فيما تباينت آراء عددٍ من المحللين حول الجوانب الاقتصادية لحملة التصحيح لأوضاع الأشقاء من الجنسية اليمنية، برزت توقعات تشير إلى حدوث انخفاض في أجور العمالة بقطاع المقاولات بما مقداره 20%.

وأكدوا خلال حديثهم ل " الرياض " أهمية إعادة تشكيل سوق العمالة بالمملكة تزامناً مع حملة التصحيح التي تقوم بها المملكة، والتي وصفوها بالإنسانية في أبهى صورها.

حول ذلك قال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين إن الدور الذي تقوم به المملكة من تصحيح لأوضاع اليمنيين المقيمين في المملكة يعدّ عملاً إنسانياً بالمقام الأول، وهو ديدنها منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه -، وبالمقابل نجد أنفسنا في الوقت الراهن بحاجة كبيرة إلى إعادة تشكيل العمالة المتوفرة في السوق بالمملكة، فالأمر قد يفتقد إلى الموازنة حال استمرار تصحيح أوضاع اليمنيين وكذلك الاستقدام من الخارج ؛ لأن هذه العملية قد تغرق السوق بشكل كبير بالعمالة، وبالتالي يجب أن نستفيد حالياً من العمالة اليمنية الموجودة وأن تكون لها الأولوية في إصدار التأشيرات من الخارج، وخفض استقدام العمالة غير الماهرة من الخارج.

وبيّن أن المملكة في الوقت الراهن متشعبة من العمالة، حيث إن لديها حجما كبيرا منها والتي يمكن الاستغناء عنها لا سيما غير الماهرة منها، حيث إن هنالك الكثير من المشروعات التي سوف تستفيد من العمالة اليمنية المتوفرة في السوق، ولكن يجب أن نعترف أيضاً أن هنالك إغراقاً في السوق بالعمالة، ولكن هذا الإغراق قد يكون في فترة محددة – أي في ظروف استثنائية – والمملكة تتعامل مع هذه الظروف بإنسانية بغض النظر عن الجوانب الاقتصادية الأخرى، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نحيّد عملية الإغراق ؛ كون تدفق العمالة اليمنية ليس للعمل وإنما لأسبابٍ استثنائية.

وذكر أن تصحيح وضع هذه العمالة له بعد أمني بالمقام الأول يهدف إلى إيجاد قاعدة بيانات لجميع الداخلين إلى الأراضي السعودية، كما أن هذا التصحيح قد يكون تعزيزاً لجانب العمالة التي تحتاجه المملكة ودعماً للأشقاء اليمنيين الذين سيتمكنون مع تصحيح أوضاعهم من العمل والكسب لتغطية نفقاتهم وتحويل جزء من إيراداتهم لذويهم في اليمن وبالتالي إسهامهم في جهود الدعم الإنسانية من خلال أموالهم المحولة.

بدوره قال الدكتور سامي النويصر – محلل مالي – إن المملكة اتخذت هذه الخطوة – أي التصحيح - إيماناً منها بالدور الإنساني في هذا الجانب، والذي تقوم به دائما وليس بالغريب عليها، ولا توجد دولة بالعالم قامت بتصحيح أوضاع المخالفين فيها، موضحاً الجوانب الاقتصادية في ذات الشأن، حيث إن التوقعات تشير إلى حدوث انخفاض في أجور العمالة بقطاع المقاولات 20% ؛ كون غالبية العمالة من الجنسية اليمنية تجيد العمل في الإنشاءات والمقاولات.

وأوضح أن تدخل وزارة العمل سابقاً بفرض رسوم ال 2400 ريال والسياسات السريعة الأخرى أدت إلى ارتفاع أجور العمالة، محمّلةً بذلك المواطن آثار تلك التكاليف، حيث كان أجر العامل اليومي – سابقاً – في حدود ال 80 ريالاً ليرتفع بعدها ل 200 ريال، مما يعني أن نسبة ارتفاع أجور العمالة التي يتحملها المواطن كانت أكثر من 120% لا سيمّا في قطاع المقاولات والإنشاءات التي تعتمد بنسبة كبيرة على العنصر البشري.

وأشار الدكتور النويصر إلى أن عملية التصحيح لها جوانب اقتصادية أخرى منها تعزيز عامل العرض للعمالة في السوق مما يزيد عامل المرونة في هذا الخصوص، لا سيما أن هنالك الكثير من المشاريع تتطلب توفر العمالة بشكل كبير ومشروعات أخرى متعثرة، وستساهم عملية التصحيح في تحسين سوق العمالة بالمملكة، بالإضافة إلى تسريع العمل في تلك المشاريع وخصوصاً المعمارية منها ؛ كون أغلب أنشطة العمالة اليمنية تتعلق بالإنشاءات.

وعن الإغراق في سوق العمالة قال النويصر لا أتصور أن هنالك عملية إغراق قد تحدث بداخل سوق العمالة، بل ستساهم في تخفيض أجور العمالة المرتفعة التي دفعها المواطن وكذلك المشروعات خلال الفترة الماضية.