رغم العوائق المتعددة أمام صناعة سعودية للسيارات، إلا أنه يمكن للسعودية تجاوزها بحلول تمتلك إمكاناتها.

نوهت بذلك دراسة لوزارة التجارة والصناعة حول إنشاء مدن صناعية لصناعة السيارات في السعودية، مشيرة إلى امتلاكها محفزات توفر بيئة مناسبة لهذه الصناعة، إضافة إلى ما تكتسبه من تجارب في صناعات وسيطة في هذا المجال.

كما تحظى هذه الصناعة بالدعم من الدولة التي تنظر إلى أهميتها في المساعدة على تنويع الهيكل الصناعي السعودي الذي يتسم بالتركيز على الصناعات الكيماوية، حيث تشكل الاستثمارات فيها نحو 54% من مجمل الاستثمارات الصناعية.

العوائق تتضاءل أمام الحلول الممكنة

التقرير أشار إلى أن هناك عوائق عدة تقف أمام قيام هذه الصناعة في السعودية، ومنها أن حجم السوق المحلية محدود مقارنة بأسـواق التصدير العالمية، ونوه إلى أنه يمكن تخطي هذه العقبة بالتدرج في الدخول في هذه الصناعة، وأن يتم ذلك من خلال استهداف شريحة أو نوعية من المركبات لإنتاجها من خلال منتجي السيارات العالمية المميزين، خاصة أن الفوائد المترتبة على صناعة السيارات محل اهتمام كثير من الدول التي تسعى لتوطينها عبر استقطاب الشركات العالمية بمختلف المحفزات.

وأضاف أنه في ظل المنافسة العالمية القوية وقوانين منظمة التجارة العالمية واعتبارات الجودة، فإن المصانع حديثة النشأة قد لا تتمكن من تحقيق عوائد مجزية تمكنها من النمو والاستمرار، لذا فإن ضمان توفير سقف أعلى من المحفزات عن تلك المقدمة في الدول الأخرى، يشكل عاملا مهما في إمكان نجاح واستمرارية صناعة السيارات في السعودية.

ورأى التقرير أن التطور النسبي للبنية التحتية في السعودية مقارنة بدول المنطقة يعد عامل تفضيل لها، إلا أنها تظل بحاجة لتطوير أكثر لتضاهي المستويات العالمية المتقدمة، إذ إن الحاجة إلى تطوير شبكة النقل المحلية، وتطوير كفاءة خدمات الموانئ والكهرباء والاتصالات والبريد وغيرها من الخدمات بما يؤدي إلى تخفيض التكلفة الإجمالية لصناعة السيارات حاجة ملحة، كما أن نجاح هذه الصناعة يعتمد بشكل كبير على استمرارية ونجاح المبادرات التعليمية الأخيرة التي تبنتها السعودية لتطوير مستوى مخرجات التعليم، خاصة في التخصصات العلمية والهندسية والمهنية، إضافة إلى ضرورة تشجيع إنشاء مراكز التدريب المتخصصة بالتعاون مع الشركات العالمية المصنعة للسيارات.

حوافز وتجارب سعودية للاستثمار في القطاع

ذكر التقرير أن لدى السعودية حوافز لإقامة صناعة للسيارات، منها تميز القاعدة الصناعية والبنية التحتية بتطورها عن الدول المحيطة بها، بالإضافة إلى أنها تمتلك تجارب متعددة في مجال صناعة المركبات وأجزائها مثل صناعة تجميع الحافلات وسيارات الإطفاء والإسعاف وعربات النظافة الهيدروليكية، والعديد من أجزاء وقطع غيار السيارات، مثل صناعة الهياكل المعدنية للسيارات، وصندوق التروس، وفلاتر السيارات، والراديترات، والعوادم، والإطارات، والبطاريات، وزجاج السيارات وقطع الغيار الأخرى، ويتجاوز عدد المصانع العاملة في مجال تجميع المركبات والصناعات الداعمة لها 251 مصنعا باستثمارات تبلغ نحو 7 مليارات ريال وتوفر هذه المصانع فرص عمل لنحو 27 ألف عامل.

ومن الحوافز المهمة لهذه الصناعة ما تمتلكه السعودية من موارد هائلة من المواد الخام والمواد الأساسية، بالإضافة إلى توفر الطاقة وبأسعار مناسبة، فالفرص مهيأة لقيام عدد من الصناعات القادرة على توفير المدخلات اللازمة لنجاح هذه الصناعة.

كما يرى التقرير أن قوة الاقتصاد السعودي تعد محفزا مهما لهذه الصناعة لما يحظى به من وفرة في الموارد المالية، والتي تساند الصناعات بالدعم المالي وفي إنشاء البنية التحتية المناسبة لها واستقطاب شركاء عالميين ذوي خبرة وسمعة كبيرة في هذا المجال وتقديم الحوافز المغرية لهم وتهيئة مراكز البحث والتطوير ورفع مستوى تأهيل الموارد البشرية.

ويشكل الإنفاق الضخم من قبل الدولة على مشاريع تحسين وتطوير البنية التحتية وما يتبع ذلك من زيادة في الطلب على معدات النقل وأجزائها، عاملا مهما في جذب استثمارات صناعة السيارات للسعودية.

مبادرة التوجه للصناعة

تحظى صناعة السيارات في السعودية باهتمام من الدولة لذا وردت ضمن المبادرات التي أطلقتها لتنويع قاعدة الاقتصاد ، خاصة في الخطة التنموية التاسعة 2010 – 2014 والتي وجهت إلى هذه الصناعة، واعتبرتها كأحد ركائز برنامج التجمعات الصناعية، وذلك بهدف توطين هذه الصناعة كخيار استراتيجي لتنويع مصادر الدخل، وتطوير هيكل الصناعة المحلية ورفع إنتاجية الاقتصاد السعودي بعيدا عن تقلبات أسعار النفط العالمية، وللمساهمة في تلبية جزء من الطلب المحلي، وتقليص حجم الاستنزاف المالي الناتج من الاستيراد، إضافة إلى نقل التقنية وإيجاد فرص العمل للمواطنين بمستويات أجور جيدة، ورفع القيمة المضافة للناتج المحلي.

وأشار التقرير إلى أن إيجاد فرصة عمل واحدة في خط الإنتاج بقطاع السيارات يوفر خمس فرص عمل على الأقل في مجال صناعة الأجزاء المكونة وقطع غيارها.