منذ بدأ النظام بقمع الثائرين عليه في سوريا، مبتدئاً في 15 مارس 2011 بأطفال درعا، والموت ناشط في البلاد ومشمّر عن ساعديه لا يكل ولا يتعب، وحصاده حتى الآن ما معدله 128 ألف قتيل و600 ألف جريح ومشوّه ومعطوب في ثورة تتم الثلاثاء 1000 يوم من عمرها، أي مليون و440 ألف دقيقة تماما، وفي كل 11 منها سقط قتيل.
القتلى، طبقا لتقرير من "المرصد السوري لحقوق الإنسان" صدر في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وأطلعت "العربية.نت" على ملخصه، هم 126 ألفا منذ بدء الثورة حتى نهاية الشهر الماضي، معظمهم من المقاتلين المعارضين ومن قوات النظام والموالين له من شبيحة ومخبرين، منهم أكثر من 44 ألفا من المدنيين، ممن قضى بينهم 6627 طفلا و4454 امرأة.
من الثوار سقط 27 ألفا و746 قتيلا، هم 19264 مدنيا ممن حملوا السلاح ضد قوات الأسد، ومعهم 2221 جنديا منشقا، إضافة إلى 6261 مقاتلا من جنسيات غير سورية أو مجهولي الهوية. أما النظام فسقط من قواته والموالين 50 ألفا و927 قتيلا، بينهم 31174 جنديا نظاميا و19256 من اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني و232 من حزب الله اللبناني، إضافة إلى 265 مقاتلا من جنسيات غير سورية.
مع القتلى المعروفين وثق المرصد مقتل 2781 شخصا هوياتهم مجهولة، إلى جانب أكثر من 16 ألف معتقل ومفقود في سجون النظام، يقابلهم أكثر من 5 آلاف من مواليه محتجزين لدى كتائب إسلامية وجهاديين وتنظيم "القاعدة" وغيره، مع تلميح من المرصد بإمكانية أن يكون عدد القتلى أكبر "بسبب تكتم الطرفين على الحجم الحقيقي للخسائر البشرية" وفقا للتقرير الذي لو تم تحديثه الثلاثاء الآن، مع مرور 1000 يوم على الثورة، لوصل عدد القتلى فيه إلى 128 ألفا بالتأكيد.
ولشيطان التفاصيل إحصاءات سوداء دائما عن سوريا، وأحدثها تقرير صدر السبت الماضي عن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بأن اللاجئين 3 ملايين و400 ألف، منهم 35% نساء و50% أطفال و15% رجال، ومعظمهم موزع (بالآلاف) بواقع 860 في لبنان و785 في تركيا و730 في الأردن و415 في العراق و250 في كردستان العراق و40 بدول المغرب العربي و75 في الاتحاد الأوروبي و15 بالقارة الأميركية، إضافة لمئات الآلاف ممن لا يعرف المتابعون أين حلت بهم الرحال.وقبل أيام، أي في 29 نوفمبر الماضي، أصدرت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" تقريرا بأن أعدادا صادمة لأطفال لاجئين في لبنان والأردن "ينشأون في عائلات مفككة ويفقدون فرصة التعليم ويصبحون المعيل الرئيسي لأسرهم" وأن المفوض السامي أنطونيو غوتيريس أطلق تحذيرا: "إذا لم نتخذ إجراءات سريعة فستستمر معاناة جيل من أبرياء حرب مروعة" كما قال.
اسم التقرير "مستقبل سوريا- أزمة الأطفال اللاجئين" وركز بصورة مفصلة على تفكك العائلات "حيث تعيش أكثر من 70 ألف عائلة لاجئة من دون آباء، ومعها أكثر من 3700 طفل لاجئ غير مصحوب، أو حتى منفصل عن كلا والديه" وفقا للتقرير الوارد فيه أيضا أن الصراع ترك آثارا عميقة على الأطفال "وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2013 أحيل 741 لاجئا من الأطفال إلى مستشفيات بلبنان، وخلال عام واحد تلقى أكثر من 1000 طفل في مخيم الزعتري بالأردن علاجاً لإصابات ترتبط بالحرب".
أكثر من 6 آلاف حالة اغتصاب
وهناك تقرير من الأرقى بدقته، صدر قبل أسبوعين عن مقر "الشبكة الأوروبية- المتوسطية لحقوق الإنسان" بالدنمارك، يؤكد حصول 6 آلاف حالة اغتصاب للنساء، مع اعتقاد بطعم الجزم، بأن العدد أكبر من ذلك بكثير "ومعظم الحالات يليها حمل تبتلى به المغتصبة" وأن قوات النظام كانت ترتكب الاغتصابات عند الحواجز ونقاط المراقبة ومراكز الاعتقال، أو حين يشن عناصرها هجمات ضد قوات المعارضة في القرى والبلدات والمدن.
أما "مركز أكسفورد ريسرتش غروب" البريطاني للأبحاث، فأصدر بدوره تقريرا قبل أسبوعين، واطلعت عليه "العربية.نت" أيضا، لكنه مختلف عن سواه لجهة التنكيل بالأطفال، ففيه يذكر أن عدد القتلى حتى نهاية أغسطس الماضي هو 113735 بينهم 11420 طفلا ومراهقا تقل أعمارهم عن 17 سنة، منهم 128 قضوا بالسلاح الكيمياوي ذلك الشهر في الغوطة، و389 برصاص القناصة.
أما البقية فقتلوا بأسلحة متفجرة، من قصف جوي ومدفعي واعتداءات بالقنابل والسيارات المفخخة، وهي الأكثر فتكا بالأطفال السوريين "كما أعدم النظام 764 طفلا من دون محاكمة بعد أن تعرض 112 منهم للتعذيب، أعمار 5 منهم 7 أعوام أو أقل، إضافة إلى 11 أعمارهم بين 8 و12 سنة" وفقا للتقرير.
شيطان التفاصيل السوري لا ينسى الخسائر بالماديات أيضا، فأحد أهم التقارير التي اطلعت "العربية.نت" على ملخص عنها، صدر عن وزارة الاقتصاد السورية نفسها الشهر الماضي، وفيه ما يوحي بأن "باركنسون اقتصادي" يمعن شللا في البلاد تماما، ويطلب المزيد.
في التقرير الذي نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، طامات اقتصادية وكوارث: القطاع النفطي تراجع 95% ومثله الصادرات بالنسبة نفسها، وحدث تراجع نسبته 88% في الواردات أيضا، فقد كانت في الربع الأول من 2011 أكثر من 4.1 مليار دولار، وأصبحت في الربع الأول من 2013 أقل من 818 مليونا، ويعتقدون أنها النصف الآن.
العقوبات الاقتصادية، غربية وعربية، قدرها رئيس الوزراء وائل الحلقي في التقرير بأكثر من 17 مليارا، فيما نال التدمير من 3 ملايين وحدة سكنية وتجارية، والبنى التحتية انهارت في 75% من الريف و40% من المدن، والسياحة أصبحت ذكريات، وسوريون بمئات الآلاف خسروا وظائفهم، والشيء الوحيد المستمر كما كان منذ 1000 يوم هو الشعار الشيطاني الشهير: الأسد أو نحرق البلد.