وسط أرقام متزايدة لمعدلات استهلاك الطاقة في المملكة والتي تزيد عن معدلات استهلاك الطاقة في الدول الصناعية في العالم، أطلق محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبدالله الشهري تحذيراً حول الازدياد السريع في استهلاك الكهرباء والمياه والوقود، داعياً إلى إعادة النظر في انخفاض أسعار الطاقة المقدمة للمستهلكين.
وكشف الشهري لـ"الوطن" أمس، أن خدمة الكهرباء تباع للمستهلكين بأقل من تكلفتها بكثير، في حين أن سعر المتر المكعب للمياه يكلف الدولة 15 ريالاً ويباع للمستهلكين بـ10 هللات فقط، مطالباً بالترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه، معتبراً في ذات الوقت أن من أهم أسباب الهدر انخفاض أسعار الطاقة، وعدم كفاءة الاستخدام من قبل المستهلكين.
ودق الشهري ناقوس الخطر حول مستقبل المياه في المملكة، إذا ما استمر حال الاستهلاك على هذه الوتيرة المتصاعدة، مشيراً إلى وجود مصادر مياه يجب المحافظة عليها وعدم الهدر، معتبراً أن الاستهلاك المفرط للمياه سيسبب أزمة مياه في المستقبل.
كما عد الشهري انخفاض أسعار الوقود من أهم أسباب الهدر الحاصل في قطاع المواصلات والنقل، مشدداً على أهمية الترشيد في استخدامات الطاقة في كل جوانب استهلاكها من مواصلات وكهرباء ومياه، مؤكداً أن الحل في مواجهة الطلب المتزايد على مصادر الطاقة الترشيد.
وأضاف الشهري: "نظراً لتزايد معدلات نمو استهلاك الطاقة من مشتقات بترولية وغاز وسوائل غاز وكهرباء وتحلية مياه في المملكة والمتوقع لها أن تنمو بشكل كبير، يفوق المعدلات العالمية في المستقبل، فإن ترشيد استهلاك الطاقة المحلي يعد مطلباً وطنياً يجب أن يحظى بالأولوية القصوى للمحافظة على الثروات الطبيعية الناضبة والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن لزيادة دخل المملكة، ومساندة الجهود لزيادة الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية".
وبحسب مركز كفاءة الطاقة (كفاءة)، فإن التوقعات تشير إلى تسارع نمو الاستهلاك المحلي من البترول والغاز بشكل كبير وبمعدل يبلغ حوالى (4-5%) سنوياً، في حين يعد هذا النمو في الاستهلاك المحلي للطاقة مرتفعاً بكل المقاييس مقارنة بمعدلات الاستهلاك العالمية، حيث إنه ينمو بمعدل أعلى من معد النمو الاقتصادي في المملكة، لا سيما أن معدلات نمو الاستهلاك في الدول الصناعية تأتي أقل من نصف معدلات نموها الاقتصادي، فيما يتبين أيضاً أن تلك المعدلات في الدول النامية، خاصة في الصين، لم تتجاوز معدلات نموها الاقتصادي.
وشهدت المملكة خلال الأعوام القريبة الماضية، دعوات وجهوداً متضافرة للحد من الاستهلاك المفرط للطاقة والهدر الحاصل في مجالات عدة، داعية إلى الاستفادة من تجارب دول سابقة، حيث أدت سياسات وبرامج رفع كفاءة استهلاك الطاقة في الدول الصناعية خلال العقود الـ3 الماضية، إلى تخفيض كثافة استهلاك الطاقة (الطاقة المستهلكة بالنسبة للناتج القومي) بنسبة 51%، ما يشير في دلالة بارزة إلى أن تلك الدول تمكّنت من استغلال الطاقة المتاحة لديها بكفاءة أكبر في جميع نشاطاتها الاقتصادية، إذ سجّل مؤشر كفاءة استهلاكها للطاقة نمواً مستمراً بمعدل 1.7% سنوياً على مدى الـ30 سنة الماضية.
وتشير التقارير إلى أن معظم الانخفاض في كثافة استهلاك الطاقة لتلك الدول تحقق في القطاعات السكنية والتجارية والصناعية والنقل، حيث ساهمت تلك القطاعات بنسبة 70% من إجمالي الانخفاض في كثافة استهلاك الطاقة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ونحو 63% على مستوى العالم، كما ساهم قطاع النقل بنحو 25% من انخفاض كثافة استهلاك الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي، وبمقارنة هذا الاتجاه العالمي في ترشيد الطاقة مع الوضع في المملكة: يتبين أن مؤشر كثافة استهلاك الطاقة قد ارتفع بنسبة 30% خلال الـ20 سنة الماضية، ما يشير إلى أن كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة – للأسف الشديد – قد انخفضت بشكل مستمر بمعدل 1.8% سنوياً.