يبدأ العد التنازلي بالنسبة لسكان حي راس خميس في القدس الشرقية المحتلة مع انتهاء مهلة شهر حددتها بلدية القدس الاسرائيلية الاحد كانذار لهدم عشر بنايات يسكنها نحو 400 عائلة مقدسية بحجة البناء غير المرخص.
وقامت بلدية القدس بالصاق اوامر هدم على بنايات شاهقة وبتصوريها من الجو. ويطلق السكان المحليون على هذه البنايات اسم ناطحات سحاب راس خميس.
والاحد 31 تشرين الثاني/نوفمبر هو اخر يوم للتوجه الى المحاكم للاعتراض القانوني والا ستصبح اوامر الهدم سارية المفعول.
ووزعت البلدية اوامر الهدم على البنايات الشهر الماضي بدون تحديد اسماء المالكين او السكان وترك امر الهدم ضد مجهول.
ويقول المحامي مهند جبارة محامي لوكالة فرانس برس عن اوامر الهدم "هناك قانون 212 ستستخدمه البلدية والنيابة لتنفيذ اوامر الهدم، اذ يخول هذا القانون النيابة العامة استصدار امر هدم ضد مبنى بني بدون ترخيص حتى لو كان منفذ البناء مجهول الهوية".
واوضح جبارة "الهدف من هذا القانون تخويل النيابة استصدار اوامر هدم في الحالات غير الاعتيادية والتي تعثر عليها تقديم لائحة اتهام ضد منفذ البناء".
ولا يرغب سكان البنايات العشر التي تصل مساحة الواحدة منها الى حوالى اربعة الاف متر مربع ويقطنها ما بين 35 عائلة الى 40 عائلة بالكشف عن هوياتهم .
ويرى احد اصحاب البنايات الذي لم يود الكشف عن اسمه "بانه من غير الحكمة ان نتعاون مع البلدية باي شكل من الاشكال".
وقال لوكالة فرانس برس"هل نذهب لنكشف انفسنا امام البلدية ونعطيها اسماءنا على طبق من فضة والتي ستبدا بتدفيعنا غرامات وبعد ذلك تقوم بهدم المباني بعد ان تفرغ جيوبنا".
واضاف صاحب المبنى "نحن ندرس كل الامكانيات مع السكان وقد نلجأ الى المقاومة الشعبية".
اما رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في القدس حمدي دياب فقال لوكالة فرانس برس"لقد اجتمعنا ولا زلنا نجري اجتماعات مكثفة ونقاشات داخلية بين السكان، وهناك توجه من قبل الجميع ان نذهب لاعتراض لدى المحكمة باسم لجان لم نحدد تسمياتها بعد وبدون ذكر اسماء القاطنين في هذه البيوت".
واضاف "الخطر في هذا التوجه انه سيفتح الباب على باقي سكان الحي الذي صورته البلدية والصقت نحو 70 امر هدم ومزق اصحاب البيوت هذه الاوامر". وقال "بيوت راس خميس وراس شحادة بنيت بشكل غير قانوني لان اسرائيل لا تمنح سوى اعداد قليلة من الرخص بتكلفة عالية وتعمل على هجرة سكان مدينة القدس الى الضواحي لعدم وجود اماكن سكنية او اراضي او السماح بالبناء".
واجتمع ممثلو اللجان الشعبية للدفاع عن الحي واصحاب المباني وممثلو محافظة القدس التابعة للسلطة الوطنية والمحامي مهند جبارة لبحث كافة الاحتمالات بشان هذه المباني خلال الايام الثلاثة الماضية.
وينظر المحامي مهند جبارة الى الاجراءات القانونية التي تقوم بها البلدية بشكل اخر وقال "لا يمكن الاستهانة بهذه القارات او التغاضي عنها او اهمالها".
واضاف "ان الحديث يجري عن طلبات هدم تقدمت بها البلدية الى المحاكم لهدم هذه المباني بحجة عدم الترخيص لكن المحكمة طلبت من البلدية الصاق اوامر هدم على البنايات مدتها شهر وتنتهي امكانيات الاعتراض على هذه الاوامر في 31 تشرين الثاني/نوفمبر".
ويضيف جبارة "اذا وافق السكان على التوجه الى المحكمة فقد ندعي في اعتراضنا ان البلدية لم تطالب بوقف تلك البنايات خلال عملية البناء في تلك البنايات السكنية منذ بداية اقامتها يمنعها اليوم من المطالبة بهدمها ،كذلك هي لم تقم بالتحقيقات اللازمة لاستكشاف هوية منفذي البناء".
ويطرح جبارة كل الاحتمالات القانونية امام المحاكم لكنه لا يعد بان اوامر هدمها ستلغى، ويقول "قد لا ننجح بالغاء الاوامر وقد تؤجل عملية الهدم لعدة سنوات كما يحدث في المباني التي تهدمها البلدية بين يوم واخر" .
وتقوم البلدية عادة بتنفيذ اوامر الهدم التي تستصدرها المحاكم بحشد عدد كبير من موظفيها والياتها من جرافات ومعدات والتنسيق مع الشرطة وحرس الحدود بحشد قوة كبيرة من وحداتها قبل التوجه لهدم اي بيت.
ويستبعد ان تقوم البلدية بهدم اي بناية يوم الاحد كونه يصادف عيد "الانوار"، لكن ذلك لا يعني انها لن تنفرد باحدى البنايات فيما بعد وخصوصا ان "الوضع السياسي بين السلطة الفلسطينية واسرائيل متوتر وتتاثر عملية الهدم في القدس بالوضع السياسي العام".
وحي راس خميس مبني معظمه بشكل غير قانوني بشكل عشوائي بدون تخطيط او تاسيس بنية تحتية او خطوط مجاري صحية او ملاعب او حدائق او مرافق للحياة العادية بعد ان بنت اسرائيل الجدار الفاصل في منطقة شعفاط وعزلت نحو 50 الف فلسطيني في مناطق مثل راس خميس وراس شحادة.
وقد يصل عدد الشقق في هذه المباني الشاهقة الى خمسين وتتجاوز الجدار البالغ ارتفاعه ثمانية امتار.
وشيدت المباني خلال العشر سنوات الاخيرة ووجد المقدسيون ذوي الدخل المحدود ضالتهم في هذا المكان بعد ان تقاعست بلدية القدس على المصادقة على اي مخطط مدن خلال 46 عاما من الاحتلال للعرب.
ويخوض فلسطينيو القدس الشرقية صراعا مريرا للبقاء في المدينة من اجل تعزيز وجودهم وبناء بيوت وسكن بدون ترخيص اذ ان بلدية القدس الاسرائيلية تسمح بالقطارة للعرب فيها بترخيص ابنية وبتكلفة عالية.
كما تقوم وزارة الداخلية الاسرائيلية بسحب اقامة المقدسيين اذا ما سكنوا في منطقة السلطة الفلسطينية .