بعد عشرة أعوام على إنشائه منذ العام 2004، رأت عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان أن برنامج المناصحة والرعاية الذي تعمل عليه وزارة الداخلية لتصحيح مفاهيم المنضوين في صفوف الجماعات الإرهابية، يقف على عتبات استحقاق المراجعة والتقويم الشامل، خصوصا لوجود تقارير تكشف أن ما نسبته 10% من المناصحين المفرج عنهم يعودون مجددا لممارسة أنشطة القاعدة، مؤكدة أن ذلك لا يلغي النتائج الإيجابية لمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية.
وفي مداخلة أمام الشأن العام، في جلسة الأسبوع الماضي، حصلت "الوطن" على تفاصيلها، أثنت الشعلان على الإنجازات الأمنية المتوالية لوزارة الداخلية في ضرب الإرهاب، مؤكدة على دور لجان المجلس وبعض أعضائه المختصين، في المساهمة في تقديم تصور شامل لتطوير برنامج المناصحة، وأملت من رئيس المجلس الدكتور عبد الله آل الشيخ أن يتم التنسيق مع مركز الأمير محمد بن نايف، للاطلاع عن كثب على برامجه، في سبيل التعاون المقترح لتقويم المناصحة وتطويرها من منطلق دور المؤسسة البرلمانية والمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها.
وقدمت العضو الشعلان ما يمكن وصفه بـ"خارطة طريق" مبدئية للتطوير، مستدعية ضرورة الاستعانة بالمختصين النفسيين والباحثين الاجتماعيين، على نحو أساس وفعال، لا على شكل ثانوي كما هو معمول به الآن.
ورأت عضو الشورى، أنه على الرغم من محدودية المنتكسين والعائدين لصفوف الجماعات الإرهابية، إلا أن ذلك الأمر لا يلغي حقيقة أن برنامج المناصحة أصبح أمام استحقاق مهم وكبير للمراجعة والتقويم الشامل، تكون قائمة على أرقام دقيقة ومختصين في القياس والتقويم، معتبرة أن هذا الأمر هو مطلب أساس لأي برنامج أو تجربة تجاوزت عقدا من الزمان، خاصة وهي بمثل الأهمية الأمنية والسياسية والاجتماعية لتجربة المناصحة.
واعتبرت عضو الشورى أن من أهم التحديات التي تواجه "المناصحة" والعاملين عليها، مسألة الاستقطابات الجديدة للمفرج عنهم والعودة بهم مجددا لصفوف الجماعات الإرهابية.
وفي سياق مداخلتها، أكدت الشعلان على أهمية الدور الذي يقوم به الدعاة مع المتطرفين، وهي الفكرة التي قام على أساسها البرنامج لتغيير مفاهيم المتطرفين تجاه قضايا مثل الولاء والبراء والجهاد وأحكام المستأمنين وغيرها. ومع تأكيدها على أهمية ذلك، إلا أنها ترى أن ذلك ليس كافيا وأن استمرار الوضع على ما هو عليه ربما يزيد من أعداد المنتكسين مستقبلا.
وفي سبيل الحد من استقطاب المفرج عنهم للأنشطة الإرهابية مجددا، شددت عضو الشورى على ضرورة تفعيل دور المختصين في الإرشاد والعلاج النفسي، لأن الدراسات الأجنبية الحديثة أثبتت أن الفكر والسلوك الإرهابي بغض النظر عن منطلقاته إن كانت لاهوتية دينية أو قومية شوفينية هو مشكلة بنية معرفية عميقة وراسخة، بحاجة إلى تفكيك وإعادة بناء وفق استراتيجيات علمية معروفة للمختصين، تختلف جملة وتفصيلا عن طرق واجتهادات الدعاة والمشايخ. مؤكدة أن هذه الاستراتيجيات النفسية سوف تشتمل كذلك على إدماج المفاهيم الإنسانية الحديثة عن الدولة والمواطنة والمجتمع والآخر والأقلياتن بحيث يكون التغيير في البنى المعرفية لهؤلاء المناصحين شاملا.
وبدت العضو الشعلان على قناعة بأن الدور الذي سيلعبه المختصون في علم النفس في البرنامج، من شأنه أن يحدث تغييرا بنيويا عميقا في مفاهيم الإرهابيين وسيحد كثيرا من الانتكاس والاستقطاب اللاحق، لأنه يختلف تماما عن التغيير السطحي والهش للأفكار المنطوقة المعتمد على المحاضرات والحوارات الدعوية القائمة حاليا.
من جهة ثانية، عولت العضو الشعلان، على استعانة البرنامج بمختصي الخدمة الاجتماعية، أن يلعبوا دورا في دراسة البيئة العائلية والمحيط الاجتماعي لمعرفة الظروف التي يظهر فيها الإرهابيون، أو للإجابة عن السؤال المهم "لماذا أصبح الإرهابي إرهابيا؟" لفائدة ذلك في برامج وخطط الوقاية الاستباقية من الإرهاب.
وأكدت العضو الشعلان أن الدور الأكبر للباحثين الاجتماعيين يأتي بعد الإفراج عن المناصحين من خلال متابعة حياتهم الأسرية والعملية وضمن دائرة الأهل والأصدقاء، والبحث في التحديات والصعوبات التي تواجه المفرج عنهم، بما يكفل تجاوزهم لأي حالات استقطاب جديدة يتعرضون لها من قبل الجماعات الإرهابية، وذلك في إطار تنسيقي بين أولئك الباحثين ومراكز الشرط لتحضير المفرج عنهم ومتابعة أوضاعهم العائلية والاجتماعية بشكل دوري.
وعلمت "الوطن" من مصادرها أن دعوة العضو الشعلان لمراجعة وتقويم تجربة المناصحة هي الأولى من نوعها تحت قبة الشورى، وأنها استندت في مطلبها على التصريحات الأمنية الأخيرة التي بينت أن 47 من الـ 77 شخصا الذين تم القبض عليهم في الحادثة الإرهابية التي شهدتها الدالوة بالأحساء أخيرا هم من المفرج عنهم.