دعا الشيخ منصور الخريجي نائب رئيس المراسم الملكية سابقا إلى تعيين امرأة وزيرة للشؤون الاجتماعية في المملكة بدلا من الرجل بحكم أن تلك الوزارة معنية بشؤون المرأة والطفل بالدرجة الأولى.
وقال الخريجي في حديث موسع أجرته معه «عكاظ الأسبوعية»: أدعو هنا عبر «عكاظ» أن يعين لوزارة مثل وزارة الشؤون الاجتماعية امرأة، وفي رأسي امرأة معينة لا يجوز لي أن أذكرها، أتمنى أن تعين للشؤون الاجتماعية، ويجب أن تكون امرأة للعناية بالأسرة والطفل، ولماذا يكون رجلا؟!.
وردا على سؤال حول جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتطور الذي طرأ على الجهاز، قال منصور الخريجي ويجب أن يكون هذا الجهاز يعمل للصالح العام ودون أن يتقاضى أفراده أي مرتبات، يجب أن يكون في هذا الجهاز من الناس الخيرين الطيبين الذين عندهم ما يكفي لمعيشتهم، ويقومون بالعمل في جهاز الهيئة كمتطوعين لنصح الناس.
كما تحدث عن جوانب من حياته الدراسية، واستعرض الفارق بن معطيات جيله والجيل الحالي، مؤكدا على ضعف التعليم ومخرجاته في الوقت الراهن.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• بعد خبرة السنوات الطويلة لاشك أنك خرجت بتجربة ثرية من العمل والقراءة والإطلاع، ماذا تعمل الآن بعد التقاعد؟
•• أنا لا أقول عن نفسي أديب ولكن أقول أنني ممن يقرأون كثيرا، طبعا كتبت عددا من الكتب ونشرتها ولكن لم ينجح منها أو يعرف إلا كتاب السيرة الذاتية ما لم تقله الوظيفة، وسؤالك ماذا يعمل المتقاعد، أقول لحسن الحظ أنني أحب القراءة، فأنا أقرأ في كل وقت وكل مكان، أقرأ قبل النوم، وأقرأ لأكثر من ساعتين، وبالمناسبة نومي أحيانا صعب، أنا نومي خفيف جدا، وأستيقظ بسبب أي أمر بسيط، وأنام بصعوبة، وقد قضيت معظم سنوات حياتي وأنا أعاني من الأرق الشديد، وكل أصدقائي الذين يعانون من هذه الحالة أطلب مساعدتهم بأن يمدوني بالحبوب التي تساعد على النوم، بعض الأطباء لا يوافقون على أن يعطوك مثل هذه الحبوب التي قد تضر، ولكن عندما لا تنام في الليل فأنت لا تهتم بشيء يضرك فقط تفكر في الشيء الذي يساعدك على النوم.
• متى بدأت تعاني من الأرق؟
•• بدأت أعاني من الأرق في آخر سنة من الثانوية العامة، كانت هناك مدرسة واحدة في المملكة تدرس إلى نهاية المرحلة الثانوية والمدرسة في مكة المكرمة واسمها مدرسة تحضير البعثات لأنها كانت تحضر الطلبة إلى الدراسة الجامعية، وكان الطلبة من أنحاء مختلفة من المملكة، وتصدق أو لا تصدق أن عدد الطلاب من تلك المناطق المختلف لم يكن يزيد عن 40 طالبا في القسمين العلمي والأدبي، وقارن بما وصل إليه التعليم الآن.
• وماذا بعد الثانوية العامة في مدرسة تحضير البعثات؟
•• الناس كان لديهم في ذلك الوقت سحر عجيب للدراسة في كلية الحقوق في مصر رغم أن الخيارات كثيرة في عدد من الكليات والتخصصات هناك، ففي مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة كان الطلاب الدارسون في القسم الأدبي يسجلون خياراتهم للدارسة في كلية الحقوق، والقسم العلمي يريدون الطب، ولم يكن أحد يختار غير ذلك، ولا أدري لماذا؟! وحينما لم أستطع أن أحصل على تلك الخيارات اخترت قسم اللغة الإنجليزية، ولا أدري لماذا اخترت هذا التخصص، أعتقد أن الوضع الآن اختلف ، أعتقد أن في المدارس الآن يوجد مرشدين للطلاب لتوجيههم إلى التخصصات، يشرحون للطلاب الكليات والتخصصات المختلفة، وما يحتاجه سوق العمل في المملكة في الوقت الراهن، نحن الآن دخلنا مجال التقنية الحديثة وهذا لم يكن موجودا في وقتنا حينما كنا طلابا، فلم أستطع أن أدخل كلية الحقوق، واخترت الإنجليزية دون أي هدف.
• البعض يتهم التعليم في الوقت الحالي بالضعف بعد مراحل قوية وجودة التعليم ومخرجاته الجيدة،هل تتفق مع هذا الاتهام؟
•• اتفق مع هذا الاتهام لدرجة كبيرة.
• ماهي الأسباب من وجهة نظرك؟
•• الأسباب يجب أن تدرسها الوزارات المعنية مثل التربية والتعليم والتعليم العالي ،لكن الضعف موجود، فمثلا أنا في المرحلة الابتدائية كنت أكتب أفضل مما يكتبه خريج الجامعة الآن لأننا كنا نقرأ كثيرا، ولم يكن هناك ما يشغلنا كما هو الآن، جيلي يختلف فقد كنا نلتهم الكتب التهاما، وأذكر أنني كنت في رمضان أجلب كمية من الكتب وأقرأها بنهم، وكنت وأنا صائم أقرأ جزءا من الكتاب ثم أعود وأكمل ثانية في نفس اليوم وهكذا، ولذلك فأنا أكتب جيدا في مجال اللغة العربية رغم أن تخصصي اللغة الإنجليزية، وأعرف بالسماع إن كان هناك خطأ لغوي أم لا، نحن في ذلك الجيل كانت ثقافتنا مختلفة، وأقوى وأكبر وأشمل، قرأت في الأدب والأدب الشعبي مثل ألف ليلة وليلة وسيف ابن ذي يزن وعنترة بن شداد، وقرأت لنجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ، وعلي أحمد با كثير.
• دعني أسألك عن المجتمع تحديدا، كيف ترى المجتمع الآن في عصر الثورة المعلوماتية، وهل هو يعاني من اختلال وصراعات مع نفسه قبل أن يكون مع الآخر؟
•• لا أدري إن كان بإمكاني أن أملك جوابا لهذا ولكن أولا لابد أن نعرف أن لكل جيل صفاته وإمكانياته وفرصه ووقته، يجب أن نعترف أن هذا الوقت هو عصر المعلومات، وتفجر التقنية المختلفة، وعلى جيلنا الحالي أن يتفاعل مع ما هو موجود، الأوقات تختلف ، نحن في جيلنا كنا نقرأ كثيرا لأنه لم يكون هناك تلفزيونا وحتى الراديو في بداية نشأتي لم يكن موجودا، فكانت أجواؤنا مهيأة للقراءة، لست أنا الوحيد بل كل جيلي كنا هكذا، والآن كيف تتوقع أن يلجأون للكتاب ولديهم ألف شيء آخر يشتت أذهانهم، يكفي الآن الإنترنت، هناك إدمان كبير لاستخدام الإنترنت، وفي السعودية انتشر الإنترنت بشكل كبير وسريع والبعض بات مدمنا، ولكن سبحان الله لكل عصر جوانب صفاته ، مثلا أنا لا أستطيع أن استخدم الإنترنت أكثر من نصف ساعة ، عيوني تصاب بالدوران ، ورأسي يلف ، فأنا صاحب كتاب ، وفي وقت فراغي أقرأ حتى عندما كنت في الوظيفة، والجيل الحالي تكيف مع ما هو موجود، أحفادي يعرفون في الإنترنت أكثر مني بمائة مرة.
• المحصلة.. هل نحن مع هذه التقنية في وضع جيد، نريد منك تشخيص الواقع من واقع خبرتك الطويلة في الحياة؟
•• المسؤولون عن التربية والتعليم وعن النشء يجب أن يوجهوا شباب اليوم إلى التقنية الموجودة ، فلو بإمكانك أن ترجع إلى الوراء مثل عصري أنا ، يجب أن يتم إعداد الشباب وتأهيلهم لكي يتعاملوا مع عصر التقنية ، وأعتقد أنه لا يوجد مهرب من هذا، فأنت اليوم لا تستطيع أن تحصل على وظيفة ما لم يكن لديك إلمام بالكمبيوتر وإلمام بالإنترنت ، والشاطر من يتكيف مع عصره.
• من يتابع التويتر ومواقع التواصل الاجتماعي يشعر بأن هناك تنافرا بين صفوف المجتمع، كيف ترى هذه الحالة؟
•• أنا أميل إلى الاعتقاد أن ذلك يمثل حالات فردية، وهو يرجع إلى الهدف من وراء الاستخدام للانترنت والتويتر وغيرها ، وهي حالات فردية ولهذا لا نستطيع أن نعمم هذه النظرة على الجميع ، لدينا التقنية واستخدامها يعتمد على الطريقة الصحيحة للاستخدام أو غير الصحيحة وهنا أنت تسيء لنفسك ومجتمعك، ويجب أن يكون هناك كما قلت مرة أخرى أن على الجهات أن توجه الشباب للتعامل مع التقنية الحديثة بطريقة صحيحة.
• ماذا يمكن أن توفر الدولة للشباب ليفجروا طاقاتهم بطريقة إيجابية؟
•• أولا مايخطر على الذهن أن يكون هناك نواد مدروسة بشكل جيد يجد الشاب فيها بغيته من التسلية المسموحة البريئة ، وأن يكون هناك بعض الانفتاح ، يعني لا يجب أن أحرم الشاب من الدخول هنا أو هناك ، وأدفعهم إلى الجلوس على الأرصفة ، بحيث لا يجدون مكانا يذهبون إليه.
• ومن صنع هذه الحالة التي نعيشها اليوم؟
•• صنع هذه الحالة النظرة الضيقة التي تظن أن إنسان هذا الوطن لا يوجد فيه إلا الشر ، وهذا خطأ.
• كتبت غير مرة عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآن جهاز الهيئة تطور كثيرا عن ذي قبل، وشهد نقلة نوعية ، كيف ترى هذا الجهاز الآن؟
•• أرجو أن يستمر هذا الجهاز في التطور، نعم الآن النظرة اختلفت وتطورت ، واسم الجهاز هو الأمر بالمعروف ولذا لا يجب أن يكون رجال الحسبة مثل البعبع يخيفون الناس، يجب أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة ، ويجب أن يكون هذا الجهاز يعمل للصالح العام ودون أن يتقاضى أفراده أي مرتبات ، يجب أن يكون في هذا الجهاز من الناس الخيرين الطيبين الذين عندهم ما يكفي لمعيشتهم ، ويقوموا بالعمل في جهاز الهيئة كمتطوعين لنصح الناس.
• لكن البعض يرى أن التطوع أو التعاون قد خلق الإشكالية في مراحل سابقة ولهذا عملت الهيئة على تفريغ كل العاملين في الجهاز، ماذا تقول؟
•• لا .. يجب أن يتم الاختيار من الذين يشهد لهم بالخيرية ، أما تأتي بأشخاص من هنا وهناك فلا، وفي المجمل أنا ليس لدي اعتراض على تفرغ العاملين في جهاز الهيئة وهو أمر جيد ، ولكن يجب أن يتحلوا بكل الأخلاق الفاضلة وإن شاء الله هم كذلك ، ونريد أن يحببون أنفسهم إلى الناس، وأنا أقول يجب أن يكون لدينا هيئة للأمر بالمعروف ، ولكن العملية هي حلقة متصلة ، فالشباب إن لم تهيئ لهم الحياة التي تصلح للشباب فإنهم يصبحوا متوحشين ولديهم عنف ، وقد حدث مرة أن حفيداتي كن في السوق وقد لحقتهم سيارة جهاز الهيئة حتى باب بيتنا ، وسمعنا عن قصص أنهم كانوا يوقفون السيارات في الطريق وينزلون النساء، وهذا الضغط على الشباب ولد لديهم حالة من الانفجار حتى أنك ترى هؤلاء الشباب وكأنهم يهمون بالإمساك بالمرأة ، فهذه حلقة متصلة، كيف تجعل من هؤلاء الشباب أصحاب سلوك حسن، وكيف تجعل رجال الهيئة يتفهمون مشاكل هؤلاء الشباب وأي جهة أخرى تتفهم مشاكل هؤلاء الشباب.
• 30 امرأة دخلت عضوية مجلس الشورى في الدورة الحالية، كيف تنظر إلى مشاركتها والمأمول منها؟
•• أولا المرأة هي المرأة في كل أنحاء الدنيا، ولماذا نستغرب أن المرأة وصلت إلى مجلس الشورى، وهي في دول العالم أصبحت رئيس دولة ورئيسة مجلس وزراء، المرأة لا تقل بأي شكل من الأشكال عن الرجل، وأنا أدعو هنا عبر «عكاظ» أن يعين لوزارة مثل وزارة الشؤون الاجتماعية امرأة، وفي رأسي امرأة معينة لا يجوز لي أن أذكرها، أتمنى أن تعين للشؤون الاجتماعية، ويجب أن تكون امرأة للعناية بالأسرة والطفل، ولماذا يكون رجلا؟! ، ثم نناقش المرأة تقود السيارة أو لا تقود.
• ومتى تتوقع أن المرأة ستقود السيارة؟
•• كمبدأ لا مانع لقيادة المراة للسيارة، ولكن لو سمح للمرأة بقيادة السيارة هنا فلن أسمح لأهل بيتي بقيادة السيارة، وعملية قيادة المرأة للسيارة قد تحصل تدريجيا ولا تحصل بقوانين، عندما نفرج عن بعض الأمور في شؤون حياتنا ، وهذا لا يحصل بقرار.
• كيف ترى العمل والتنظيم الإداري، وما نسمع عنه ونقرأ من تعثر مشاريع وبيروقراطية؟
•• لا أعتقد أنني استطيع أن أجيبك على هذا السؤال لأن ذلك يتطلب لجانا ولجانا لكي تجيب على مثل هذا السؤال، أنت تتكلم عن بيروقراطية وعن تعثر مشاريع ، ولكن نحن نتأمل أن الأمور تسير إلى الأمام، لكن أن أرى أن هناك علامات كثيرة نحو التطور، فالقيادة وفقها الله وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله تسعى إلى تحسين العمل والتنظيم في كل المجالات، ونحن رأينا الإصلاحات الكبيرة التي قام بها الملك عبدالله يحفظه الله، ويجب أن يؤخذ الملك عبدالله كنموذج لمن يعملون تحت مظلته، ويساند الملك عبدالله في ذلك أخيه وعضده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وهو الرجل القيادي والحاكم الإداري البارع، وهو أيضا نموذج في الالتزام والدقة في العمل الإداري والتنظيم والتحديث.
• هل لديك تصور معين للاستفادة من العقول الخبيرة أمثالكم والتي تقاعدت من العمل الرسمي؟
•• أنا أحزن على نفسي وقد ذكرت ذلك في مذكراتي أنني بعد هذه الخدمة الطويلة لم أدعى يوما إلى مناسبة.
• هل تشعر بالمرارة إزاء ذلك؟
•• نعم أشعر بالمرارة بلا شك، وكيف لا أشعر بالمرارة.
• وما هو تصورك للاستفادة من عقول المتقاعدين؟
•• أنا كان لي دور في هذا، أنا خلفيتي أكاديمي بدأت مدرسا في جامعة الملك سعود، وقد التحقت في الديوان الملكي ولكن أصدقائي لا يزالون مثل الدكتور عزت خطاب والدكتور منصور الحازمي والدكتور أحمد خالد البدلي والدكتور أحمد الضبيب والدكتور عبدالرحمن الانصاري والدكتور الشعفي، ففي يوم من الأيام قالوا يجب أن يتقاعدوا ، ممكن وزير يتقاعد ، لكن تقاعد شخص أمضى حياته يدرس الأدب الإنجليزي أو العربي أو تخصصات معينة أخرى مثل هؤلاء الذين ذكرتهم وتقاعدهم في سن الستين، وهنا تدخلت، ووزير التعليم العالي نفسه لم يقبل بذلك واستمرت تلك الأسماء التي ذكرتها، وفي أوروبا وغيرها فإن أستاذ الكرسي لا يتقاعد أبدا يتركون له مكتبه في الجامعة يذهب إليه كلما عن له ذلك، يقرأ ويدرس، ويؤدي محاضرات أيضا.