قال وزير الدفاع الفرنسي يوم الأربعاء إن القوات الفرنسية والمالية تحارب المتمردين الإسلاميين في الصحراء خارج أكبر بلدة في شمال مالي واصفا الحملة ضد القاعدة بأنها "حرب حقيقية" لم تحسم بعد.

وطردت فرنسا الإسلاميين من البلدات الرئيسية في شمال مالي مستعينة بضربات جوية على مدى ثلاثة أسابيع وبهجوم بري خاطف وتتعقبهم حاليا في أقصى شمال شرق البلاد حيث يطالب طوارق بحكم ذاتي.

وقال وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان إن دوريات فرنسية ومالية مشتركة تفتش الأدغال خارج بلدتي تمبكتو وجاو الصحراويتين التجاريتين. وقال سكان في جاو يوم الثلاثاء إن البلدة تعرضت لصواريخ أطلقها المتمردون من الأدغال.

وقال لودريان لراديو أوروبا 1 "وقعت اشتباكات يوم الثلاثاء في جاو لأنه منذ بدأت قواتنا مدعومة بقوات مالية القيام بمهام ودوريات في البلدات التي سيطرنا عليها واجهنا جماعات جهادية تحارب."

وأضاف "إنها حرب حقيقية ... في كل ليلة الآن وحتى في الليلة الماضية تستهدف القوات الفرنسية وتضرب مراكز التدريب ومخازن الشاحنات الخاصة بالجماعات الجهادية."

ودعت فرنسا إلى سرعة نشر قوة عسكرية أفريقية مدعومة من الأمم المتحدة للمساعدة في تأمين المنطقة التي ينتشر بها أربعة آلاف جندي فقط. ويعاني نشر القوة الأفريقية من البطء بسبب نقص وسائل النقل والعتاد.

وقالت باريس إنها ستبدأ خفض عدد قواتها في مالي اعتبارا من مارس آذار.

وتتعاون القوات الفرنسية مع متمردي الحركة الوطنية لاستقلال أزواد التي تطالب بحكم ذاتي للطوارق الذين يقولون إنهم سيطروا على بلدة كيدال في أقصى شمال شرق البلاد ومناطق محيطة بها بعد فرار المقاتلين الإسلاميين بسبب الضربات الجوية الفرنسية إلى جبال أدرار إيفوغاس القريبة.

ووعد الطوارق بالمساعدة في محاربة القاعدة وحلفائها.

غير أن ذلك التعاون الميداني وإصرار فرنسا المعلن على ضرورة مشاركة الحركة الوطنية لاستقلال أزواد في المفاوضات بشأن المستقبل السياسي لمالي إذا تخلت عن مطالبتها بالاستقلال التام لشمال البلاد مصدر توتر لجيش مالي المتعثر.

ولا يزال جيش مالي يعاني من أثر هزيمته في الشمال العام الماضي على يد متمردي الطوارق والتي دفعته للانقلاب في العاصمة باماكو. وسيطر الجهاديون لاحقا على التمرد.

وعرض رئيس مالي المؤقت ديونكوندا تراوري إجراء محادثات مع الحركة الوطنية لاستقلال أزواد إذا كفت عن المطالبة بالاستقلال الكامل ويقول إنه يعتزم إجراء انتخابات عامة في البلاد بحلول 31 يوليو تموز.

وقال جيرمي كينان وهو خبير بريطاني في شؤون الطوارق "لن يتم التوصل إلى حل أبدا إذا لم تعقد محادثات مع الطوارق لكنهم ليسوا متجانسين."

وقال لرويترز "الحركة الوطنية لاستقلال أزواد تحاول إظهار أنها عادت للسيطرة وأنها الصوت الذي يتمتع بالشرعية ... هذه فرصتهم الأخيرة" مضيفا أن مجتمع الطوارق في مالي يتشكل من كثير من الفصائل المتغيرة.

وترى باريس أن تحقيق سلام دائم في مالي يتوقف على إجراء محادثات سياسية للمصالحة بين الحكومة التي يسيطر عليها الأفارقة السود في باماكو وشمال البلاد المتوتر وخصوصا الطوارق.

وقالت الحركة الوطنية لاستقلال أزواد يوم الثلاثاء إنها احتلت بلدة ميناكا التي تبعد أكثر من 250 كيلومترا إلى الجنوب من معقلها في كيدال في أقصى شمال البلاد في إطار مساعي الحركة لتعزيز موقفها في المحادثات.

لكن خبراء يقولون إن الاستياء الشديد الذي يشعر به كثير من المواطنين تجاه الحركة لأنها فتحت الباب لاستيلاء الإسلاميين على الشمال يزيد من صعوبة التوصل لاتفاق. ويضيفون أن الحركة نفسها تعاني من ضعف التنظيم ومنقسمة ولا تمثل غير جزء من سكان الشمال.

وقال كينان "هناك جزء كبير من باقي مالي لا يريد أي تعامل مع الطوارق .. لا بد من حل مشكلة الطوارق وهي تتجاوز مالي." وتوجد أقليات طوارق مضطربة في الجزائر والنيجر المجاورتين.

وقال محللون إن الجزائر وجيران آخرين لمالي من ناحية الشمال مثل موريتانيا وليبيا يجب أن تشارك في الجهود الدولية لفرض الأمن في المدى البعيد في الصحراء الشاسعة التي لا تخضع لأي سيطرة حيث وجدت جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة تحتجز رهائن ملاذا إلى جانب مهربي المخدرات والسجائر والمهاجرين.

وبدأت الحركة الوطنية لاستقلال أزواد تنظيم دوريات في المناطق النائية قرب الحدود الجزائرية حيث يعتقد أن مقاتلين إسلاميين يحتجزون سبع رهائن فرنسيين. وأعلنت هذا الأسبوع أنها اعتقلت اثنين من كبار الإسلاميين أثناء فرارهما إلى الجزائر.

وتتمركز في كيدال أيضا قوات فرنسية خاصة وحوالي 1800 من القوات التشادية لكن القوات المالية ظلت بعيدة عن البلدة.

وقال المتحدث باسم القوة الأفريقية في مالي الكولونيل ياو أدجوماني في مؤتمر صحفي في باماكو إن "القوة وجيش مالي أيضا سينتشران في نهاية المطاف في كيدال.

"المحادثات بين الحكومة والحركة الوطنية لتحرير أزواد ستجرى لاحقا."