أشارت دراسة ميدانية إلى وجود فجوة في المجتمع السعودي بين رغبات الأفراد واحتياجهم إلى مساكن وبين إمكاناتهم وقدراتهم الفعلية للحصول على تلك المساكن وتحقيق رغباتهم.

وتناولت الدراسة التي أعدها رئيس لجنة المكاتب الهندسية بغرفة تجارة جدة الدكتور مهندس حسين سعيد آل مشيط تحليلا لأحوال الأسر وإمكاناتها ورغباتها وكل الجوانب الاجتماعية ذات التأثير المباشر وغير المباشر على مقدرتها المادية لتملك المسكن، إضافة إلى ربط جميع المعلومات للوصول إلى نتائج دقيقة.

وأوضحت النتائج أن أكثر من 75% من الأسر لن تستطيع تملك مسكن إلا من خلال القروض العقارية سواء الحكومية أو من خلال الجهات المصرفية أو الجهات المتخصصة في هذا المجال، التي تمثل الأمل الأكبر للأسر، حيث يوفر الحصول على القرض العقاري القدرة على شراء العقار أو بنائه، وغالبا ما تطمح الأسر للقروض العقارية الحكومية حتى تكون الأقساط على فترات زمنية طويلة وبدون فوائد بل وبإعفاء من الدولة من جزء من تلك القروض.

وتطرقت الدراسة التي جاءت بعنوان «المسكن بين القدرة الاقتصادية والرغبات الاجتماعية للمجتمع السعودي.. دراسة حالة مدينة جدة» إلى ظهور وازدياد حجم مشكلة السكن في بداية الثمانينات الميلادية بسبب الطفرة الاقتصادية وارتفاع أسعار النفط، مما شكل انتشارا واسعا للمخططات وبشكل يهدف للمضاربة في العقارات والأراضي، حيث إن أغلب هذه المخططات تعتمد بدون خدمات أو بنية تحتية.

50% من الأسر دخلها أقل من 7 آلاف

أفادت الدراسة أن نسبة الأسر التي دخلها أقل من 4000 ريال 17.7 % وأن أكثر من 50 % من الأسر السعودية دخلها أقل من 7000 ريال، ويعد هذا الدخل غير كاف لتملك مسكن بالظروف الاقتصادية الموجودة وفي ظل عدم وجود مصادر أخرى سوى الدخل الشهري الثابت، وقد بلغت نسبة الأسر التي يبلغ دخلها من 1200 - 1300 ريال نحو 15.8 % ثم 11.2 % للأسر التي دخلها أكثر من 15 ألف ريال شهريا. وهي الأسر التي سيكون بمقدورها الحصول إلى حد كبير على مسكن في ظروف ملائمة.

وتوضح الدراسة أن 69 % من الأسر لا يوجد لديها دخل إضافي، وهذه الأسر سيكون وضعها أصعب من الأسر الأخرى التي لديها دخل إضافي من مصادر أخرى سواء عقارية أو استثمارية أو غيرها، والتي مثلت نحو 30 % من الأسر محل العينة، وهناك أسر لديها بعض الدخل غير المحدود أحيانا ولم تبلغ سوى 1 %، وبلغ متوسط هذا الدخل نحو 3500 ريال بينما أقل دخل نحو 600 ريال للأسر التي لديها دخول إضافية، وقد يصل إلى 500 ألف ريال سنويا للأسر الأعلى دخلا.

حيازة المسكن

- تملك 7.41%

- إيجار 92.86 %

تصنيف سوق العقار

- جيد 18.31 %

- عادل 35.68 %

- سيئ 46.01 %

طريقة تمويل تملك المسكن

- النقدية 11.64%

- الأقساط 13.23%

- القروض 75.13%

نوع المسكن

- شقة 66.51%

- فيلا 16.97%

- تقليدي 16.06%

- حكومي 0.46%

النتائج التي توصلت إليها الدراسة

- المجتمع السعودي احتياجاته تفوق إمكاناته المادية.

- هناك عدم توافق أو ملاءمة بين المعروض وبين رغبات المجتمع.

- جزء من المجتمع اقتنع بالتوجه لتملك وحدات سكنية صغيرة كالشقق.

- الضرورة تكمن في الحصول على المسكن المناسب ضمن إمكانيات المجتمع.

- المخططات بمساحاتها الكبيرة وتقسيماتها لا تتناسب مع المقدرة الاقتصادية للمجتمع.

- انتشار المخططات والمساكن لا يعني تلبية احتياجات المجتمع مع ارتفاع أسعارها بشكل مستمر ومتزايد.

- تُوفر بعض مجمعات الشقق السكنية السكن المريح الذي يراعي الجوانب الاجتماعية ويعطي الخدمات اهتماما كبيرا.

72 % من الأسر تريد مساكن مستقلة

بين الاستبيان أن أغلب الأسر السعودية ترغب في الحصول على مسكن مستقل بنظام الفلل، حيث بلغت نسبة 72.8 % من إجمالي حجم العينة ويرجع ذلك لطبيعة وتقاليد الأسر السعودية والتي تفضل أن يكون حجم المنزل كبيرا ويحوي قسما للرجال وقسما للنساء، وكذلك الرغبة في وجود فناء خاص بالمنزل، بينما 27.1 % من الأسر يرغبون السكن في شقق، ويمكن أن تكون الرغبة في ذلك لقناعتهم بأن الحصول على مسكن مستقل أو فيلا أعلى من إمكاناتهم المادية، حيث إن أسعار الشقق أقل بكثير من أسعار الفلل مهما كان حجمها، كما أن الشقق لدى بعض الأسر تشكل أمانا أكثر، بالإضافة إلى أن الشقق أقل تكاليف في المصاريف المستمرة كالصيانة والحراسة وغيرها.

وأوضحت الدراسة أن هناك نسبة عالية من الأسر تسكن في منازل بالإيجار، وقد بلغت 92.8 % من حجم العينة وهي نسبة مرتفعه جدا، لعدم المقدرة على امتلاك المسكن بينما 7.1 % من الأسر تملك مساكن خاصة بها وهي نسبة منخفضة جدا، وبالتالي فإن حجم الحاجة للحصول على مساكن عال جدا وبما يحقق إمكانية ومتطلبات هذه الأسر.

وأشارت الدراسة إلى أن الرغبة الأساسية الأعلى للأسر في امتلاك المنزل تعود للرغبة في تحقيق الأمان الأسري والاستقرار العائلي وتأمين المأوى للأسرة ضد أي ظروف مستقبلية مادية أو صحية لرب الأسرة ويمثل هذا السبب أعلى نسبة في نتائج المسح، حيث وصلت إلى نسبة بلغت 87.9 %، يليها البحث عن الراحة والاستقرار الدائم بنسبة 10.1 %، أما توفير ما تنفقه الأسرة على الإيجارات السنوية للوحدات السكنية فقد يبلغ 0.7 % والاستثمار المادي في المسكن بلغ 0.3 % وهي أقل نسبة ضمن الدراسة، وهذا يوحي بأن الأسرة غالبا ما تهدف إلى الأمان وارتباط ذلك بتملك المسكن.

وبينت النتائج أن معظم الأسر متفائلة بأنها سوف تستطيع الحصول على مسكن بعد أربع سنوات وبلغت نسبة الأسر المتفائلة 60 % ويرجع سبب ذلك لاعتقادهم بحلول إسكانية من خلال وزارة الإسكان وتسهيل الحصول على القروض بالإضافة لتوجه معظم الأسر للشقق التي تعتبر في متناول العديد من الأسر وفق إمكانياتهم المحدودة، بينما بلغت نسبة الأسر التي تتوقع امتلاك مساكنها بعد خمس سنوات 4 % فقط ولا تختلف ظروفها كثيرا عن سابقتها.

16.9% تسكن في الفلل

نتيجة للدخول المنخفضة لأغلب الأسر فإن أفضل أنواع المساكن هي الشقة، وهو ما أوضحته نتائج الدراسة حيث بلغت نسبة الأسر التي تسكن بالشقق 66.5 % بينما نسبة الأسر التي تسكن في الفلل 16.9 %، أما الأسر التي تسكن في وحدات مستقلة أو تقليدية أو مع الأهل بنفس المسكن فقد بلغت 16 %، بينما الأسر التي تسكن بمساكن حكومية أقل من 1 %.

وأظهرت النتائج أن 92 % من الأسر راضية عن حجم المسكن الذي تعيش فيه الآن من ناحية المساحة وهي نسبة عالية جدا، وتطمح لوضع أحسن، لكن يكمن همها الأكبر في تملك المسكن حتى ولو كان بمساحة أقل من المساحة الحالية التي غالبا ما تكون بالإيجار، وهذا ينعكس على حرية الأسرة إلى حد كبير في اختيار المسكن بمواصفات مناسبة سواء من ناحية الحجم أو الموقع إلى حد ما، لأن تكلفة الإيجار أقل بكثير من تكلفة التملك، كما أن نسبة رضا الأسر عن الدور الذي تسكن به خصوصا الشقق بلغت 66% فقط أما نسبة رضا الأسر عن الأثاث فبلغت 69.5 % وهذا يعود إلى أن أغلب الأسر تحصل على الأثاث الذي يتناسب مع رغبتها وإمكاناتها المادية إضافة إلى أن هناك فئة من الأسر لديها القناعة بعدم الصرف على الأثاث بشكل كبير إلا عندما يكون المنزل ملكا لها.

أما بالنسبة لمدى رضا الأسر عن موقع سكنها فقد بلغ 72 %، أما النسبة الأخرى غير الراضية عن موقع سكنها فيعود لعدم ملاءمة موقع السكن بالنسبة لمواقع العمل والمدارس مع عدم القدرة على الانتقال من السكن الحالي لظروف مختلفة أهمها المادية، وهناك 68 % من الأسر لديها نسبة رضا وقبول بمواقع مساكنها، بينما يرجع عدم الرضا بالنسبة لباقي الأسر لعدم توفر كامل الخدمات والمرافق للوحدات والأحياء التي يسكنون بها خصوصا خطوط الصرف الصحي والمياه والمرافق العامة كالمدارس بالشكل الكافي والمناسب والقريب من مقر سكنهم.

ويوضح الطلب على الإسكان أن الوحدات المكونة من ثلاث غرف هي الأعلى، إذ بلغت نسبة 35 % يليها الوحدات المكونة من غرفتين بنسبة بلغت 21.8 %.

ومن ناحية أخرى فإن الإيجار لا يشكل مشكلة بالنسبة للسكان حيث اتضح أن 60.4 % راضون تماما عن أوضاعهم السكنية المعتمدة على الإيجار، وأن 52.7 % هم غير مالكين للمسكن، فإن 60.4 % منهم ممن يستأجرون راضون عن الإيجار.

ويتضح أن الرغبة في الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي وضمان السكن للأسرة وللأبناء هو السبب الأساسي من وراء الرغبة في تملك المسكن، ويبدو أن الرغبة في التعامل مع المسكن للضمان الحالي ولحفظ الثروة لا تجد طريقها في المجتمع السعودي، وقد يعزى ذلك إلى توفر مختلف الأوعية المالية والسياسات النقدية التي توفر ضمانا لحفظ الثروة داخل الدولة.

ويوضح البحث أن الرغبة في تملك المسكن مرتفعة جدا حيث بلغت 92.6 % للعينة.

وأظهرت الدراسة أن حجم إنفاق الأسرة على السكن بلغ بالوسيط الشهري 2250 ريالا، وأن حجم الإنفاق على التعليم من 500 إلى 2000 ريال شهريا حسب عدد الأطفال لدى الأسرة، وأن حجم الإنفاق على الطعام بلغ من 1000 إلى 3000 ريال شهريا ويعود أيضا لحجم الأسرة، أما حجم الإنفاق على الاتصالات والتقنية فقد بلغ من 500 ريال إلى 1000 ريال شهريا.

كما أن بعض الأسر التي لديها التزامات مالية نحو أقساط قروض بلغ في متوسطها 2208 ريالات شهريا وفي تقسيط امتلاك سيارة بلغ 1566 ريالا شهريا، وهذا يضاف إلى التزامات الأسرة المادية التي تنفقها شهريا.

26% من الأسر تعيش في ثلاث غرف

أوضحت النتائج أن أعلى نسبة للأسر التي تعيش في وحدات هي لثلاث غرف وبنسبة 26.6 % ثم الوحدات التي بها أربع غرف بنسبة 25.2 %، أما الوحدات التي بها غرفتا نوم فقد بلغت 22.9 % بينما الأسر التي تسكن في وحدة سكنية بغرفة واحدة فقد بلغت 16.8 % وتفاوتت النسب بين 1.5 % إلى 3 % للأسر التي تسكن في وحدات تحتوي من خمس إلى ثماني غرف، ويعود ذلك إلى حاجة الأسرة السعودية إلى مسكن يحتوي على عدة غرف نوم بسبب عدد أفرادها.

وأشارت إلى أن أغلب الأسر ترغب في السكن في منزل يحتوي على متوسط عدد ست غرف، وقد بلغت نسبة الأسر التي ترغب في الحصول على مسكن يحتوي على خمس غرف 19 % ثم 17.2 % لكل من الأسر التي ترغب في الحصول على مسكن من ست وأربع غرف.

وذكرت أن نسبة الزوجات العاملات بلغت 21 % فقط، وهي نسبة قليلة ومحدودة جدا، والزوجات غير العاملات بلغت 79 %، وهذا مؤشر غير إيجابي في عدم مقدرة الأسر في زيادة الدخل وفرص الحصول على مسكن بيسر، فالزوجات العاملات يساهمن في الأغلب في مصاريف الأسرة لمتوسط مبلغ قدره 1750 ريالا شهريا وبوسيط قدره 1000 ريال شهريا وبحد أدني يبلغ 300 ريال شهريا ولعل أهمية ذلك تكمن في مشاركة الزوجة في توفير متطلبات الأسرة والمساهمة في بناء مستقبلها.

60 % لن تتملك قبل 5 سنوات

بحسب الدراسة فإن أكثر من 60 % من الأسر لن تستطيع أن تمتلك وحدة سكنية قبل خمس سنوات في ظل ثبات الظروف والمتغيرات الاقتصادية الحالية للسوق العقاري وسوق البناء وتكاليفه.

أما النسبة الأخرى التي تنظر إلى أن سوق العقار مقبول، فهي التي تعتقد أن المعروض من الوحدات والأراضي ملائمة لمتطلبات الأسر وإمكاناتها المادية بشكل مقبول إلى حد ما، وأنه بالإمكان امتلاك المسكن في ظل ظروف مادية مقبولة أو يمكن تحقيقها.

وهذه النسبة بلغت 35.6 %. أما الفئة التي تعتقد أن سوق العقار جيد فقد بلغت نسبتها 18.3 % وهي غالبا إما أن تكون الفئة التي حصلت على مسكن مسبقا أو أن إمكاناتها المادية متناسبة مع وضع السوق العقاري في الوقت الحالي وقد تكون نظرة هذه الأسر مرتبطة بإمكان الحصول على المسكن أيا كان نوعه وموقعه بالنسبة لأحياء ومخططات المدينة.

أما الفئة التي تعتمد على مساعدات من جهات أخرى سواء أسرية أو عن طريق البرامج التي تقدمها بعض جهات العمل لموظفيها فقد بلغت 13.2 % لأنها بالطبع فئة محدودة من المجتمع، ومن هذه الجهات أرامكو السعودية التي تمنح موظفيها قروضا ميسرة لبناء وتملك مساكن مناسبة لهم.

ومثلت الفئة التي تستطيع أن تنفق على امتلاك المسكن بالاعتماد الذاتي على مدخولها أو مدخراتها النسبة الأقل حيث بلغت 11.6 %، وهذه الفئة لديها دخول مناسبة تمكنها من امتلاك أو بناء مساكنها دون الحاجة غالبا إلى مساعدات من جهات أخرى أو قروض، ولعل جزءا من هذه الأسر لديها مصادر أخرى للدخل، وجزءا منها لديهم أراض، إما عن طريق الشراء أو المنح الحكومية أو الإرث وغيره.

وأوضحت الدراسة أن الأسر التي تُعول على الاقتراض من البنوك أو الحصول على قروض بنكية عقارية لتسهيل امتلاك مسكن بلغت 36.8 % وهنا لا بد من إعادة النظر في سياسة تمويل البنوك للعقار بشكل عام.