قالت صحيفة كورية جنوبية نقلا عن مسؤول حكومي بارز في سول إن النشاطات التي أمكن رصدها في كوريا الشمالية تشير إلى أن بيونغيانغ تعد العدة لإجراء تجربة نووية رابعة، حيث تشبه التحركات التي رصدتها الأجهزة الكورية الجنوبية في موقع التجارب النووية في الشمال ما سبق التفجيرات الثلاثة السابقة.
ونقلت صحيفة (جونغ آنغ ايلبو) الكورية الجنوبية عن مصدر حكومي لم تذكر اسمه قوله "هناك تحركات لآليات وعمال في النفق الجنوبي في يونغي ري (موقع الاختبارات النووية في كوريا الشمالية.)"
وأضاف المصدر "نقوم بمراقبة الموقف لأنه يشبه الى حد بعيد التصرف الكوري الشمالي الذي سبق التجربة النووية الثالثة."
وأكد وزير التوحيد في حكومة كوريا الجنوبية ريو كيل جاي فيما بعد ما جاء في هذه التقارير.
وقال الوزير للجنة في البرلمان في سول جوابا على أسئلة النواب "هناك مؤشرات"، إلا أنه لم يدخل في التفاصيل قائلا إنه من غير المناسب "الخوض هنا في القضايا الاستخبارية."
توبيخ
وكان القادة الصينيون قد أدلوا بتصريحات فسرت على أنها توبيخ مبطن لكوريا الشمالية لقيامها برفع حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، إذ قال الرئيس شي جينبينغ إنه من غير المسموح لأي دولة أن تثير الفوضى في العالم، بينما حذر وزير الخارجية وانغ يي بأن بكين لن تسمح بالتصرفات المؤذية في تخومها.
وهذه هي أقوى عبارات تصدر عن بكين الى الآن ردا على الخطاب الكوري الشمالي التصعيدي الذي اشتمل على التهديد بضرب الولايات المتحدة بالاسلحة النووية واعلان الحرب على كوريا الجنوبية.
وقال الرئيس شي في الكلمة التي القاها امام منتدى اقتصادي عقد في جزيرة هاينان جنوبي الصين "لا ينبغي السماح لأي دولة باثارة الفوضى في المنطقة او العالم في سبيل المنافع الذاتية."
مع ان شي لم يذكر كوريا الشمالية بالاسم، فإنه بدا واضحا انه كان يشير الى بيونغيانغ.
وأضاف الرئيس الصيني أن الاستقرار في آسيا "يواجه الآن تحديات جديدة نظرا لأن قضايا ساخنة ما زالت تطرأ وهناك أيضا مخاطر امنية تقليدية وغير تقليدية."
وقال جون هنتسمان، السفير الأمريكي السابق في بكين، ان تصريحات الرئيس شي غير مسبوقة.
وقال هنتسمان لقناة سي ان ان "يبدو لي ان القادة الصينيين قد ضاقوا ذرعا من كوريا الشمالية."
ولكن رغم الخطاب الناري، لم تتخذ كوريا الشمالية اي خطوات عسكرية عملية تشير الى قرب قيامها بعمل مسلح، فلم ترفع استعداداتها العسكرية مما يشير الى ان التهديدات التي صدرت عن بيونغيانغ موجهة بالدرجة الاولى للاستهلاك المحلي لتعزيز موقع زعيمها الشاب كيم جونغ اون.
وكانت الصحافة الكورية الجنوبية قد قالت يوم الجمعة الماضي إن كوريا الشمالية نقلت صاروخين متوسطي المدى الى ساحلها الشرقي، ولكن لم ترد اي تأكيدات لهذه الانباء.
وقالت واشنطن إنها لن تتفاجأ اذا ما قامت كوريا الشمالية باختبار صاروخي جديد.
وكانت السلطات الكورية الشمالية قد احاطت البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بيونغيانغ علما بأنها لن تستطيع ان تضمن سلامتها اعتبارا من يوم الاربعاء المقبل وذلك "لأن الحرب على وشك ان تندلع خصوصا وان كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مصرتان على المضي قدما بمناوراتهما العسكرية المقرر لها ان تستمر حتى نهاية الشهر الجاري."
ويشير المحللون الى ان ذكرى عيد ميلاد مؤسس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) كيم ايل سونغ في الخامس عشر من ابريل / نيسان تترافق دائما بالاحتفالات الكبيرة واستعراضات القوة العسكرية.
نفاد صبر الصين
في غضون ذلك، يبدو ان صبر الصين، القوة الوحيدة التي تعتمد عليها كوريا الشمالية ماليا ودبلوماسيا، آخذ بالنفاد.
وكانت بكين قد صاغت الحزمة الاخيرة من العقوبات التي فرضت على بيونغيانغ (والتي تشمل قيودا مالية مشددة وتفتيش كل البضائع المشكوك بها المتوجهة الى كوريا الشمالية وحظر تصدير الكماليات اليها) مع واشنطن، وأكدت انها ستلتزم بها.
وكانت وزارة الخارجية الصينية قد عبرت يوم الاحد عن "قلقها البالغ" ازاء استمرار التوتر وتصاعده، وقالت إن الصين طلبت من كوريا الشمالية "ضمان سلامة الدبلوماسيين الصينيين المعتمدين في بيونغيانغ بما يتماشى مع ميثاق فيينا والقوانين والاعراف الدولية."
ورغم ان الخبراء في شؤون كوريا الشمالية لا يعتقدون ان الصين يمكن ان تتخلى عن كيم جونغ اون او حتى ان تطبق العقوبات الجديدة بحذافيرها، ولكن يبدو مع ذلك ان صبر الصين بدأ بالنفاد بعد سنوات قضتها في محاولة إخراج بيونغيانغ من عزلتها وحثها على اصلاح اقتصادها.
ومن المهم الاشارة الى ان الجيل الجديد من القادة الصينيين لا تربطهم بكوريا الشمالية ذات الروابط العاطفية التي كان يرتبط بها اسلافهم.
من الناحية الاخرى، لم يبد كيم جونغ اون نفس القدر من الاحترام للصين كما درج والده وجده، فهو لم يزر بكين قط منذ تسلمه الزعامة اواخر عام 2011.
تأجيل
ولكن عددا من السياسيين في واشنطن قالوا إن على الصين عمل المزيد لاقناع بيونغيانغ بتغيير سلوكها.
وانتقد جون ماكين، عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، ما وصفه بـ"تقاعس بكين في السيطرة على وضع قد يصبح كارثيا" وقال إن على الصين تصعيد الضغط على كوريا الشمالية باستخدام نفوذها على اقتصاد ذلك البلد.
وقال ماكين في مقابلة تلفزيونية "إن تصرف الصين كان مخيبا للآمال، فالحروب قد تندلع عن طريق الخطأ والوضع الراهن جد خطير."
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت انها قررت تأجيل اختبار صاروخ عابر للقارات كيلا تزيد الوضع تأزما.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع بواشنطن "إن الاختبار قد أجل لتجنب اي سوء فهم او سوء تقدير في ضوء التوترات الراهنة في شبه الجزيرة الكورية."
من ناحية أخرى، الغى قائد القوات الامريكية في كوريا الجنوبية الجنرال جيمس ثرمان زيارة مقررة الى واشنطن بسبب تأزم الموقف في شبه الجزيرة الكورية.
وكان مقررا ان يدلي ثرمان بشهادات امام ثلاث لجان في الكونغرس حول الرد الامريكي على تهديدات بيونغيانغ.
وقالت ناطقة باسم القوات الامريكية العاملة في كوريا الجنوبية "في ضوء الموقف الراهن، سيبقى الجنرال ثرمان في سول الاسبوع المقبل كاجراء احترازي."