندها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج كان من شأنها أن تؤدي إلى فرض عقوبات دولية على الأسد. ولا تزال إيران الشيعية أقوى الداعمين الإقليميين للرئيس السوري.
والتقى الخطيب مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في مؤتمر للأمن في ألمانيا مطلع الأسبوع كما التقى مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وقال الخطيب "هناك موقف إيراني غير مقبول.. وقد ذكرت للسيد صالحي أننا ساخطون جدا من الموقف الإيراني ودعمه للنظام السوري."
وأضاف أنه طلب من صالحي أن ينقل إلى دمشق عرضه إجراء مفاوضات قائمة على أساس قبول حكومة الأسد بالرحيل. وأشار إلى أنه بحث مع صالحي أيضا الحاجة إلى الحيلولة دون اتساع الأزمة السورية وتحولها إلى صراع إقليمي بين السنة والشيعة.
وقال الخطيب "سنجد حلا..النظام فيه مفاتيح كثيرة إذا أراد أن يحل الأمور يستطيع أن يشارك بها.. النظام إذا أراد الخروج من هذه الأزمة وإخراج الشعب من هذه الأزمة نحن كلنا سنتفاعل من أجل مصلحة الشعب ورحيل النظام."
وقال أيضا دون الخوض في تفاصيل إن تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة من بين الخيارات التي يدور حولها النقاش بعد اجتماع ميونيخ. واتفقت القوى العالمية على صيغة مماثلة قبل سبعة اشهر لكنها اختلفت آنذاك على ما اذا كانت هذه الصيغة تسمح ببقاء الاسد على رأس الدولة.
وعلى الأرض أفاد نشطاء بوقوع اشتباكات بين الجيش ومقاتلي المعارضة شرقي دمشق يوم الاثنين وقصف مكثف للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حمص بوسط سوريا. وقال نشط من المعارضة إن حي جوبر على الطرف الجنوبي الغربي لحمص استهدف بأكثر من 100 صاروخ صباح الاثنين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 90 شخصا على الأقل قتلوا بحلول الليل يوم الاثنين.
وأضاف المرصد أن 180 شخصا قتلوا في أنحاء البلاد يوم الاحد بينهم 114 من مقاتلي المعارضة والجنود. ومن بين قتلى يوم الاحد 28 شخصا سقطوا في قصف لمبنى في حي الأنصاري بحلب في شمال سوريا.
ويصف الأسد مقاتلي المعارضة بأنهم "إرهابيون" إسلاميون مدعومون من الخارج وقال إن توقف تركيا ودول الخليج التي يحكمها السنة عن تمويل خصومه وإيوائهم وتسليحخك شرط مسبق لأي حل.
ويقول معارضون ونشطاء إن إيران وحزب الله اللبناني يرسلان مقاتلين لتعزيز جيش الأسد وهو زعم ينفيه الجانبان.
وفي برلين قال صالحي يوم الاثنين "جيش سوريا كبير بما فيه الكفاية ولا يحتاجون إلى مقاتلين من الخارج."
ومضى يقول "نحن نمنحهم (حكومة الأسد) الدعم الاقتصادي. نرسل البنزين ونرسل القمح. نحاول إرسال بعض الكهرباء لهم من خلال العراق ولم ننجح."
وقال مسؤول ايراني آخر متحدثا في دمشق بعد محادثات مع الأسد إن إسرائيل ستندم على الغارة الجوية التي شنتها على سوريا الأسبوع الماضي دون أن يحدد ما إذا كانت طهران تعتزم هي أو حليفتها دمشق القيام بأي رد عسكري.
وقال سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني "سيندمون على هذا العدوان الأخير."
والتقى صالحي ولافروف وبايدن مع الخطيب في ميونيخ مطلع الأسبوع ووصفوا استعداده للحوار مع السلطات السورية بأنه خطة كبيرة نحو إنهاء الحرب.
لكن الخطيب واقع تحت ضغط من أعضاء آخرين من قيادة الائتلاف الذي يتخذ من القاهرة مقرا له لقوله إنه مستعد للحوار مع الأسد.
وانتقد وليد البني عضو الهيئة السياسية للائتلاف المكونة من 12 عضوا لقاء الخطيب بصالحي.
وقال البني وهو سجين سياسي سابق لرويترز من بودابست إن اللقاء لم يكن ناجحا وإن الإيرانيين غير مستعدين لفعل أي شيء من شأنه أن يساعد الثورة السورية وقضاياها.