اتهم العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب ألقاء مساء الاربعاء الجزائر دون ذكرها بالاسم، ب "تقديم أموال ومنافع لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا".
وقال ملك المغرب في خطابه بمناسبة الذكرى ال 38 للمسيرة الخضراء إن السبب الرئيسي ل"التعامل غير المنصف" مع المغرب، "يرجع بالاساس، لما يقدمه الخصوم من أموال ومنافع، في محاولة لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا، وذلك في إهدار لثروات وخيرات شعب شقيق، لا تعنيه هذه المسألة، بل إنها تقف عائقا أمام الاندماج المغاربي".
ويأتي خطاب الملك بعد أسبوع من توتر العلاقات بين الرباط والجزائر إثر خطاب للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حول الصحراء الغربية، تسبب في استدعاء المغرب لسفيره في العاصمة الجزائرية للتشاور، قبل عودته الاثنين لمزاولة مهامه.
وفي خطاب للرئيس الجزائري قرأه نيابة عنه وزير العدل الطيب لوح في 28 تشرين الاول/اكتوبر الماضي في مؤتمر دعم الشعب الصحراوي في ابوجا، اعتبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ان "الجزائر لا تزال على قناعة بان توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل تكفل الأمم المتحدة بمراقبة حقوق الانسان في الصحراء الغربية يعتبر ضرورة ملحة".
وشدد محمد السادس ان "المغرب يرفض أن يتلقى الدروس في هذا المجال (حقوق الإنسان)، خاصة من طرف من ينتهكون حقوق الإنسان بطريقة ممنهجة" مضيفا "أن من يريد المزايدة على المغرب، فعليه أن يهبط الى تندوف (جنوب غرب الجزائر)، ويتابع ما تشهده عدد من المناطق المجاورة، من خروقات لابسط حقوق الإنسان".
من ناحية ثانية قال الملك محمد السادس ان المغرب "يحرص على التعاون والتفاعل الإيجابي مع المنظمات الحقوقية الدولية التي تتحلى بالموضوعية في التعامل مع قضاياه، ويتقبل بكل مسؤولية النقد البناء".
غير انه أضاف أن المغرب "يرفض ان تتخذ بعض المنظمات تقارير جاهزة وبعض التصرفات المعزولة، ذريعة لمحاولة الإساءة لصورته وتبخيس مكاسبه الحقوقية والتنموية"، دون ان يذكر هذه المنظمات بالإسم.
كما أشار العاهل المغربي الى ان "معظم المواقف الدولية تتصف بالموضوعية والواقعية" لكنه أضاف "فإن ما يبعث على الأسف أن بعض الدول تتبنى أحيانا نفس المنطق في تجاهل مفضوح لما حققته بلادنا من منجزات خاصة في مجال الحقوق والحريات".
واعتبر الملك ان "هذا الخلط والغموض في المواقف يجعل طرح السؤال مشروعا. هل هناك أزمة ثقة بين المغرب وبعض مراكز القرار لدى شركائه الاستراتيجيين بخصوص قضية حقوق الإنسان بأقاليمنا الجنوبية؟" اي الصحراء الغربية.
ويأتي تساءل العاهل المغربي قبل أيام من زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى الرباط يومي 11 و12 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي تعد بلاده شريكا استراتيجيا للمغرب، سيترأس خلال هذه الزيارة رفقة نظيره المغربي ما يسمى ب"الحوار الاستراتيجي الأميركي المغربي".
وتأتي زيارة جون كيري الى المغرب في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين بعض التوتر في الأشهر الأخيرة، بعد اعتراض المملكة الشديد على مشروع قرار دولي تقدمت به واشنطن لتوسيع صلاحية بعثة الأمم المتحدة الى الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الانسان في المنطقة.
وأكد الملك انه "رغم المحاولات اليائسة لخصوم المغرب، للمس بسمعته وسيادته، فإن المملكة ستواصل التعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع مبعوثه الخاص ومع الدول الصديقة من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع".
وزار كريستوفر روس، الموفد الخاص للامم المتحدة للصحراء الغربية، منتصف تشرين الأول/أكتوبر للمنطقة، وهي الزيارة الميدانية الثالثة فقط للموفد الأممي منذ 2009، ومن المتوقع أن يزور المنطقة مرة أخرى بهدف تقديم تقرير للأمين العام الأممي مع محاولة استئناف المفاوضات.
ولأول مرة تبنى الملك في خطابه كلاما كانت ترفعه المعارضة السياسية في المغرب، كانت تقول فيه ان توجيه أموال وخيرات أقاليم المغرب الأخرى الى الأقاليم الجنوبية (الصحراء الغربية) "سبب أساسي في تأخر التنمية".
وقال الملك في هذا الصدد انه "في إطار التضامن الوطني، فإن جزءا مهما من خيرات وثروات المناطق الوسطى والشمالية للمغرب، يتوجه لتلبية حاجيات مواطنينا في الجنوب. وذلك عكس ما يروج له خصوم المغرب، من استغلال لثروات الصحراء".
وتتهم جبهة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) مدعومة بالجزائر، السلطات المغربية ب"استنزاف" خيرات الصحراء الغربية، وعلى رأسها الفوسفاط (75% من الاحتياطي العالمي) والثروة السمكية (سواحل الصحراء من أغنى المناطق من حيث الكثافة السمكية).
يذكر ان "المسيرة الخضراء" التي شارك فيها حوالي 350 الف مغربي، اسم أطلق على تظاهرة جماهيرية نظمتها الحكومة المغربية في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 1975 لحمل إسبانيا على تسليمها الصحراء الغربية.