يحتفل العالم في الرابع عشر من فبراير بعيد الحب، بينما تظل للمناسبة نكهتها العربية الخاصة، لا سيما في ظل تداعيات ربيع من الثورات، بدّل موازين القوى في دول عربية عدة.

في اليمن يظل "عيد الحب" مناسبة مجهولة عند كثيرين، بينما لا يزال البعض يربطها بالديانة المسيحية.

ومؤخرا بدأت شريحة محدودة العدد من الشبان بالمدن الرئيسية تحتفل سنويا بالمناسبة، وتقوم بإحياء التقاليد المتعلقة بها، وأبرزها إهداء الهدايا والورود الحمراء.

وارتبط تنامي الاهتمام بالمناسبة مع التطور التقني، لا سيما فيما يتعلق بانتشار القنوات الفضائية، لكنها ظلت، في الوقت نفسه، محل جدال وشد وجذب بين مرحبين ورافضين.

ووفقا لمراسل سكاي نيوز عربية فإن مظاهر الاحتفال المحدودة بالمناسبة تتركز بأماكن معينة في العاصمة صنعاء، منها منطقة حدة الراقية جنوبي المدينة، حيث تشهد الأسواق والمراكز التجارية زيادة في مبيعات الهدايا من الأزهار والدمى وبطاقات التهاني.

لكن التعاطي مع المناسبة لا يقتصر على الجوانب التقنية والمادية وحدها، وإنما يتصل كذلك بأبعاد دينية، بعدما دعا بعض رجال الدين، وبينهم عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد قحطان، شباب اليمن إلى "عدم التقليد الأعمى"، وقال إنه يضم صوته للذين "لا يفضلون أن تؤسس في اليمن مناسبة عيد الحب".

وفي المقابل وزعت مؤسسة الفتاة اليمنية منشورات باللون الأحمر على طلاب وطالبات جامعة صنعاء تقول إن "عيد الحب لا عادة ولا عبادة"، حسب ما أورد موقع "نيوزيمن".

وفي مصر، حيث تحتدم أزمة سياسية وتتواصل الاحتجاجات ضد الرئيس محمد مرسي، وسط اتهامات يطلقها معارضون بسعي النظام إلى فرض دولة دينية، أو ما اصطلح على تسميته بـ"أخونة الدولة"، تباينت التعليقات على المناسبة المثيرة للجدل.

فمن ناحيته طالب رئيس قناة الأمة الفضائية الدينية، ويدعى الشيخ أبو إسلام ، الشعب المصري بعدم ارتداء الملابس الحمراء، وعدم الاحتفال بعيد الحب.

كما ناشد أبو إسلام فريق النادي الأهلي، أبرز أندية كرة القدم المصرية، بعدم ارتداء قميصه الأحمر الشهير، خلال مباراته مع فريق سموحة في الأسبوع الثالث من بطولة الدوري المصري الممتاز التي تقام خلال اليوم ذاته.

وطالب أبو إسلام، خلال لقطات مصورة نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي، من أتباعه عدم الاحتفال بعيد يعتبر من "الفواحش" على حد تعبيره، ولا تحتفل به سوى "الكنيسة"، كما أشار إلى أن من يتاجر فيما يخص عيد الحب "أمواله حرام".

من جهة أخرى استنكر حزبا الوطن والنور السلفيين، الاحتفال بعيد الحب، وأكد الحزبان أنه لا يجوز شرعا الاحتفال به، باعتباره "بدعة دخيلة علي تقاليد الإسلام والمسيحية علي حد سواء، ومنافيا لكل الأديان، فضلا عن أنه ليس له علاقة بالدين ولم يرد فى السنة أو الشرع".

واعتبر الحزبان أن أعياد المسلمين المعروفة هي عيد الفطر وعيد الأضحى، حسب ما أوردت صحيفة الأهرام.

وفي المقابل دوّن بابا الإسكندرية تواضروس الثاني على صفحته على موقع تويتر الخميس بمناسبة عيد الحب: "حياة الجسد هدوء القلب، ونخر العظام الحسد، المحبة التي تملأ القلب وتفيض، تعطي صحة وعافية لكل أعضاء الجسد، واليوم عيد الحب".

وفي مدينة رفح بقطاع غزة ارتبط عيد الحب بطابع من نوع مختلف، مادي بالأساس، حيث ضاعف المزارعون الفلسطينيون جهودهم خلال الأيام السابقة من أجل جمع القرنفل وغيره من الزهور بغرض تصديرها إلى أوروبا قبل حلول الرابع عشر من فبراير.

وقال المزارع حمدان حجازي، باللهجة المحلية، لرويترز "نجمع الزهور على أساس أنه مقبل علينا عيد الفالنتاين. نجهز له أكبر كمية لأنه يستوعب بالأسواق الأوروبية. نجمع الزهور، ونبعتها على أساس بتكون أكبر فائدة لنا في قصة عيد الفالنتين.. نستفيد منه يعني".

وخففت إسرائيل بعض القيود التي تفرضها على قطاع غزة، وسمحت للمزارعين الفلسطينيين بتصدير 25 ألف زهرة إلى أوروبا قبل عيد الحب.

وتصدر الزهور من غزة في صناديق من الورق المقوى يحتوي كل منها على 12 زهرة، تنقل بعد ذلك في شاحنات تمر من معبر كرم أبو سالم إلى مطار اللد في إسرائيل لنقلها جوا إلى أوروبا.

وذكر المزارع سامي أحمد أن الجزء الأكبر من الزهور التي تنتج في قطاع غزة يصدر إلى الخارج.

لكن تاجر الزهور بمدينة غزة سامي عبده ذكر أن الفلسطينيين مازالوا يحتفلون بعيد الحب ويتبادلون الهدايا رغم تردي الأوضاع في قطاع غزة.

وفي العراق لم تمنع الإجراءات الأمنية المشددة من احتفال البعض بعيد الحب.

وفرضت تلك الإجراءات على خلفية إعلان عشرات الآلاف من المتظاهرين الزحف إلى جامع أبو حنيفة النعمان في حي الأعظمية ببغداد لأداء صلاة جمعة موحدة، وبعدها التظاهر من أجل الضغط على الحكومة العراقية ورئيسها نوري المالكي.

وشهدت أسواق ومراكز تجارية في العاصمة بغداد، ومدن عراقية أخرى عرض أنواع متعددة من هدايا عيد الحب، في وقت أقبل عراقيون على اقتنائها.

ومن جهتها أطلقت "شبكة الإعلام العراقية"، أكبر مؤسسة لإدارة القنوات الإعلامية الرسمية، مبادرة "أسبوع الحب العراقي"، ووضعت خريطة العراق داخل مجسم للقلب بهدف إحياء المناسبة التي تتزامن مع احتقان سياسي ومخاوف أمنية.