أكد الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، عدم أحقية أي من المراكز والجمعيات غير المرخصة من قبل الوزارة في إقامة أي نشاطات دعوية، باعتبار ذلك خارج تخصصها، مضيفا «هناك محاولات لاستغلال أصحاب التوجهات الحركية التي غزت السعودية في العقود الأخيرة، بعضَ المؤسسات الدعوية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، باختراقها لتمرير خطاب دعوي معين»، مبيّنا أن الأمر «مأخوذ في الحسبان والعمل جار على مراقبته». وأفاد السديري، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، بأن محاولات إنشاء كيانات إفتاء مستقلة واتحادات وروابط إسلامية لها الصفة الأممية «غير معتبرة ومعروفة الأهداف والتوجهات والتبعية»، وهي تأتي بغرض إعطاء الصبغة الشرعية لبعض التيارات الحركية والتنظيمات الموجودة إقليميا ودوليا ليجري صرف أنظار المسلمين إليها، مؤكدا أن من ينتمون إلى هذه الاتحادات والروابط من الدعاة السعوديين «إنما يكشفون عن انتماءاتهم لهذه التيارات والتنظيمات»، على حد تعبيره. من جهة أخرى، شدد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، على أن حمل شعارات حزبية وتنظيمية من قبل عدد من الدعاة والمشايخ، يعد أمرا مخالفا «تتوجب محاسبة من قام به كائنا من كان»، مضيفا «يجب أن يكون سمت الداعية واحدا، وأن يكون بوجه واحد، ولا يكون مختلف التوجهات ما بين منبر وآخر».

وفيما يلي نص الحوار:

* نود بداية إطلاعنا على مهام وزارة الشؤون الإسلامية الرسمية، وهل هي مسؤولة عن قطاع الدعوة، وما المقصود بالدعوة، وهل تمتد إلى كل القطاعات الدعوية في البلاد وبالأخص فيما يتعلق بالقطاع العسكري والتعليمي والصحي بشكل عام؟ أم أن وظيفة الوزارة هنا تظل غير إلزامية وللاستشارة فقط؟

- السعودية دولة قامت على أساس من الدعوة إلى الله والحكم بشريعته، وفي عصرها الحديث نظمت شأن الدعوة إلى الله باعتبارها ولاية شرعية، وأنشأت لها وزارة تعنى بشؤونها، وأوكلت إليها هذه الولاية الشرعية.

والوزارة مسؤولة عن الدعوة من خلال وكالة الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد، وتشرف على جميع مناطق السعودية. أما ما يتعلق بالدعوة أو التوعية داخل القطاعات الحكومية ولمنسوبيها، فمن الناحية التنفيذية هو من اختصاص تلك القطاعات وفق الأسس والقواعد التي تنظم الشأن الدعوي والمعتمدة من الوزارة بحسب اختصاصها، وبين الوزارة وتلك القطاعات تنسيق جيد وتعاون مثمر.

* تحدثت عن أن الدعوة في القطاعات الحكومية المختلفة غير مرتبطة بوزارة الشؤون الإسلامية، فما آلية الرقابة على الخطاب الديني؟

- هناك تنسيق بين الجهات الحكومية، وكل ما يقدم من برامج عليه رقابة؛ لذلك فالمخالفات الواردة قليلة وتتم المحاسبة عليها. وأما ما يتعلق ببرامج الوزارة فهناك رقابة واضحة، والإذن يجري عبر إجراءات محددة، سواء كانت برامج الوزارة أو غيرها.

* هل التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية إلزامي أم اختياري؟

- من المفترض أن يكون هناك تنسيق مع الوزارة بخصوص أي برنامج دعوي.

* ألا تخشون وجود تباين في الخطاب الدعوي بالمؤسسات التعليمية؟

- هذا الأمر منضبط بشكل كبير، وكما سمعتم مؤخرا التوجيه والتأكيد الصادر من وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل بالتدقيق في المناشط غير الصفية وما يقدم من محاضرات.

* هل هناك مرجعية موحدة للبلاد تشرف على المضمون الدعوي؟

- المرجعية الرسمية للجميع هي هيئة كبار العلماء، أما المرجعية التنظيمية فهي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فالمضمون الدعوي مضبوط بضوابط شرعية.

* هل لديكم وثيقة تحدد السياسات العليا للدعوة تترتب عليها معرفة محددات هوية الدعوة في السعودية تطبق على الجهات التي تحت مراقبتكم؟

- نعم، هناك أهداف ومهام للوزارة صادرة من المقام السامي الكريم تحدد السياسات العليا والأهداف المنوط بالوزارة العمل عليها، وهي لا تخرج عن محددات الدعوة إلى الله تعالى كما قررها علماء الإسلام قديما وحديثا.

وهناك مجلس للدعوة والإرشاد تم إنشاؤه بأمر سام برئاسة وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وعضوية الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ونائب المفتي العام للمملكة ومديري جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ووكلاء وزارات الداخلية والشؤون الإسلامية والعدل وأمين المجلس وأربعة من المهتمين بشأن الدعوة إلى الله. ومهمة هذا المجلس رسم السياسات المتعلقة بالدعوة إلى الله ووضع الخطط العامة والتوجيهات المتعلقة بالمستجدات على الساحة الدعوية.

*تحدثت عن آليات، إلا أننا ما زلنا نلمس بعض التباين في الخطاب؟

- لا أظن أن هناك خروجا من حيث المضمون عن التوجه الرسمي في القطاعات الحكومية، أما الخطاب المختلف الذي لوحظ وتعاظم أثره في السنوات الأخيرة، فهو خطاب غير رسمي وغير شرعي، وما صدر مؤخرا من مقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - كفيل بمعالجة هذا الانحراف.

* هناك تجارب لعدد من الدول بصياغة محددات عقائدية ودينية وسياسية ترعاها وزارات الأوقاف، هل تؤيدون تطبيق ذلك في السعودية؟

- الأنظمة في السعودية وتجربتها في مجال الدعوة الإسلامية، تعتبر فريدة على مستوى العالم؛ فهي استطاعت أن تجمع بين العقيدة والشريعة، وبين التمسك بالهوية والانفتاح، وبين التراث والحداثة، دون غلو أو جفاء أو إفراط أو تفريط، وهو ما لم تستطعه كثير من الدول، مع العلم أن الكثير من التجارب تقتبس من تجربة السعودية، وهذا لا يعني عدم الإفادة مما لدى الآخرين من جوانب إيجابية يمكن الإفادة منها؛ ولذا لنا تواصل وتعاون مثمر مع كثير من الدول والمؤسسات الدعوية خارج البلاد لتطوير عمل الدعوة والوسائل الدعوية.

* ألا ترى أن هناك صوتا مغايرا غير متفِق مع الخطاب الديني الرسمي؟

- البرامج التي تقيمها جهات رسمية يفترض أن يكون لها ذات الصوت، وإذا حدث خلاف ذلك فهذا يعني وجود خلل، وأنا شخصيا لم ألحظ وجود اختلاف كبير فيما يقدم من الجهات الرسمية، لكن الاختلاف يأتي من الصوت غير الرسمي وغير الشرعي كما أشرت سابقا، وهو الصوت الحركي المؤدلج.

* بالنسبة للخطاب في الجامعات بات هناك اليوم من الأكاديميين من تبنّوا توظيف الخطاب الديني المسيّس، وبالأخص عبر المشاركات في مراكز وملتقيات محلية وخارجية، فما رأيك بذلك؟

- المؤسسات والمراكز والجمعيات المرخصة من جهات غير وزارة الشؤون الإسلامية، لا يحق لها نظاما إقامة أي منشط دعوي؛ لأن هذا خارج اختصاصها، وقد يكون هذا موجودا مع الأسف، لكنه يعد مخالفة نظامية تجري المحاسبة عليها.

* هناك مراكز تقوم على تقديم الاستشارات التربوية والاجتماعية والنفسية إلا أنها باتت تتخذ الجانب والإطار الشرعي؟

- هذا خطأ، وأنادي باحترام التخصص، فالمؤسسات الدعوية لا بد لها من أن تختص بتقديم البرامج الدعوية فقط دون غيرها.

* فما رأيك إذن في انخراط المختصين بالعلوم الشرعية في جانب الاستشارات النفسية؟

- الجانب النفسي تخصُّص محترم ومن غير المنطق أن يدخل فيه غير المتخصصين.

* بالنسبة لترخيص المراكز النسوية ما دوركم في هذا؟

- المراكز الاجتماعية النسوية لا تتبع الوزارة، ولا تعطي لها أي رخص، فالوزارة تشرف وترخص فقط للمؤسسات والمكاتب الدعوية.

* هل لدينا مكاتب دعوية نسائية؟

- بعض مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات فيها أقسام نسائية، وهي مرخص لها من الوزارة.

* يواجه رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما عبر سابقا في أحد لقاءاته، قوى ضغط ترفض الإصلاح والتغيير في الممارسات والنظام.. ماذا بشأنكم؟ هل تواجهون أي مقاومة من خلال الإشراف والتوجيه على الأئمة والخطباء والدعاة؟

- ينبغي أن يخفف الإعلام الكلمات والمصطلحات والتعبيرات التي تؤثر سلبا في شحن المجتمع وتغذي فكرة الصراع الفكري والمنهجي؛ لأن هذا يحمل على استهلاك طاقات المجتمع المختلفة في معارك خاسرة. نعم هناك مقاومة للتغيير والإصلاح، وهذه طبيعة الحياة وطبيعة البشر، لكن ينبغي أن يدار هذا الأمر بطريقة صحيحة يكون فيها الحسم والحزم والحكمة، ويستفاد فيها من الاختلاف لتحقيق الائتلاف، وتكون التعددية في وجهات النظر داعمة لوحدة الصف وتقوية اللحمة الوطنية، وذلك كله دون إخلال بالثوابت الشرعية والوطنية.

* ما الآلية التي تتّبعونها لمراقبة محتويات خطب الجمعة، وما الضمانات لعدم استغلالها لتصفية حسابات أو الإثارة ضد الدولة؟

- خطبة الجمعة شعيرة عظيمة أعطتها الشريعة الإسلامية اهتماما كبيرا وخصتها بأحكام خاصة كثيرة، وما ذلك إلا لعظم أثرها على من يحضرها ويستمع إليها، والوزارة توليها اهتماما وعناية كبيرة؛ ابتداءً باختيار الخطيب وتعيينه، فلا يجري تعيين الخطيب إلا وفق شروط معينة، ومنها: أن يكون مؤهلا علميا وعمليا، وأن يكون مرضي الفكر والمنهج، ويتجاوز الامتحان والمقابلة الشخصية، وهذا يعني أن الخطباء لدينا على قدر من المسؤولية والتأهيل، وفي الواقع نجد منهم التزاما وتعاونا. أما ما يحدث من تجاوزات فهو محدود وموجود في جميع الميادين، ونحن نبادر لعلاجه في حينه، ما نضمن معه عدم خروج المنبر عن رسالته الشرعية، والمراقبة تتم عبر مسارات مختلفة، منها: فريق المراقبة في الوزارة وفروعها، وفريق برنامج العناية بالمساجد، ثم ما يرد للوزارة بشكل مستمر من ملاحظات المواطنين والمقيمين، وما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة.

* ما الجديد في نظام ترخيص الداعيات، ومن الجهة المشرفة عليه باعتبار أن قطاع المرأة معزول؟

- بالنسبة للمرأة فهي ليست معزولة عن قطاع الدعوة، بل مشاركة وبتفوق في كثير من البرامج النسوية والبرامج العامة التي تكون فيها مساحة لمشاركتها، والوزارة تجيز شهريا عشرات البرامج والمحاضرات التي تقوم بها عناصر نسائية في جميع المناطق، كما أنها (أي الوزارة) تتوسع في إشراك المرأة في البرامج الدعوية المختلفة، فهي مسؤولة ومكلّفة بذلك مثل الرجل تماما، بل إن عليها مسؤولية قد لا يستطيعها الرجل؛ كالدخول إلى المجتمعات النسوية، ومن ثم لا بد من تكامل الرجل والمرأة في القيام بالمهمة الدعوية. والجهة التي تشرف على عمل المرأة في مجال الدعوة إلى الله تعالى، هي الجهة التي تشرف على عمل الرجل، وهي وكالة الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد.

* ماذا بشأن الترخيص للداعيات؟

- لدينا العشرات من الداعيات المتعاونات المأذون لهن بالمشاركة في الأوساط النسائية، والعمل يسير بشكل جيد، وهناك توجه لأن تكون لدينا داعيات رسميات، وهو في طور الإجراء.

* نشأت محاولات لإنشاء كيانات فتوى لمنافسة مراكز الفتوى التقليدية، كإنشاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورأى البعض أنه محاولة لخلق مؤسسات منافسة لمؤسسات الدولة، ما موقفكم من هذه التجمعات؟

- بداية فإن الوزارة ليست الجهة المختصة بالفتوى في السعودية، وإنما المسؤول الرئاسة العامة للإفتاء والبحوث العلمية وما يتفرع عنها من هيئات ولجان مختصة بالفتوى برئاسة المفتي العام للسعودية، كما أن هناك أمرا ملكيا بضبط الفتوى وتقييدها بجهات الفتوى التي ذكرتها أعلاه، خاصة الفتاوى العامة وفتاوى النوازل وما يتعلق بالسياسة الشرعية؛ حماية لوحدة الصف وجمعا للكلمة من التشرذم والاختلاف.

* إلا أننا نلاحظ مزاحمة العمل الدعوي الرسمي بإنشاء اتحادات ورابطات دينية بعيدا عن الجهات الرسمية للفتيا في الدول العربية والخليجية؟

- الاتحادات والروابط التي أنشئت ولها الصفة الأممية غير معتبرة ومعروفة الأهداف والتوجهات والتبعية، وهي تحاول فقط إعطاء الصبغة الشرعية لبعض التيارات الحركية لبعض التنظيمات الموجودة إقليميا ودوليا، بهدف إيجاد مرجعية شرعية مصطنعة يجري من خلالها صرف أنظار المسلمين إليها، وهذا لن يحدث؛ لأنه في كل بلد إسلامي جهة فتوى شرعية معتبرة يرجع إليها الناس، كما أن هناك مجمعين فقهيين معتبرين تشترك فيهما الدول الإسلامية، أحدهما تابع لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، والآخر تابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.

* لكن نرى عددا من الدعاة السعوديين منضمين إلى هذه الاتحادات والروابط؟

- نعم، وقلت إنها تمثل توجهات وتنظيمات معينة، فهؤلاء يكشفون أنفسهم بأنهم ضمن هذه التيارات والتنظيمات.

* أكدت في حديثك على تحديد الهوية الدينية بالهوية المبنية على الكتاب والسنة والسلف الصالح، إلا أننا نرى اليوم مزايدات من الداخل على هذا الخطاب، فما تعليقك؟

- بصراحة هناك بعض التوجهات الحركية التي غزت السعودية في العقود الأخيرة تحاول الاستفادة أو استغلال المؤسسات الدعوية والاجتماعية والثقافية والتعليمية لتمرير خطاب دعوي معين لا تتمكن من تمريره عبر المراكز الرسمية، وهنا تأتي أهمية التنسيق بين الوزارات والأجهزة الحكومية والجامعات، بحيث تضمن احترام التخصص وضبط المؤسسات، وأن تكون هناك استراتيجية عمل موحدة تنطلق من ثوابت المملكة يلتزم بها الجميع ويحاسب من يخالفها، وما صدر مؤخرا من تنظيمات يساعد على ذلك بدرجة كبيرة.

* صدر أخيرا قرار ملكي بتجريم عدد من الأحزاب السياسية والتنظيمات المتطرفة، ما تعليقكم؟

- لا شك في أن القرار أتى في وقته المناسب، ويعتبر مفصلا في تاريخ المملكة، ويأتي ليشكل نقلة في ضبط العمل الدعوي وعدم استغلاله لتحقيق أغراض سياسية وفكرية منحرفة؛ لأن ضبط هذه المسائل سيعالج كافة الثغرات التي استطاعت من خلالها التيارات الحركية الوصول لعقول الشباب لإثارة المجتمع وتوجيهه وفق أجندات خارجية مخالفة لمنهج الحق والوسطية والعدل والسلام.

* نص القرار على تشكيل لجنة من ست جهات حكومية كانت وزارة الشؤون الإسلامية من بينها، أين تكمن أهمية دوركم؟

- دورنا يكمن في المشاركة بحصر التيارات والأحزاب التي يمكن أن تحظر بالتعاون مع الجهات المشاركة في اللجنة، وكذلك ما تراه اللجنة من توصيات بهذا الشأن.

* شاع في الآونة الأخيرة حمل شعارات حزبية وتنظيمية من قبل عدد من الدعاة والمشايخ، ما تعليقكم على ذلك؟

- أتحدث هنا عن منسوبي وزارة الشؤون الإسلامية والمتعاونين معها، وهم جميعا محل تقدير، كما أنهم بذات الوقت محل متابعة، فلا فرق بين ما يقوله الداعية على منبر المسجد أو في قاعة المحاضرات أو في تويتر، وبالطبع فإن حمل أي شعارات يعد أمرا مخالفا تتوجب محاسبة من قام به كائنا من كان، ويجب أن يكون سمت الداعية واحدا، وأن يكون بوجه واحد، ولا يكون مختلف التوجهات ما بين منبر وآخر؛ لذلك فالخطباء والدعاة محل متابعة إذا بدرت منهم أي مخالفة، كما أننا في الوقت ذاته ندعو باستمرار الدعاة وكافة منسوبي الوزارة إلى المشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض نشر الوسطية والتسامح، ومن يخالف ذلك ويجنح إلى الغلو والتطرف والإقصاء تتم محاسبته.

* بتنا نلحظ خلال السنوات الأخيرة بداية انخراط الداعيات في الشأن السياسي والتنظير حول القضايا الدولية والعربية، ما سبب ذلك؟

- الاختراق الحركي للمجتمع النسوي بدأ منذ فترة بعد اختراق المجتمع الرجولي، وليس فقط على المستوى المحلي، فالتنظيمات تركز على الشرائح النسوية لسهولة الاستفادة منها والوصول إلى مواقع لا يستطيع الرجل الوصول إليها. وبالنسبة للداعيات المتعاونات مع الوزارة إذا وجدت عليهن ملاحظات فإنه يجري اتباع ذات الأسلوب في المحاسبة والتوجيه بلفت النظر أو الاستبعاد، كما أن هناك داعيات لا يسمح لهن بممارسة أي برامج دعوية، وهذا الأمر معمول به منذ سنوات. وذكرت أن هناك محاولات لاختراق المؤسسات الخيرية، سواء التي تشرف عليها الوزارة أو غيرها، من قبل التيارات الحركية، وهذا مأخوذ في الحسبان وتتم مراقبته.

* بعض الشخصيات في الوزارة تنشط في مواقع التواصل الاجتماعي وإبداء الرأي في أمور تخالف توجهات الوزارة، ما الإجراءات المتبعة في ذلك؟

- إن كانت هذه المخالفات شرعية أو نظامية فهناك إجراءات تتبعها الوزارة لمعالجة تلك المخالفات بالطرق المناسبة التي تكفل عدم تكرر المخالفة من خلال التنبيه والاستدعاء والتعهدات وأحيانا تصل إلى طي القيد، ولكل مقام مقال، والموظف الحكومي يفترض فيه الالتزام بمبدأ الحياد الوظيفي وعدم الخروج على ولي الأمر ولو بالكلمة والإشارة، ويتأكد هذا أكثر على من كان في وظيفة شرعية كالدعاة والأئمة والخطباء ومن في حكمهم، فهم أولى الناس بذلك ويمثلون قدوة لغيرهم.

* ما المعايير المحددة لمشاركة الدعاة السعوديين في الخارج؟

- هذا يأتي في سياق الاتفاقيات الثنائية والتعاون بين السعودية وتلك البلدان، دون المساس بسيادة الدول أو التدخل في شؤونها الداخلية، وأن يكون ذلك عبر القنوات الرسمية حسب نظام كل دولة.

* ما موقف الوزارة حيال الجولات الدعوية الشخصية التي يقوم بها الدعاة، وهل تتطلب موافقة مسبقة من قبلكم، وهل هناك أي نظام لضبطها؟

- لا يجوز لأي سعودي القيام بأي نشاط دعوي داخلي أو خارجي إلا وفق القنوات الرسمية وتحت مظلة نظامية كما أشرت سابقا، وأي مناشط دعوية خارجية لا بد من أن تتم عبر القنوات الرسمية وبحسب قوانين تلك الدول، وفي الغالب تكون هناك دعوة من قبل بعض المؤسسات الرسمية أو الخيرية وتمر عبر القنوات الرسمية بين الدولتين، وما لا يجري عبر ذلك يعد مخالفة نظامية، وأي داعية، سواء كان رجلا أو امرأة، شارك في أي نشاط بطريقة غير نظامية، يتحمل هو والجهة المنظمة مسؤولية المشاركة وتبعاتها.

* عبر من تتم المحاسبة؟

- من قبل الجهة التنفيذية في الدولة.

* هل يشترط لممارسة النشاط الدعوي داخليا وخارجيا أن يكون الداعية منتسبا لوزارتكم؟

- نعم، وغير ذلك يعد مخالفا للنظام.

* كيف تقيّم تجربتكم وأداءكم في الوزارة بشأن الإرهاب، أين أخفقتم، وأين أصبتم؟

- الوزارة من أبرز الجهات التي اعتنت بمواجهة التطرف والغلو منذ بداية الأحداث في السعودية، بل قبلها؛ وذلك من خلال البرامج الخاصة لترسيخ الوسطية والاعتدال وتنمية ثقافة الحوار وتحقيق الأمن الفكري لدى الدعاة والخطباء وأئمة المساجد، ليقوموا بدورهم في مواجهة التيارات المنحرفة وبيان فقه الأزمات والجهاد. أما ما يتعلق بالإصابات والإخفاقات فهذه من طبيعة العمل البشري، والعبرة بالغالب، وأظن أن النجاحات كبيرة، أما الإخفاقات فهي مهما كانت محدودة في برامج أعتني بالتخطيط لها ومتابعة تنفيذها، ومع ذلك فلا بد من قصور البشر غير المقصود.

* برأيك، أين يكمن الخلل في مواجهة الفكر المتطرف؟

- نحتاج إلى التقليل من الأطروحات النظرية التي تغلب على مناقشات بعض المشاركين، مقابل مناقشة الواقع بإعداد المدربين في هذا التخصص، فإضافة إلى العلم الشرعي المؤصّل نحتاج إلى أبعاد أخرى نفسية واجتماعية وسياسية واقتصادية ونظامية، وكل ذلك بمنهجية وموضوعية وعلمية متخصصة. أيضا نحتاج إلى مزيد من الاعتناء بالأساليب والوسائل التي تهتم بعلوم الاتصال ومهارات الإقناع واستخدام التقنية والتحليلات الإحصائية والوثائقية من أجل أن تكون برامجنا أكثر تأثيرا وأبعد عن الإنشائية والتقليدية. هذا من الناحية النظرية، أما في الجانب التطبيقي فنحتاج إلى مواجهة الفكر المتطرف بمزيد من الحزم، وأن تكون هناك استراتيجية وطنية موحدة يلتزم بها الجميع ويحاسب من يخل بها.

* رغم التوجيهات برفع الصوت والاقتصار على الأذان الجهري وفتوى ابن عثيمين في إجازة هذا الأمر، فإننا ما زلنا نلمس عدم الاستجابة بخفض الأصوات وتداخلها، أوضح لنا بصراحة سبب عجزكم عن مراقبة هذا الأمر؟

- ليس هناك عجز، لكن هناك فتوى من اللجنة الدائمة للإفتاء تحكم ذلك، وهي بخلاف ما ذكرتِه، ونحن نسير عليها في الوزارة وملزمون بها، إضافة إلى تنظيم وضع المكبرات الخارجية بحيث لا تزيد على أربعة في المئذنة الواحدة بحسب الاتجاهات الأربعة الرئيسة، وأن تكون درجة الصوت متوسطة، ومن يخالف ذلك يحاسب.