سوق سوداء، سماسرة، ودكاكين يديرها مجهولون وآخرون ذائعي الصيت هي تجارة جديدة أفرزتها أنظمة وزارة العمل وتهرب بعض أصحاب العمل من تطبيقها على أرض الواقع. استخدمت فيها كل الوسائل التقليدية والتكنولوجية، والضحية مواطن باحث عن لقمة عيش تضطره الظروف للرضوخ لمثل هذه السلوكيات، ولو بشكل مؤقت؛ للحصول على أي دخل، رغم علمه بأن العملية تلاعب صريح على الأنظمة ومساعدة على مضاعفة الثروات بطرق ملتوية.

تطورت هذه العمليات المشبوهة، لتتحول إلى استغلال هويات مواطنين دون علمهم بغرض التوظيف الوهمي؛ لتغطية نسب التوطين التي فرضتها وزارة العمل على مختلف القطاعات في السوق.

وبعد مجموعة من الإجراءات النظامية التي اتخذتها الوزارة؛ للحد من التوطين الوهمي، استعانت بالمواطن ليكون خط الدفاع الأول عن نفسه، دعت وزارة العمل المواطنين والمواطنات إلى التحقق من عدم تسجيلهم في منشآت القطاع الخاص في إطار مخالفات التوطين الوهمي، التي ترتكبها بعض المنشآت للتأكد منها وإتخاذ ما يلزم ومتابعة الموضوع مع صندوق الموارد البشرية؛ لحذف اشتراكات المواطنين المسجلين وهميا، واتخاذ الإجراءات الرسمية تجاه المنشآت المخالفة التي أخذت دعما من الصندوق.

وأوضحت الوزارة أن عملية التحقق تتم عبر رقم الهوية الوطنية على الموقع الإلكتروني (www.gosi.gov.sa/portal/web/guest/212)، مما يسهم في الحدّ من ممارسات التوطين الوهمي.

وطالبت الوزارة من المواطنين ضرورة الإبلاغ عن هذه التجاوزات، عبر الاتصال بمركز خدمة العملاء على الرقم 19911، أو من خلال زيارة فروع مكاتب العمل في جميع مناطق المملكة.

كما قررت وزارة العمل في وقت سابق إيقاف خدماتها عن 14 منشأة لمدد متفاوتة لا تتجاوز سنتين، وذلك بعد ثبوت استخدامها لهويات مواطنين دون علمهم بغرض التوطين الوهمي. وشمل القرار إيقاف الخدمات تعليق الموافقة على طلبات الاستقدام، وإيقاف طلبات نقل الخدمات إلى المنشآت، كما أبلغت وزارة العمل كلاً من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وصندوق الموارد البشرية لحذف اشتراكات المواطنين، واتخاذ ما يلزم حول حصول المنشآت المخالفة على دعم من الصندوق.

وحذرت وزارة العمل جميع المنشآت الأخرى من استغلال أسماء المواطنين وهوياتهم الوطنية وجمعها بطرق غير نظامية، داعية إلى التبليغ عن أي تجاوزات في هذا الشأن.

وأوضح مدير المركز الإعلامي بوزارة العمل تيسير المفرج في تصريح سابق، أن المنشأة التي تمارس «التوطين الوهمي» يتعرض صاحبها للعقوبة، التي تشمل السجن من سنة إلى 5 سنوات، وغرامة مالية قد تصل إلى 10 ملايين ريال، بالإضافة للعقوبات التي تضمنها نظام التأمنيات الاجتماعية.

وأضاف أن التوطين الوهمي يعد مخالفة لنظام مكافحة التزوير، ومن المخالفات التي أدرجت تحت «التوطين الوهمي»، توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة دون إسناد عمل حقيقي لهم، أو تسجيلهم بمهنة غير مدرجة ضمن أنشطة المنشأة، أو تسجيل من تمنعهم إعاقتهم من أداء أحد أنشطة المنشأة.

ومن العقوبات التي تضمنها نظام العمل، وقف الموافقة على طلبات الاستقدام، ووقف طلبات نقل الخدمات وتجديد إقامات العاملين، حرمان صاحب العمل من الدخول في المناقصات الحكومية، وحرمانه من القروض والإعانات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص.

وأضاف المفرج أن هناك أيضاً عقوبات بحق الأشخاص المتعاونين مع منشآت في السعودة الوهمية، تشمل السجن لمدة 3 سنوات في المرة الأولى و5 سنوات في المرة الثانية.

ومن جهة أخرى، أقر مجلس الشورى تعديل المادة 62 من نظام التأمينات الاجتماعية بوضع عقوبات على أصحاب العمل الذين يستغلون أسماء المواطنين بتسجيلهم في التأمينات الاجتماعية ومنها رفع الغرامة لتصبح عشرة آلاف ريال، وإدراج عقوبة التشهير لنظام التأمينات عند اكتسابها الصفة النهائية غير القابلة للطعن، وذلك بعد الاستماع لوجهة نظر اللجنة المالية.

ويقضي التعديل بمعاقبة كل من يخالف حكما من أحكام النظام ولوائحه بغرامة لا تزيد على 10 آلاف ريال، ويضاعف هذا الحد في حالة العودة أو التكرار، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال المشتركين الذين ارتكب صاحب العمل بصددهم مخالفة أو أكثر، كما تتعدد بتعدد البيانات المقدمة أو الممتنع عن تقديمها، كما ينص التعديل على حرمان صاحب العمل الذي يقوم بتسجيل شخص ويثبت لدى المؤسسة أنه لا يعمل لصالحه، من استرداد قيمة الاشتراكات التي دفعها، وأجاز التعديل النص في قرار العقوبة بنشر ملخصه على نفقة المخالف في صحيفة محلية تصدر في مكان إقامته، فإن لم يكن في مكان إقامته صحيفة ففي أقرب منطقة له، أو نشره في أي وسيلة أخرى، على أن يكون نشر القرار بعد اكتسابه الصفة القطعية، وأكد التعديل على أنه لا يجوز فرض أي من الغرامات المنصوص عليها في هذه المادة عن المخالفات التي مضت عليها خمس سنوات فأكثر.