كشفت دراسة لمؤسسة زغبي للأبحاث عن تراجع شعبية إيران في العالم العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة، وبعدما كان ينظر إليها على أنها "تقف صامدة في وجه الغرب" أصبحت أغلبية النس في المنطقة تراها "مصدرا للاستفزاز".
استندت الدراسة إلى عدة مسوح متتالية أجريت على مدار العقد الماضي (من 2002 إلى 2012)، في 17 دولة عربية و3 دول مسلمة من غير العرب (تركيا وأذربيجان وباكستان)، وأجريت المسوح على عينة مكونة من 20 ألف شخص في 20 دولة وكانت متعلقة بالشعب الإيراني وثقافته، والبرنامج النووي المثير للجدل لطهران.
وفي بداية المسوح، كانت نظرة العرب ودول الجوار المسلمة تجاه إيران في أعلى درجات الإيجابية، حيث وصلت إلى 75 في المائة، في حين تراجعت هذه النسبة إلى 25 المائة بنهاية عام 2012.
وكشفت المسوح عن تلاشي الفجوة بين مواقف شعوب معظم الدول التي شملتها تلك المسوح والمواقف الرسمية لحكومات هذه الدول من طهران، حيث اتجهت المواقف الشعبية في 17 دولة من العشرين، إلى السلبية لتتفق مع المواقف الرسمية.
وترفض شعوب 17 دولة في مسح 2012 الدور الذي تلعبه إيران في الأزمة السورية.
ويبدو الأمر متشابها فيما يتعلق بمواقف شعوب الدول التي شملتها المسوح من البرنامج النووي الإيراني.
ففي عام 2006 كانت تلك الشعوب تدعم البرنامج على اعتبار أنه يحمل أغراضا سلمية، وكانت الأغلبية العظمى من شعوب الدول تعارض فرض عقوبات دولية على طهران على خلفية برنامجها النووي.
أما الآن، فإن الاعتقاد السائد لدى معظم شعوب تلك الدول أن إيران ترمي إلى إنتاج سلاح نووي، ما غيّر بطبيعة الحال المواقف الشعبية إلى تأييد العقوبات.
ورغم أن الأغلبية مازالت تعارض توجيه ضربة عسكرية لإيران تستهدف منشآتها النووية، فإن أعداد الموافقين على ذلك في ازدياد، حسب المسوح.
ويرى مدير المعهد العربي الأميركي ومؤسسة زغبي للأبحاث جيمس زغبي أن سبب ارتفاع شعبية إيران قبل عام 2011 لا يعود إلى الدولة الفارسية في حد ذاتها، وإنما إلى "انعكاس للغضب العربي تجاه تصرفات الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة لا سيما لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية، وموقف إيران وحلفائها المعارض لتلك التصرفات".
بينما يفسر زغبي تراجع شعبية إيران لاحقا بأنها باتت تلعب دورا مهما في "تقسيم العراق والبحرين ولبنان وسوريا".
وترتبط إيران بعلاقات وثيقة مع النظامين العراقي والسوري، وبحزب الله اللبناني والمعارضة البحرينية.
أميركا
ومن نتائج الدراسة أيضا أن تراجع شعبية إيران في الدول المذكورة قابله تحسن في نظرة شعوب المنطقة للولايات المتحدة الأميركية.
وبرأي جيمس زغبي فإن سياسة إدارة أوباما التي تفادت التدخل المباشر في المنطقة وعملت على حماية مصالحها بالعمل "من خلف الستار" ساهمت في هذا التحسن.
وفي ظل زيادة القلق من التوترات داخل دول المنطقة والتي تعود أسبابها إلى إيران، يتزايد القلق لدى الشعوب في تلك الدول ويكاد يتفق مع قلق الحكومات.