توجه الناخبون في إقليم كردستان العراق، السبت، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية، تأمل فيها الأحزاب الأصغر في تشكيل تحد أمام التيارين السياسيين الرئيسيين في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي شمال العراق.
وتنطلق الانتخابات بمشاركة أكثر من مليونين و800 ألف ناخب لاختيار 111 نائباً، وتجرى الانتخابات وسط خلافات متواصلة مع بغداد ومعارك تخوضها مجموعات كردية في سوريا المجاورة. وتنظم في ظل تساؤلات بشأن مستقبل الأكراد الموزعين تاريخيا على مجموعة دول متجاورة يبدي بعضها استعداده لمناقشة مطالبهم، بينما تعصف ببعضها الآخر صراعات دامية، معبدة الطريق أمام الاكراد لتحقيق مزيد من المكاسب السياسية والعملية.
وأبرز الأحزاب المتنافسة في أول انتخابات في محافظات الإقليم الثلاث منذ أكثر من 4 سنوات، حزبا الرئيس العراقي جلال طالباني الغائب عن الساحة السياسية لتلقيه، منذ نهاية العام الماضي، علاجا في ألمانيا من جلطة دماغية أصيب بها، ورئيس الإقليم مسعود بارزاني، إلى جانب حركة التغيير "غوران" بزعامة نوشيروان مصطفى الذي انشق عن حزب طالباني.
ويتوقع مراقبون أن يفوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة بارزاني بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان الجديد، في وقت يواجه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني منافسة من قبل "غوران" خصوصا في ظل الغموض الذي يحيط بالوضع الصحي للرئيس العراقي (80 عاما).
وتسلط هذه الانتخابات الضوء على المحاولات الكردية على مدار السنوات الأخيرة التي تصب في اتجاه الاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد.
ويشكل التقدم الذي أحرزه الأكراد في الإقليم، علامة فارقة مقارنة بالعقود المنصرمة التي كان الناشطون الأكراد يواجهون فيها الإعدام في تركيا وسوريا وإيران والعراق.
وقد سعت سلطات الإقليم الغني بالنفط إلى بناء خط أنابيب يربطها مباشرة بالأسواق العالمية، وعملت في موازاة ذلك على تصدير النفط إلى جارتها تركيا، ووقعت عقودا مع شركات أجنبية على رأسها إكسون موبيل الأميركية وتوتال الفرنسية.
ويعتمد الإقليم في سعيه هذا بشكل أساسي على صورته كمنطقة آمنة في العراق، على عكس المناطق الأخرى من البلاد التي تعاني من أعمال عنف يومية، وعلى اقتصاده الذي يشهد نموا سريعا.
وتثير محاولات الإقليم الكردي تحقيق استقلال نفطي واقتصادي وسياسي متزايد غضب حكومة بغداد التي تخوض مع سلطاته صراعا متواصلا بشأن مناطق متنازع عليها بين الجانبين، بينها محافظة كركوك الغنية بالنفط والتي تحتضن خليطا من الإثنيات والقوميات.
وفي موازاة ذلك، يجد إقليم كردستان نفسه منخرطا في الصراع الدامي في سوريا المجاورة.
وقد دفعت الاشتباكات التي خاضتها الشهر الماضي مجموعات كردية مع أخرى جهادية تحاول إيجاد ممر آمن إلى العراق، عشرات آلاف الأكراد السوريين للجوء إلى إقليم كردستان العراق.
وكان بارزاني هدد بالتدخل في الصراع في سوريا بهدف حماية الأكراد هناك، رغم أن المسؤولين الأكراد يحاولون التقليل من وقع هذه التهديدات.
ويشارك السبت 2.8 مليون كردي في العملية الانتخابية التي تشمل المنافسة على 111 مقعدا في برلمان محلي يشرع قوانينه الخاصة.
وإلى جانب برلمانه الخاص، يملك إقليم كردستان العراق قواته الأمنية الخاصة ويعتمد تأشيرة دخول مغايرة لتلك التي تعتمدها بغداد، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المسؤوليات الرسمية التي تتولاها حكومة الإقليم.
ورغم أن سلطات إقليم كردستان تزعم أن مواطني المحافظات الثلاث، السليمانية وأربيل ودهوك الواقعة جميعها في شمال البلاد، تتمتع بحريات أكبر من تلك التي يتمتع بها العراقيون في المناطق الأخرى، تتعرض هذه السلطات لانتقادات متزايدة وسط اتهامات بانتهاك الحقوق.
وقبيل انطلاق الانتخابات، التي بدأ المواطنون يقترعون فيها عند نحو الساعة السابعة والنصف (04.30 ت غ) من صباح السبت، قتل شخص وأصيب آخرون بجروح في هجوم طال مناصرين لحركة "غوران".