حذر مصدر مطلع تحدث لـ»مكة» من استغلال حملة الشهادات الوهمية مؤهلاتهم المزورة أو غير المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي، في الحصول على مزايا من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية دون وجه حق، بعد إثبات حصولهم على درجات علمية عالية وما يترتب عليها من رواتب موازية لتلك الدرجات وتسديد رسوم التأمينات ما يؤهلهم لتقاضي معاشات تقاعدية عالية مدى الحياة، خاصة لأصحاب المؤسسات الخاصة كالمكاتب الاستشارية بأنواعها.

في هذه الأثناء، لم تفصح وزارة العمل عن آليات تحمي بها القطاع الخاص من استغلال هؤلاء من خلال التثبت من مصداقية مؤهلاتهم وإلزام منشآت القطاع الخاص بعدم توظيف من يحملون شهادات وهمية أو مزورة، وأحجم متحدثها الرسمي عن الرد لتبقى القضية معلقة، في حين أكدت التأمينات الاجتماعية على لسان متحدثها عبدالله العبدالجبار أن التحقق من صحة الشهادات الدراسية التي يتم تقديمها لأصحاب العمل ليس من اختصاصها.

طرق ملتوية

وأظهرت قوائم خريجي الجامعة الأمريكية الوهمية بلندن ـ اطلعت عليها »مكة«، خلال الأعوام الخمسة الماضية (2010م-2014م) ـ أن 81% من خريجيها من العرب بينهم سعوديون، إذ اتضح أن من بين 462 خريجا خلال الأعوام الخمسة المذكورة 377 عربيا.

ورغم إغلاق الجامعة لمكاتبها في السعودية ووقف الإعلان عن برامجها بشكل رسمي، إلا أنها اتبعت طرقا ملتوية واستمرت في استقطاب الطلبة الذين ما زالوا يقصدونها عن جهل أو عن قصد سعيا وراء شهادة تفسح لهم المجال للعمل في القطاع الخاص، في وقت لم تتضح فيه آليات وزارة العمل لمنع توظيف الشركات لحملة هذا النوع من الشهادات الوهمية سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين.

الحل لدى الخارجية

وقال المصدر لـ»مكة»: الاشتراك في صندوق التأمينات اختياري ويمكن لأي شخص أن يفتتح مكتب استشارات ويسجل أنه حاصل على الدكتوراه وأن راتبه 40 ألفا، وبعد ذلك يدفع للصندوق النسبة المطلوبة لمدة خمس سنوات مثلا لو عمره 55 وبعدها يتقاعد ويحصل على راتب عال لا يستحقه مدى الحياة.

وأكد أن وزارة العمل ليس من صلاحيتها إلزام الشركات والمؤسسات بالتحقق من شهادات العاملين فيها لأن كل جهة في القطاع الخاص تتبع وزارة معينة، فالبنوك تتبع مؤسسة النقد، والمؤسسات والشركات تتبع وزارة التجارة، مبينا أن تداخل الصلاحيات وعدم وجود أنظمة واضحة بهذا الخصوص يجعل من الصعب التحكم في سوق العمل الخاص وغلقه أمام حملة الشهادات الوهمية.

وأوضح أنه بالإمكان إيجاد آلية لذلك عبر وزارة الخارجية، من خلال مطالبة كل أجنبي يرغب القدوم للعمل في السعودية بتصديق شهادته في وزارة الخارجية وفي حال لم تكن صادرة عن جامعة محلية في بلده يجب أن يعادلها من الجهة المختصة في بلده.

آليات لم تتضح

وعلى الرغم من تأكيد مسؤول معادلة الشهادات في وزارة التعليم العالي الدكتور عبدالله القحطاني، في تصريح سابق، على تنسيق الوزارتين لوضع آليات عمل جديدة لمنع استقطاب القطاع الخاص لحملة الشهادات الوهمية والمزورة، إلا أن هذه الآليات لم تتكشف بعد، رغم مرور وقت طويل على التصريح، في وقت يعمل في القطاع الخاص، بحسب إحصاءات وزارة العمل للعام 2013، 8 ملايين و212 ألفا و782 أجنبيا في مليون و 778 ألفا و 985 منشأة خاصة بين عملاقة إلى صغيرة جدا.

وتكمن خطورة هذه الجامعة وما على شاكلتها من الجامعات في منحها لشهادات في مجالات حيوية كالتمريض والقانون والتغذية وتدريس الإنجليزية والإدارة الصحية.

خطر على حياة الناس

التعليم في الجامعة الأمريكية بلندن لا يقوم على أسس علمية وأن تكلفة الدرجة العلمية للبكالوريوس فيها مثلا أقل من تكلفة عام دراسي واحد في جامعة معترف بها، ومن يتوجهون لهذه الجامعة وما على شاكلتها، إما أنهم جاهلون بكونها غير معترف بها أو أنهم يعلمون بذلك ولكنهم يستغلون وجود ثغرات تمكنهم من العمل بهذه الشهادات التي تكفل لهم الاحترام في المجتمع بسهولة.

نحتاج إلى التحقق من وجود آليات لدى وزارة العمل تمكنها من حماية سوق العمل بالقطاع الخاص، من خلال التثبت من مصداقية شهادات العاملين فيه وأنهم مؤهلون بالتالي للقيام بالأعمال الموكلة إليهم ويستحقون ما يحصلون عليه من رواتب، وعدم تأهيل من يتم استقطابهم للعمل يعني أن الخدمات التي سيقدمونها لن تكون بالمستوى المطلوب، وتبرز الخطورة حين تكون هذه الخدمات في قطاعات صحية أو إنشائية، وهو ما يمكن أن يعرض حياة الناس للخطر، وحادثة استشاري التخدير المزور في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام ليست ببعيدة، فلو أن من أنشأها مؤهلون لذلك لما ساء مستوى أي مشروع، خصوصا تهدم الجسور أو الأنفاق، وليس المهم اكتشافهم فقط، بل كيفية محاسبتهم على غشهم طيلة مدة عملهم السابقة.

لا علاقة للتأمينات بالشهادات

دور المؤسسة للتأمينات الاجتماعية في مثل هذا الأمر هو تطبيق أحكام نظام التأمينات الاجتماعية وتحقيق الأهداف المقصودة منه، بما في ذلك ضمان إخضاع كل من تتوافر بشأنهم العلاقة العمالية للنظام، واستفادتهم من المنافع والتعويضات المقررة بموجبه.

أما بالنسبة للتحقق من صحة الشهادات الدراسية التي يتم تقديمها لأصحاب العمل فهو أمر خارج عن اختصاص المؤسسة، ويرجع الاختصاص في تحديد ذلك للجهات المعنية.