كشفت ورقة أكاديمية أن هيمنة المتبرعين الذين وصفتهم بـ"رجال الأعمال الأثرياء"، على توجهات وإدارة كراسي البحث العلمية، تعد أكبر الإشكالات التي تواجهها الجامعات السعودية، في ظل وجود خلاف حقيقي بينها وبين أصحاب الهبات المالية حول تعيين رئيس الكرسي، ومدى الإشراف الذي يتمتع به المتبرع على بحث وتدريس رئيس الكرسي. وشدد الورقة الأكاديمية على الأداء المتوازن بين الكرسي والمنحة المتوافرة من المتبرع.

وفي الوقت الذي علمت فيه "الوطن" من مصادر مطلعة أن خلافات عميقة بدأت تنشأ بين تجار ومديري جامعات بسبب وضوح هيمنة رجال الأعمال على كراسي البحث وتغيير منهجها البحثي لمصلحتهم الشخصية، وأنه ربما تشهد الفترة المقبلة شطب بعض الكراسي العلمية بالجامعات، أشارت ورقة علمية- حصلت "الوطن" على نسخة منها- حملت عنوان "كراسي البحث: التجربة السعودية في ضوء الممارسات العالمية"، إلى أن دعم الشركات "الضئيل" يعد من التساؤلات المتوقعة، خصوصا أنها تشارك بنصيب كبير في اقتصاديات المملكة. ودعا معد الورقة العلمية عميد البحث العلمي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور ناصر العقيلي التي قدمها في الملتقى الثالث لكراسي البحث بالمملكة في مايو الماضي، إلى ضرورة استحداث التمويل المستمر عبر الالتزام بالوقف الدائم أو الالتزام المالي طويل الأمد، وهو برنامج بحث معين له تاريخ انتهاء محدد ينبغي تجديده بعد ذلك التاريخ أو إغلاقه. وقال الدكتور العقيلي إن هذه الطريقة هي الأكثر ملاءمة لرجال الأعمال وإن عليهم التحلي بدرجة عالية من المرونة لمواجهة الظروف الاقتصادية المتغيرة والمتطلبات الاجتماعية.

وبحسب ما ورد في الورقة، فإن أول كرسي بحث في المملكة كان في جامعة الملك فهد للبترول في مجال الاتصالات بقسم الهندسة الكهربائية عام 1996. وتحظى جامعة الملك سعود بأكبر عدد من كراسي البحث تقدر بـ"112" كرسيا، تليهما في المرتبة الثانية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك عبدالعزيز بـ "21" كرسي بحث لكل منهما، فيما يقدر إجمالي الكراسي في عموم الجامعات بـ"250" كرسيا.

في حين تم تحديد ثلاثة تحديات رئيسة أمام الكراسي البحثية تمنع تقدمها منها: عدم ضمان استدامة التمويل، وعدم ترسيخ المفهوم والأدوار، وعجز التمويلات عن الوفاء بالمتطلبات، وندرة المتخصصين في المجالات الدقيقة وعدم تفرغهم، وضعف البنى التحتية، وعدم ترسيخ مفاهيم الجودة وضعف تطبيقها، وعدم وجود آليات موضوعية للحكم على جودة المخرجات العربية.