في بادرة تعكس مدى الأمانة والحرص على أن يصرف المال لمن يستحقه عكس المواطن مبارك القحطاني صورة مثالية عند زيارته لمقر جمعية البر بمنطقة عسير، وتوقع الجميع أنه قدم لتجديد بطاقة الانتساب أو متذمر من قلة الدعم إلا أن المفاجأه كانت في إعادته لبطاقة "مستفيد" التي بموجبها يتلقى معونات مادية وعينية من جمعية البر بأبها، معللا ذلك بتحسن ظروفه المادية وانتهاء مرحلة الحاجة والعوز إلى مرحلة الاكتفاء بعد أن خدمته جمعية البر لسنوات من خلال ما تقدمه من دعم. "الوطن" التقت مبارك القحطاني الذي أكد في حديثه أن رحلته مع الحياة رحلة كفاح وتعب.
ويقول: كنت موظفا في الشؤون البلدية والقروية بأبها، وذلك عام 1402، وكنت أحد العاملين في فتح الطرق في مناطق تهامة كالفطيحة وعقبة ضلع، وعندما حدثت سيول ضلع عام 1402 تمكنت من إنقاذ عدد من الأشخاص كادوا أن يهلكوا في السيول الجارفة، وبهذا العمل أهداني نائب أمير منطقة عسير حينذاك الأمير فيصل بن بندر سيارة كهدية مقدمة منه ومن أمير المنطقة في حينه الأمير خالد الفيصل، وتلقيت بعد ذلك عرضا من إدارة الدفاع المدني للعمل كسائق معدة برتبة جندي أول ووافقت وواصلت العمل في الدفاع المدني حتى وصلت إلى رتبة وكيل رقيب، بعدها مررت بظروف مادية صعبة، حيث مرض والدي، وكان أحدهما مصاب بجلطة، واضطررت بسبب رعايتهما إلى ترك العمل والبقاء بجوارهما بعد خدمة استمرت 17 عاما، وبسبب تركي للوظيفة تأزمت أوضاعي المادية، ودخلت في دوامة الديون والعجز منذ عام 1418، ولم أجد حلا غير الذهاب إلى جمعية البر بأبها، فصرفوا لي سلة غذائية بشكل شهري بالإضافة إلى الإعانة الشهرية، كما دعموني بسيارة تابعة للجمعية لكي أستخدمها في نقل الحطب وبيعه، وأصبحت مصدر دخل جيد لي ولأسرتي.
ويكمل القحطاني سرد قصته بأنه خشي على أبنائه أن يتأثروا دراسيا بظروفه فأوهمهم بأن كل هذه المصاريف من حسابه الخاص وطالبهم بالاهتمام بدراستهم حتى أكملوا تعليمهم وأصبحوا موظفين، وأصبحت ابنته الكبرى حاصلة على الدكتوراه وتعمل أستاذه بجامعة الملك فيصل بالأحساء. وأضاف بعد أن أمنت مستقبل أبنائي اجتمعت بهم الأسبوع الماضي وكشفت لهم الحقيقة أني كنت أصرف عليهم من حساب جمعية البر، ليتفق معهم على إعادة البطاقة إلى الجمعية ليستفيد منها شخص محتاج وتعينه على أمور حياته.
ومن جانبه، أكد أمين عام جمعية البر محمد بن فحاس أن قصة العم مبارك القحطاني من قصص الكفاح التي تخلد في ذاكرة التاريخ، ويحق لمنسوبي جمعية البر وعلى رأسهم أمير منطقة عسير، أن يفاخروا بانتسابهم لهذه الجمعية التي حفظت وكفلت بعد توفيق الله، أسرة وأنقذتها من الشتات والضياع.