حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من محاولات تحميل الحكومة السورية وأنظمة أخرى في العالم جرائم وحشية بالأكاذيب والتلاعب بالوقائع.

وأعاد لافروف الى الأذهان خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأريتري عثمان صالح بموسكو الاثنين 17 فبراير/شباط، استخدام صور جرائم قديمة تعود الى فترة الحرب في العراق، لتوثيق جرائم منسوبة لدمشق. كما أشار الى محاولات تشويه الوضع في أوكرانيا بواسطة التلاعب بالمعلومات والصور.

واعتبر أن هناك عددا كبيرا من الوقائع التي تشير الى محاولات متعمدة لتشكيل رأي عام معين إزاء مثل هذه القضايا الدولية عبر التلاعب بالوقائع والأكاذيب.

وشدد على أن المعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام يجب أن تكون موضوعية، منتقدا محاولات بعض الأطراف لاستغلال الواقع في مصالحها الجيوسياسية.

وشدد لافروف على أن معظم القضايا في سورية ليست من صنع السلطات، بل هي ناتجة عن نشاط المجموعات المسلحة.

وبشأن الدعوة التي وجهها الى موسكو اليوم نظيره الأمريكي جون كيري لبذل مزيد من الجهود من أجل إنجاح مفاوضات السلام السورية في جنيف، أكد لافروف أن الجانب الروسي نفذ كل ما تعهد به في هذا الموضوع.

وقال: "يدعوننا دائما الى بذل مزيد من الجهود من أجل تسوية الأزمة السورية ويقولون إنه يتعين على روسيا أن تقنع الأسد بتنفيذ بيان جنيف".

وتابع أنه يبحث هذا الموضوع بشكل دوري مع كيري خلال لقاءاتهما الشخصية واتصالاتهما الهاتفية.

لكنه شدد على أن بيان جنيف، الذي كما يعترف الجميع يجب أن يصبح قاعدة لا بديل عنها للتسوية السورية، يتضمن دعوة الى الحكومة بتعيين مفاوض والى المعارضة لتعيين عدد من المفاوضين، إذ "كان جميع المشاركين في لقاء جنيف في يونيو/حزيران عام 2012، يدركون جيدا أن المعارضة مفتتة".

وشدد الوزير الروسي مجددا على ضرورة جمع كافة معارضي النظام وراء طاولة التفاوض.

وأوضح أنه كان متوقعا من موسكو بشكل غير معلن أن تعمل مع دمشق كي ترسل وفدا الى جنيف، بينما كان منتظرا من الولايات المتحدة، بصفتها الدولة التي طرحت هذه المبادرة مع روسيا، أن تضمن تمثيل قوى المعارضة.

وأشار الى أن كيري والمبعوث الأممي العربي الى سورية الأخضر الابراهيمي تعهدا له خلال اللقاء الثلاثي الأخير، بالعمل على توسيع وفد المعارضة، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن.

وتساءل لافروف قائلا: "ما الذي نراه في الواقع؟. إننا نرى مجموعة واحدة فقط من مجموعات المعارضة. وهذه المجموعة تمثل طيفا من المعارضة الخارجية وتطلق علي نفسها الائتلاف الوطني السوري، وهم تمكنوا من إقناعها بالذهاب الى جنيف".

وأعاد الى الأذهان أن جماعة الإخوان المسلمين و"المجلس الوطني السوري" خرجا من الائتلاف قبل توجه الأخير الى جنيف، كما بقت فصائل المعارضة الداخلية خارج نطاق مفاوضات جنيف أيضا.

وتابع أن موسكو تدقق حاليا في معلومات تشير الى أن بعض ممولي المعارضين بدأوا بتشكيل هيئة جديدة، تضم المجموعات التي انسحبت من الائتلاف الوطني سابقا التي لا تؤمن بعملية التفاوض.

وقال الوزير الروسي "أي أن هناك توجاه للخروج من مسار التفاوض والمراهنة مجددا على السيناريو العسكري".

وقال: "عندما نسمع تصريحات عن ضرورة أن تتخذ روسيا خطوات ما، يجب أن نتذكر حقيقة بسيطة: إننا عملنا كل ما تعهدنا به".

وأضاف :"أن محاولات فرض مهل مصطنعة على عملية جنيف، والتأكيدات على أن المماطلة لم تعد ممكنة، وأن عملية جنيف باتت في خطر، فإن مصدر كل هذه التصريحات هو نفس السياسيين الذين سبق وأن قالوا إنه لا يجوز المماطلة فيما يخص الأزمة الليبية. والجميع يعرفون نتيجة ذلك".

لافروف يدعو واشنطن الى العمل مع السلطات السورية بشكل مباشر

وبشأن تصريحات واشنطن عن نيتها تكثيف ضغوطها على دمشق، قال لافروف إن موسكو ترحب بذلك التوجه، إذا كان الحديث يدور عن الضغوط السياسية.

وتابع قائلا: "كنا ندعو دائما الى أن تعمل الولايات المتحدة بشكل مباشرة مع السلطات في سورية".

وأردف قائلا: "قلت ذلك مرارا لكيري، ردا على دعواته لنا بالتأثير على النظام كي يكون أكثر مرونة في هذه المسائل أو تلك".

وفي الوقت نفسه أكد لافروف أن بلاده تبقى على اتصال يومي بالسلطات السورية.

أكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده تعمل في مجلس الأمن على وضع قرار دولي خاص بمكافحة الإرهاب في سورية.

وذكر أن الإحصائيات المتوفرة تظهر أن الجماعات المتطرفة التي ازداد عددها في سورية بشكل حاد، والتي لا تخضع لأية هيئة سياسية معارضة، مسؤولة عن معظم المشاكل التي تحدث في سورية.

وأعاد الى الأذهان مجددا دعوة زعماء مجموعة الثماني الكبار في يوليو/تموز الماضي الحكومة والمعارضة في سورية الى توحيد الجهود من أجل محاربة الإرهاب.

لكن لافروف تطرق أيضا الى الجهود التي تبذل في مجلس الأمن حاليا من أجل إصدار قرار خاص بالقضايا الإنسانية في سورية، والى المحاولات لتنسيق نص يكون مقبولا للجميع.

وشدد الوزير الروسي في هذا الخصوص على أن مجلس الأمن لن يصدر شيئا يمكن استخدامه كذريعة للتدخل الإنساني في سورية.

وأقر لافروف بأن بعض أعضاء مجلس الأمن يسعون لإدراج بند خاص بإدخال القوافل الإنسانية عبر الحدود السورية حتى دون إذن من السلطات المركزية.

وشدد: "إن ذلك يتعارض بشكل مباشر مع القانون الإنساني الدولي ومع القواعد التي وافقت عليها الأمم المتحدة بالنسبة لأهداف العمليات الإنسانية. ومجلس الأمن لن يخلق مثل هذه السوابق".

وتابع أن لدى موسكو معلومات تؤكد تنامي توريدات الأسلحة والذخائر من الخارج للمقاتلين في سورية بما فيهم الجماعات الأكثر تطرفا.

وشدد على أن أية توريدات أسلحة لأية جماعات مسلحة غير شرعية، لا يمكن أن تكون شرعية. لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن الجهات التي تطالب باستصدار قرار دولي صارم باعتباره الوسيلة الوحيدة لتخفيف معاناة السكان في سورية، يمكنها، في الحقيقة، استخدام المسارات التي تستخدم لتوريد الأسلحة الى سورية، لإيصال الأغذية.

وقال:"إنهم على أية حال يقومون بأعمال غير شرعية تشكل انتهاكا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، ويمكنهم أن يرسلوا الى هناك الخبز والزبدة بدلا من المدافع".

وأضاف: "إن مجلس الأمن لن يخلق أية سوابق يمكن استخدامها كذريعة للتدخل الإنساني. كونوا واثقين من ذلك. لكن لا أستطيع ضمان ألا تتجرأ دول أخرى على الالتفاف على مجلس الأمن".