لا يزال الطلب على الإسكان قائماً ويفوق العرض بكثير خصوصا القطاع السكني، رغم تصاعد أزمة ارتفاع أسعار العقارات بالسعودية، ويشهد السوق العقاري حركة جيدة في تداولات بيع وشراء الأراضي وكذلك طرح المجمعات التجارية خلال فترة الصيف التي تعتبر فترة اجازات، حيث تعتبر الكثير من الشركات العقارية فترة الصيف فترة إعادة حسابات وترتيب أوراق والاستعداد بمشاريع جديدة تستطيع من خلالها الدخول إلى السوق العقاري مجدداً، والذي يتوقع ان يكون موسماً كبيرا.

وشهدت الشقق السكنية اقبالا كبيرا نظرا لزيادة النمو السكاني والهجرة المستمرة للعاصمة الرياض من مختلف المدن، وحرص المطورون على تشييد المساكن بارتفاعات كبيرة خصوصا في المباني الجديدة، وتشهد الشقق السكنية ارتفاعاً في أسعار تأجيرها أو بيعها بهدف التمليك، حيث ارتفعت أسعار التأجير ما بين 25 إلى 30 في المئة.

ونتيجة لازدياد الطلب على الشقق السكنية خصوصا في الرياض، فقد ارتفعت أسعار التمليك للشقق السكنية إلى نحو 35 في المئة عما كانت عليه في العام الماضي، حيث تعمل الكثير من المؤسسات المالية على توفير القروض أو التقسيط لشراء الشقق السكنية، الأمر الذي ساعد الكثير على البحث عن شقق ملائمة. وتتراوح أسعار الشقق السكنية المطروحة للتمليك ما بين 300 ألف ريال، 700 ألف ريال تختلف باختلاف المواقع والأحجام.

ويظل سوق العقارات الأكبر والأكثر نمواً في المنطقة كونه يجلب استثمارات كثيرة، ويترقب له أن يجلب الكثير من الاستثمارات وأن يحقق انتعاشا ملموسا خلال الفترة المقبلة. وسيشهد الفترة المقبلة طلباً كبيراً على العقارات وتطوراً غير مسبوق نتيجة المنافسة بين الشركات.

وتسعى شركات عقارية من خارج المملكة إلى إقامة مجمعات عمرانية متكاملة جديدة في المملكة على غرار المشروعات العقارية التي تقوم بتطويرها في بلادها لما يتطلبه السوق السعودي مثل هذه النوعية المتميزة من الإسكان الذي يجري تطويره وفق أفكار عالمية تراعي الأذواق والخصوصية السعودية بشكل خاص والعربية بشكل عام.

ورغم حالة الهدوء العقاري التي شهدها شهر رمضان المبارك في التداول العقاري الا انها لم ترغم السوق العقاري على التوقف من خلال حركة التداول في بيع وشراء الأراضي، بالإضافة إلى تحرك الكثير من المنتجات كالعقارات السياحية منها الشاليهات في المناطق الساحلية، والاستراحات، بالإضافة إلى الحركة الكبيرة على الشقق السكنية، حيث إن الكثير من المستأجرين يحددون موعد تجديد عقودهم في فترة الصيف، وذلك للتزامن مع التغيير، أو السفر، وتجديد تلك الشقق.

وتوقع عقاريون ان يشهد السوق انتعاشا من جديد خلال العام الحالي 2014، الذي يعتبره البعض عام الانشاءات، مع دخول المزيد من السيولة على مكونات القطاع العقاري ومن كل الجهات سواء كانت نتيجة الإنفاق الحكومي على مشروعات البنى التحتية أو إنشاء المدن السكنية والمدن الاقتصادية إلى ما هنالك من مشاريع التنمية الحكومية في إطار التنمية الاقتصادية الشاملة.

وعلق على هذا الموضوع المهندس إياد البنيان مدير عام مشاريع الارجان المتخصصة في تطوير المشاريع السكنية: إن الطلب على العقارات طلب حقيقي وذو واقعية ليس على الشقق السكنية فقط بل طال مختلف أشكال المنتجات العقارية في السعودية، مشير الى ان ذلك الطلب الكبير على المنتجات العقارية جاء نتيجة تعدد قنوات التمويل من خلال الشركات المتخصصة أو البنوك المحلية، إضافة إلى دخول وخروج شرائح عديدة من الشباب السعودي في القطاع الخاص الذي يتميز بمنح مميزات مالية للشباب تعادل أضعاف ما يمنحه القطاع الحكومي.

وتتحرك تداولات العقارات المرتبطة بقطاع السياحة خلال فترة الصيف بشكل أكبر مما هي عليه خلال باقي السنة بنسبة تصل إلى 30% وبنسبة إشغال تتجاوز 70% من حجوزات المنشآت السياحة من فنادق ومنتجعات وشاليهات وشقق واستراحات. وتعتبر فترة الصيف فترة سياحة في السعودية –سواء كانت خارجية او داخلية- إذ ترتفع فيها حركة التداول العقاري لتلك العقارات.

وأوضح مستثمرون أن القطاع الخاص السعودي استفاد كثيراً من تجاربه في الخارج، من خلال الاستثمار في دول الجوار، مشيرين في هذا الصدد إلى أن بعض الشركات نجحت في توطين مشاريع تعتبر نقلة نوعية في نمط الحياة للسعوديين وتحقيق أعلى مستويات فن العيش والمساكن الأنيقة، من خلال توطين منظومة متكاملة من بيئات السكن والعمل والترفيه والتسوق خصوصا على كورنيش جدة.

وتستهدف إستراتيجية الإسكان في المملكة زيادة معدل ملكية الأسر السعودية للمساكن من نحو 55 في المئة في عام 2005 إلى نحو 80 في المئة بحلول عام 2020، ما يشكل طلباً متزايداً على الوحدات السكنية الجديدة خلال تلك الفترة. وقالت وزارة الاسكان في خطتها الثامنة أنه يوجد مواطنون لا تمكنهم إمكاناتهم من تأمين مساكن خاصة بهم، بدءاً من شراء الأرض وانتهاءً بتوفير المبالغ اللازمة لبناء المسكن. ويزداد الأمر صعوبة –بحسب الخطة- لهذه الشريحة من المواطنين نتيجة استمرار ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض مساحة الأراضي السكنية المتاحة ضمن النطاق العمراني للمدن، إضافة إلى انخفاض حجم المعروض من المساكن الواقعة في متناول القدرات المالية للأفراد. هذا في الوقت الذي يستمر فيه انخفاض عدد المساكن التي توفرها بعض الجهات الحكومية، إضافة إلى عدم مواكبة التمويل المتاح للطلب على قروض صندوق التنمية العقارية.

وبين المستثمرون ان هناك تراجعا لافتا عن شراء الفلل السكنية التي تراوحت نسبة ارتفاع أسعارها بين 30 إلى 40 في المئة بعد الارتفاع الذي شهده قطاع العقارات في عموم السعودية خلال السنوات الماضية ووصولها إلى مبالغ مالية كبيرة، حيث وصل سعر الفيلا إلى أكثر من مليوني ريال، مما جعل الكثير من الباحثين عن سكن الى التحول إلى تملك الشقق السكنية نظراً لرخص أسعارها مقارنة بأسعار الفلل.

ولوحظ خلال الفترة الاخيرة بشكل لافت تغير في الثقافة السكنية في المملكة وخاصة في المدن الكبرى في توجه قطاعات كبيرة وخصوصاً الاسر الصغيرة والشبان إلى الاقبال على تملك الشقق السكنية والوحدات الصغيرة في كسر للنمط السائد سعوديا في تفضيل الفلل والوحدات السكنية الكبيرة ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى عوامل اقتصادية بحتة يجيء ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع اسعار مواد البناء.

أما على صعيد أسعار الإيجارات فمازالت في ارتفاع حيث شهدت العاصمة الرياض ارتفاعا في مختلف أنحائها إذ يرتفع سعر الإيجار في شمال العاصمة وينخفض في الجنوب والغرب.

ويرتفع الطلب على الشقق السكنية بمختلف انواعها في مدينة الرياض، بحسب اكاديمون، وتزامناً مع بدء موسم الزواج وبحث غالبية الشباب المقبلين عليه على مسكن يناسبهم ويناسب عائلاتهم الجديدة من حيث التصميم والموقع والخدمات وحداثة المبنى، وأخيراً السعر المناسب.

وعلى الرغم من وجود الآلاف من الشقق السكنية الا أن مدينة الرياض تعاني من توافر جميع هذه الصفات في شقة سكنية واحدة، إذ تختلف الشقق المعروضة للايجار من تصاميم او من موقع أو من افتقار الخدمات أو من عدم اهتمام الملاك بمبانيهم، وبالتالي تتعرض كثير من المباني في وسط الرياض إلى ظهور الأعطال المستمرة فيها. في حين يشتكي كثير من أولئك الشباب من ارتفاع الاسعار وعدم ملاءمة كثير من تصاميم الشقق التي تذهب في العادة إلى التوفير التجاري، وقلة الاهتمام بالكثير من المواصفات التي تهم الأسرة في الوقت الحالي، كتوفير غرف اضافية للاستخدامات الأخرى، أو تجهيز المطابخ بشكل يتناسب مع طبيعة استخدامه.

وتعمل شركات التطوير العقاري على إيجاد بيئة تنافسية بين المنشآت الاقتصادية العاملة في القطاع السكني ليأخذ مكانته الحقيقية في الاقتصاد الوطني من حيث توفير المنتجات العقارية عالية الجودة معقولة القيمة التي تحفز كلّ القطاعات الاقتصادية للنمو، إضافة لتوفير المأوى المناسب للمواطنين في مقتبل العمر بما يحقق لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي ويمكنهم من تكوين المدخرات، ولكي يؤدي دوره كصمام أمان للنظام المالي، حيث تؤدي المنتجات العقارية عالية الجودة متعاظمة القيمة دورها كضمانات كبيرة وآمنة لنقل الرساميل من أصحاب المدخرات الى المستثمرين من ناحية وبين القطاعات الاستثمارية بعضها البعض من ناحية أخرى.

وفي جدة، أجبرت التركيبة السكانية للمدينة سكانها على اتباع أسلوب مختلف في توزيع الوحدات السكنية عن باقي المدن السعودية التي تفضل الأغلبية فيها الوحدات المستقلة كالفلل خاصة في الرياض والدمام، الأمر الذي نشط حركة بيع شقق التمليك باعتبارها من أنسب الخيارات التي تقدم للراغبين في تملك سكن خاص بأسعار مناسبة خاصة من الشبان المقبلين على الزواج في ظل ارتفاع أسعار الفلل. ويتوزع سوق شقق التمليك في جدة بين أحياء الروضة والصفا والعزيزية والحمراء.

وبينت الدراسات أن متوسط حجم الأسرة السعودية يبلغ نحو 8.7 أفراد. وأوضحت الدراسة التي أجريت على 340 منزلا ونفذتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن حجم الأسرة التي يعيش فيها فرد متزوج تبلغ 10.8 أفراد والتي يعيش فيها فردان متزوجان 13.5 فرداً، أما التي يعيش فيها أكثر من ثلاثة أفراد متزوجين أو أكثر 12.8 فرداً. وشكل الذكور 49.7 في المئة من أفراد أسر إجمالي العينة والإناث 50.3 في المائة، كما بينت أن 19.1 في المئة من الأسر لديهم خادمات، بينما 1.8 في المئة لديهم سائقون خاصون.

فيما توصلت دراسة التقديرات السكانية المستقبلية، التي أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض حول المعطيات الجديدة لنسبة النمو السنوي للسكان، إلى أن عدد سكان مدينة الرياض سيصل، إن شاء الله، بحلول عام 1445ه إلى 7.2 مليون نسمة 52 في المئة منهم تحت سن العشرين.

وقدرت الدراسة احتياجات المدينة من الإسكان تقدر ب495 ألف وحدة سكنية بحلول عام 1445ه أي ما معدله 27,5 ألف وحدة سنوياً، كما يتوفر تقدير أعداد السكان في الأعمار المختلفة اللازمة لتقدير الاحتياجات المستقبلية من المرافق التعليمية في المراحل المختلفة والخدمات الصحية. والمتبع في تقدير أعداد السكان في المستقبل الاعتماد على السلسلة الزمنية التاريخية لأية مدينة مع وضع بعض الفروض التي يتم تقديرها سواء بالارتفاع أو الانخفاض.