قال اللواء علي الحارثي، مدير عام السجون في السعودية، إن أكبر مشكلة تعترض النزلاء والنزيلات عقب انتهاء محكوميتهم، هي النبذ الذي تواجهه هذه الفئات، رافضا تحديد سقف زمني حول ما وصلت إليه إدارته في تمكين رؤية السجناء لذويهم عن طريق الشبكة العنكبوتية.
وأفاد الحارثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن انخفاض مستوى الجريمة لدى النزلاء بعد خروجهم مرهون بمدى تقبل المجتمع وتفهمه لوضع النزيل، وأن الأمر يتعلق بمسألة النبذ حيث يشعر السجين بأنه يعيش في مجتمع غير مجتمعه، وهي مسؤولية مشتركة عمدت إدارة السجون فيها إلى خلق حزمة من البرامج التثقيفية والتعريفية.
وأفاد الحارثي بأن جملة من العراقيل الاجتماعية ما زالت تعتري مجتمع النزلاء والنزيلات، مؤكدا فقدان هذه الشريحة للأمان المجتمعي الذي يكفل لهم الحياة مع أقرانهم من دون ما سماه «النبذ»، وهذا الأمر لن يتأتى دونما خلق تكتلات إعلامية ملحقة بتعبئة تربوية لتمكين هذه الفئة من الحياة والمعايشة الكريمة، من أجل أن تكون تلك البرامج ذات فاعلية كاملة.
وأبان مدير عام السجون أن العمل جار تقنيا لتمكين النزلاء من رؤية ذويهم، وهناك جهود متواصلة مع «المباني» للوصول إلى حلول تقنية، مشيرا إلى أن السجون مفتوحة لتمكين النزلاء والنزيلات من تحقيق هذه الرغبة، وأن إدارته تسعى لتنفيذها بشكل أكثر فاعلية.
من جانبه، أورد حاتم الهذلي، اختصاصي نفسي وأسري لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم السجناء يتعرضون لموجة من التغيرات النفسية، وكثير منهم تبقى آثار مدة سجنه عالقة في تفكيره، بل يظل يصارع نفسه من أجل البقاء على قيد الحياة داخل تجربة السجن.
وأشار الهذلي إلى أن ثمة حاجة ماسة إلى الدخول إلى مجموعة من التغيرات الهيكلية والبرامجية لمعالجة هذه القضايا، ولا بد من بذل البرامج والموارد الاجتماعية والنفسية المتوفرة لدى الاختصاصيين، الذين لا بد أن يشرعوا مع إدارات السجون في معرفة ظروف القضايا التي على أثرها وضعوا في السجن، والممارسات التي أفضت إلى ذلك، ودراسة ذلك من خلال الفترات الانتقالية عن طريق إعادة الإدماج والتهيئة النفسية، لضمان استمرار التكيف الناجح.
وقال الاختصاصي النفسي إن السجين عقب انتهاء محكوميته يصاب بالإحباط من الحياة داخل السجن (ما يشار إليه باسم «آلام السجن»)، حيث يحمل في طياته تكاليف نفسية معينة، حيث ينبغي دراسة آثار تلك الشروخ على التكيف في مرحلة ما بعد السجن، واقتراح بعض الأساليب البرامجية الموجهة نحو السياسات في أهمية التقليل من قدرتها على تقويض أو تعطيل الانتقال من السجن إلى المنزل.
وقال الهذلي إنه يجب أن لا توحي أو تعني تلك الفترة بأن يتساوى السلوك الإجرامي مع المرض العقلي، حيث إن بعض الأشخاص يعانون آلاما حادة من السجن وما ينتح عنها من اضطرابات نفسية واضحة تسمى أشكال أمراض الشخصية، وينبغي أن يكون هذا العلاج النفسي أداة حصرية لإعادة تأهيل السجين، فضلا عن التدخلات العلاجية التي هي أهم الطرق الفعالة لتحسين الانتقال من السجن إلى المنزل.
واختتم بالقول إن مجموعات من الناس لا تتقبل السجين أثناء خروجه، وتكون أكثر عرضة لآلام السجن من غيرها؛ حيث إن التكاليف النفسية وآلام السجن تؤدي إلى عرقلة التكيف في مرحلة ما بعد السجن، وهناك سلسلة من الأشياء التي يمكن القيام بها بعد الخروج من السجن للحد من هذه العوائق.