هناك مفاهيم صحية شائعة نراها عند بعض مرضى القلب ومن يرعاهم، وهذه المفاهيم تؤثر على مدى التزام مرضى القلب بأدويتهم بل من الممكن ان تؤدي الى تدهور حالتهم الصحية..

وهذه المفاهيم الخاطئة ليست موجودة محليا فقط بل هي منتشرة دوليا تجدها في كل بلد وعلى كل لسان، وقد قامت جمعية القلب الامريكية والأروبية بالتنبيه على خطورة هذه المفاهيم على صحة مرضى القلب وسنعرض بعضا منها في هذا السياق:

الأول: تناول الثوم يخفض الكوليسترول

هذا مفهوم خاطئ وشائع منتشر بين مرضى القلب فتجد من يقول: إنه يعاني من ضيق في الشرايين فيتناول 6 فصوص ثوم مع ليمون ويخلطهم سويا ثم يتناول الوصفة يوميا لمدة شهر معتقدا أنه بذلك ينظف شرايين القلب من تراكم الكلسترول !! وهذا كلام غير علمي وغير صحيح وقد ذكر لي بعض من مرضى القلب انه قام به ولم يستفد شيئا من ذلك بل ان الأخطر من ذلك أنها أدت إلى تأخير حالتهم وتدهورها..

ولكننا سنعرض هنا الدليل العلمي والدليل على ذلك دراسة نشرها مركز الابحاث الوطني الامريكي ونشرت في مجلة Arch Intern Med. 2007 Feb 26;167(4):346-53 وأجريت في مركز الابحاث في جمعة ستانفورد في الولايات المتحدة الامريكية حيث تم اخذ عينة من 192 شخصا مصابين بارتفاع الكلسترول من الدرجة المتوسطة وقسّموا الى اربع مجموعات: الاولى تأخذ الثوم الخام والثانية تأخذ الثوم على شكل كبسولات والثالثة تأخذ الثوم على شكل بودرة (مسحوق) والرابعة تأخذ دواء وهميا للمقارنة وتمت مساواة جميع الجرعات في تركيز المادة الفعالة وتمت متابعة المرضى لمدة ستة اشهر واعيد تحليل الكلسترول الضار والدهون الثلاثية والكلسترول الحسن والتي اتضح في نهاية الدراسة ان الثوم بأنواعه الثلاثة: الخام أو البودرة أوالكبسولات بما يعادل 4 جم يوميا يتم تناوله ستة ايام في الاسبوع لمدة ستة اشهر فإنه لا يؤثر على مستوى الدهون سواء الكلسترول الضار او النافع او الدهون الثلاثية..

وعلى الرغم ان هناك دراسات سابقة بنتائج مختلفة لكنها كانت مليئة بالعيوب الاحصائية ولا ترقى الى قوة الدراسة اعلاه من ناحية قوة الدليل وعدد المرضى..

وكان ذلك صدمة للأوساط الطبية في الولايات المتحدة وطبعا هناك تجار يستفيدون من تسويق الثوم والترويج لأكذوبة فائدته في خفض الكوليسترول مستغلين عدم علم الكثير من الناس بحقيقة الثوم ومرض الكوليسترول للربح التجاري.

الثاني: زيت الزيتون ينظف شرايين القلب من الانسدادات:

بلاشك شجرة الزيتون مباركة ولكن لم يرد نص من الشارع يؤكد انها علاج لأمراض القلب. والحقيقة العلمية أن زيت الزيتون زيت نباتي كغيره من الزيوت كزيت دوار الشمس والكانولا وبذور اللفت وغيرها..

ويحتوي على دهون وكوليسترول، ولكن أقل من الزيوت الحيوانية فزيت الزيتون هو زيت نباتي يتكون 99.9% من أحماض دهنية ثلاثية أهمها الاوليك والبالميتيك وكل 15 مليلتر منه تحتوي على 115 سعرة حرارية من الطاقه و13.5 جم من الدهون (90% غير مشبعة و10% مشبعة) ويحتوي على الجليسرول "وهو نوع من الدهون" ويحتوي كذلك على قليل جدا من اوميغا 3 (اقل من 1 جم) وقليل من فيتامين (ي+ك) ومن المهم معرفة أن زيت الزيتون لا يحتوي على كاربوهيدرات او بروتينات..

وهناك مواد دهنية تدعى فسفوليبد "بولي فينول" مضادة للأكسدة يدعي البعض انها تمنع تضيق شرايين القلب بسبب مضادات الاكسدة مع ان الدراسات الطبية الحديثة اثبتت ان مضادات الاكسدة لا تحمي ولا تعالج من امراض شرايين القلب والمثال الكلاسيكي في ذلك هو فيتامين (ي) في دراسة HOPE المشهورة ..

اما موقف وكالة الغذاء والدواء الامريكية فهو نفس الموقف للزيوت النباتية الثلاثة (الزيتون والذره والكانولا) ولذلك لا ينصح بإضافة زيت الزيتون الى الدهون الحيوانية المشبعة الموجودة في غذائنا اليومي وادعاء ان ذلك يحمي القلب والشرايين

الثالث: شرب الماء قبل النوم يحمي من جلطة القلب

الماء قبل النوم مفيد لمن يعانون من الجفاف أو لمن يعانون من مرض السكري لكن لا يحمي من الجلطة، فالجلطة لا تحدث بين يوم وليلة ولكنها نتيجة لعادات يومية خاطئة على مدار عشرات السنين يتراكم فيها الكوليسترول على جدران الشرايين، ومما يزيد سرعة ترسب الكلسترول على الشرايين عدم انتظام ضغط الدم والسكري، والتدخين والسمنة.

الرابع: عصيرالرمان يمنع جلطات القلب

كثير من الناس يظنون أن الرمان يؤثر على صحة القلب والشرايين والحقيقه ان أمراض القلب تعالج بنمط حياة صحي والابتعاد عن التدخين وإنقاص الوزن والتحكم بالضغط والسكر والرياضة اليومية وتناول الخضار والفواكه دون تحديد نوع معين لتناوله والتسويق لذلك.

الخامس: ارتفاع الكوليسترول يسبب الدوخة والتنميل في الجسم:

الكوليسترول مادة في الدم ليس لها أعراض بشكل مباشر فهي ترتفع في الدم او تنخفض ولا تسبب عرضا مباشرا فوريا.. وإذا تم ترسيبها في الشرايين فيه تؤثر على ذلك العضو مثل شرايين القلب او الدماغ او الرقبة او الامعاء او الاعراض التناسلية.. نتيجة مرور سنوات على ذلك الوضع.

السادس: الشاي الأخضر بعد الغذاء يحرق الدهون

الشاي الأخضر مثل باقي أنواع الشاي الأخرى ويتميز بأنه خفيف على المعدة ولكن علميا ثبت أنه لا يخفض الوزن ولا يحمي القلب ولا يخفض الكوليسترول وهو يحتوي على الكافيين ومواد تساعد على الهضم ولكن ليس حارقا للدهون، ومن غير المعقول أن يتناول شخص وجبة دسمة وثقيلة معتمدا على أنه عندما يشرب الشاي الأخضر بعدها سيقوم بحرق الدهون التي تناولها.

والخلاصة:

يُنصح المريض بأن يثقف نفسه من المصادر العلمية المعتمدة وان يكون على تواصل مع طبيبه لتأكيد او نفي المفاهيم الصحية التي يسمعها او يقرؤها ومن الممكن ان تؤثر على استقرار حالته.