كشفت لـ«عكاظ» مصادر مطلعة في وزارة الشؤون الاجتماعية أن الاستراتيجية الخاصة بتطوير أحوال الايتام المزمع تنفيذها فور اعتمادها خلال الفترة المقبلة، تتضمن العديد من البرامج الهادفة إلى تحسين ظروفهم والعناية بهم وتسريع دمجهم في المجتمع، إضافة إلى إقرار حوافز جديدة للأسر الحاضنة.
وكان فريق عمل مختص مكلف من قبل الوزارة قد قام بدراسات ومسوح ميدانية، قد رصد ضعفا في البرامج والأنشطة المنفذة في دور رعاية الأيتام التي تضم أكثر من 9500 يتيم ويتيمة في كافة مناطق المملكة، وأوضحت تقارير الفريق أن نسبة كبيرة من مجهولي الأبوين من أصحاب البشرة السمراء لا يجدون فرصتهم في الاحتضان لعدم تطابق الشروط.
وجاء في مرئيات فريق العمل الذي درس استراتيجية الأيتام الجديدة أن الرغبة في احتضان ذوي البشرة البيضاء والقمحي تقلل من فرص احتضان ذوي البشرة السمراء، ما يتطلب نشر ثقافة الاحتضان في الأحياء التي يكثر فيها أصحاب البشرة السمراء، إلا أن الفريق لم يذكر الآلية التي يتم بموجبها تحديد هذه الأحياء، لا سيما أن كافة الاحياء خليط من الناس مختلفي الألوان والثقافات، ولا توجد أحياء تقتصر على سكان بلون محدد ما يضعف هذه التوصية.
وتضمنت التوصيات التي اطلعت عليها «عكاظ»، ضرورة إيجاد بدائل لتكدس الأطفال مجهولي الأبوين، وعدم تجميع الايتام في قرى معزولة لإبعادهم عن أي وصمة اجتماعية في ظل إعلان سابق للوزارة عن إقامة قرى للأيتام، مشيرين إلى أن إنشاء مثل هذه القرى يعني تكريس العزلة الاجتماعية للأيتام.
كما تطرقت التوصيات الى معالجة ملاحظات حول الأوراق الثبوتية لمجهولي الأبوين، وانتقد فريق العمل تدني المستوى التعليمي للأيتام لدى الامهات الحاضنات واختلاف الفئات العمرية بين مجهولي الأبوين، وشددت على أهمية إلغاء دور المؤسسات الخاصة برعايتهم وبذل الجهود للتقليل منها، بحيث تصبح آخر حل لهم. وبينت التوصيات ضرورة وضع برامج مقنعة لتشجيع الاحتضان وتطوير تلك البرامج ماديا ومعنويا وإيجاد حوافز جديدة للأسر الحاضنة كمنحهم تذاكر مخفضة واستثناء في استقدام الخادمات، إلا أن مطلعين أبدوا مخاوفهم من استغلال البعض لتلك الحوافز بحيث يصبح الاحتضان وسيلة للتكسب والحصول على مميزات وتخفيضات.
وانتقدت التوصيات جملة من الوقائع التي يعيشها مجهولو الأبوين من الايتام في دور الإيواء منها عدم توفر أماكن مناسبة للأنشطة الرياضية، افتقار المدارس للأنشطة الجماعية التي تساعد على دمجهم في المجتمع، عدم تعويد الطلاب على تحملهم للمسؤولية لقلة العمل التعاوني الجماعي مع الآخرين، عدم تعاون بعض الجهات مع برامج مجهولي الأبوين، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه لدى الجهات الخاصة بالأنشطة الترفيهة.
وقال مختصون في الشأن الاجتماعي منهم الاخصائي الاجتماعي ورئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد الدكتور طلال الناشري، وأخصائية السلوك الدكتورة نادية نصير، والأخصائية الاجتماعية الناشطة في العمل التطوعي الدكتورة احلام فخر الدين، إن وزارة الشؤون الاجتماعية ما زالت تعمل وفق اللائحة الاساسية لدور التربية النموذجية للبنين الصادرة منذ عام 1387هـ أي منذ 48 عاما، في حين رد مصدر في الوزارة بأنه تم الرفع لتحديثها وفي انتطار إعتماد اللائحة الجديدة من الجهات المختصة.
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد شرعت من خلال لجنة مختصة في إعداد استراتيجية شاملة لتطوير رعاية الأيتام، تنبثق عنها لجان فرعية تغطي الجوانب المختلفة للاستراتيجية بمشاركة عدد من الأكاديميين من الجامعات والاستشاريين والأخصائيين والأخصائيات العاملين في الميدان، وذلك بهدف ضمان تنفيذ الاستراتيجية في الوقت المحدد وبالجودة اللازمة، وقامت هذه اللجان بأداء مهامها والتنسيق في ما بينها فضلا عن الاستفادة من الدراسات والبحوث السابقة للإبقاء على ما يناسب منها.
الى ذلك، قال رئيس لجنة حقوق الانسان في مجلس الشورى سابقا سليمان الزايدي إن فئة مجهولي الأبوين ليس لهم ذنب في ظرفهم وقد وجدوا أنفسهم في هذا المحيط بلا ذنب منهم، والدولة ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية أخذت على عاتقها مهمة رعاية وإيواء هذه الفئة ودمجها في المجتمع وسن الأنظمة والقوانين التي تكفل لهم حق الرعاية والمساواة مع بقية أطياف المجتمع والعمل على تحسين أوضاعهم ومستقبلهم ليكونوا مواطنين منتجين في المجتمع شأنهم شأن الاخرين.
وقال «من المهم تحديث الانظمة واللوائح التي تنظم وتعالج تطوير رعاية الأيتام والعمل على دمجهم في المجتمع، لا سيما أن الأنظمة واللوائح الحالية تحتاج الى تحديث، لا سيما تلك الخاصة بفئة مجهولي الأبوين»، لافتا إلى أن مجلس الشوري هو الجهة التي تتولى تحديث وسن الأنظمة واللوائح وفق اختصاصه.