تتجه الأنظار نحو الرياض حيث بدأ الحراك على خطّ التحضير لعقد مؤتمر جامع للمعارضة السورية من المرجح أن يكون نهاية الشهر الحالي، وذلك بعدما كشف وزير خارجية قطر خالد العطية في القمة الخليجية أول من أمس، عن أن الهدف من المؤتمر هو «وضع خطة لإدارة المرحلة الانتقالية لما بعد نظام الرئيس بشار الأسد»، وهو ما وصفه عضو الائتلاف سمير النشار بـ«التطور اللافت والإيجابي» لا سيما أنّ الإعلان عنه أتى قبل «قمّة كامب ديفيد الأسبوع المقبل». في الوقت الذي رحب فيه الأمين العام في الائتلاف الوطني محمد يحيى مكتبي،

أمس، بـ«الدعوة الموجهة من دول مجلس التعاون الخليجي لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض»، ثمّن «سعي مجلس التعاون الخليجي في دعم الثورة السورية»، مؤكدًا على «الدور الفعال للمجلس وعلى رأسه المملكة العربية السعودية في دعم الشعب السوري»، كما أكد على دور المجلس في «الإسهام بعملية انتقالية لمرحلة ما بعد سقوط الأسد بناء على قواسم مشتركة من أجل بناء سوريا المستقبل».

وفيما أوضح نائب رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة هشام مروة أنّ السعودية لم توجّه الدعوات إلى الأطراف المعارضة لغاية الآن، لفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الهدف من المؤتمر هو البحث في «خريطة حلّ سياسي» أو «رؤية سياسية مشتركة»، وأن هذا الأمر يلقى تجاوبا من مختلف الأطراف. وأكد مروة أنّ أي خطوة من الرياض تكتسب مصداقية وينظر إليها بإيجابية بحكم موقع هذه الدولة التي لطالما وقفت ولا تزال إلى جانب الشعب السوري، مرجحا أنّ تنعكس هذه الخطوة إيجابا على «مؤتمر جنيف 3».

من جهته، أشار عضو الهيئة التنفيذية في الائتلاف سمير النشار إلى أن «معظم الأطراف التي من المفترض أن تشارك في مؤتمر الرياض قد بلّغت شفويا، وإنما لم يتم توجيه الدعوات الرسمية لغاية الآن». ورأى النشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ المسار السياسي في الأزمة السورية سيكون انعكاسا للمسار العسكري على الأرض الذي يشهد تغيرات لافتة من شأنها أن تضع الأسد ومن خلفه إيران أمام واقع القبول بالحل السياسي، معتبرا أنّ انعقاد مؤتمر الرياض خلال فترة المشاورات التي يجريها المبعوث الدولي إلى سوريا، من شأنها أن تنعكس إيجابا على مؤتمر جنيف، بحيث ستمثل المعارضة بالهيئة المزمع تشكيلها وقطع الطريق أمام أي محاولات من قبل دي ميستورا لإظهار المعارضة بصورة «المشتتة».

وأوضح النشار أن التوجه هو لتشكيل هيئة مؤلفة من نحو 50 شخصية سياسية وعسكرية ودينية، ممثلين لأغلب قوى الثورة والمجتمع المدني ورجال الدين، لتشارك في مؤتمر الرياض، ولتكون مرجعية للتفاوض في أي حل سياسي، على أن يكون الائتلاف ممثلا فيها كجسم معارض أساسي، مشددا في الوقت عينه على أنّ هذه الهيئة لن تكون بديلاً لأي كيان سياسي سوري معارض قائم ولا منافس له. وفيما لفت النشار إلى أنّه من المتوقع أن يشكل ممثلو الفصائل العسكرية ما بين 20 و25 شخصية، رأى أنّ بعض الفصائل التي تمثل ثقلا على الأرض، كـ«أحرار الشام» و«ثوار سوريا» من المفترض أن تتمثل بشكل أساسي في الهيئة، إضافة إلى زهران علوش «قائد جيش الإسلام»، مؤكدا في الوقت عينه على أهمية أن يكون هذا التمثيل حقيقيا وليس مجرد شخصيات عادية، للتأكد من إمكانية تطبيق أي مشروع أو قرار. مع العلم أنّ معلومات كانت قد أشارت قبل أسبوعين إلى أن علوش خرج من الغوطة الشرقية باتجاه تركيا، وتوجّه بعدها إلى السعودية، وهو ما لفت إليه مصدر في هيئة الأركان في «الحر» لـ«الشرق الأوسط»، متوقعا أن يكون لعلوش دور بارز في المرحلة المقبلة. لكن النشار اعتبر أنّ «قائد جيش الإسلام» قد يكون من بين ممثلي الفصائل المشاركة في مؤتمر الرياض، وإن لم يعن هذا أن يكون له دور محوري في المستقبل.

وفيما تعول المعارضة على خطوة كتلك التي تقوم بها الرياض ودول الخليج بالتنسيق مع تركيا وفرنسا، اعتبر النشار أنّه لا تزال هناك خلافات أساسية بين بعض أطراف المعارضة تحول دون التوافق النهائي في ما بينها، إذ فيما يؤكد الائتلاف رفضه استمراره في الحكم بعد تشكيل هيئة حكم انتقالية، لا يبدو هذا الأمر أولية بالنسبة إلى أفرقاء آخرين، كهيئة التنسيق، والشخصيات التي اجتمعت في روسيا والقاهرة، ويؤكد النشار أنّه من دون حل هذه العقدة لا يمكن أن يكون لأي مؤتمر أهمية عملية.

غير أن فكرة المؤتمر نفسها لاقت جاذبية كبيرة لدى بعض الأطراف الأكاديمية، التي وجدت فيه الفرصة متاحة لطرح مشاريع للحلول السياسية المتعلقة بهيئة الحكم الانتقالي التي نص عليها مؤتمر «جنيف» للحوار بين المعارضة والنظام. وقالت مصادر سورية معارضة بأن 3 معاهد أبحاث كبرى على الأقل تتسابق لإعداد مشاريع يمكن طرحها على المؤتمر، في ما خص شكل هيئة الحكم الانتقالي والشخصيات التي يمكن أن تكون فيها.

كشفت المصادر أن مركز «هوبكنز» ومقره الدوحة، يعمل منذ فترة على ترتيب لقاء بين شخصيات سورية معارضة وأخرى قريبة من وجهة نظر النظام بهدف وضع مشروع يحظى بفرص للنجاح، وقالت بأن آخر اجتماعات رتبها المعهد كانت قبل أسبوعين في مدينة استوكهولم في السويد. ونقلت المصادر عن مسؤولين كبار في هذا المعهد تأكيدهم أن لديهم تأكيدات بإمكانية اعتماد ما يخرج عنهم في هذا المجال كوثيقة أساسية يتم الانطلاق منها في أي عمل مستقبلي يتعلق بهيئة الحكم الانتقالي.

وأشارت المصادر إلى أن معهد كارتر الأميركي دخل بدوره على خط العملية، وأنه عقد لهذه الغاية جولة عمل في مدينة إسطنبول التركية الأسبوع الماضي، وكذلك يعمل مركز أبحاث سويسري للأمن والسلام على الموضوع عينه.