قاد كسر فخار باحثة آثار سعودية إلى استنتاج وجود مستوطنة قديمة تعود إلى أزمان سابقة بمحافظة تثليث بمنطقة عسير.
وتعود فصول القصة إلى تجنيد باحثة الآثار السعودية فوزية الحديثي طاقاتها لاستكمال رسالتها للدكتوراة بجامعة الملك سعود من خلال زيارتها الميدانية للمواقع الأثرية في تثليث.
وتشرح فوزية تفاصيل اكتشافاتها قائلة: «زرت موقعًا عبارة عن ملجأ صخري واسع في حمضة تثليث، يضم العديد من الرسومات الفنية الملونة، واكتشفت وجود كسر فخار، بما يدلل على وجود مستوطنة قديمة، وأن محافظة تثليث إجمالاً غنية بالفنون الصخرية والكتابات القديمة».
وأكدت تفاعل ودعم ومساندة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مع عملها وبحوثها الميدانية، غير أنها قالت: «إن العوائق التي قد تقف أمام الباحثات لا تختص بتسهيل المهمة، وإنما في سفر المرأة وظهورها في هذه الأماكن وتحمل المرافقين لها أعباء الانتظار والتنقيب، مضيفة في هذا الإطار: «سبب حبي للآثار يكمن في التعرف على أسرارها واكتشاف مواقعها».
وحول وجود سعوديات يعملن في هذا المجال، أوضحت أن هناك العديد من الباحثات من العنصر النسائي ممن يستهويهن هذا العمل، يساهمن في تصوير وتوثيق وشرح وتحليل معلومات المواد التي يتم العثور عليها من نقوش ورسومات، مؤكدة في الوقت ذاته على وجود نخبة من الباحثات السعوديات في مجال الآثار، إلا أنها نوهت بقلة المتخصصين والمتخصصات في الرسوم الصخرية والنحت، وحاجة المنطقة الجنوبية إلى وجود باحثين ميدانيين في الآثار.

من جهته، بين مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمنطقة المهندس محمد العمرة أن تثليث تشتهر بكثرة النقوش الصخرية، والتي حصرتها وسجلتها الهيئة مسبقًا ضمن سلسلة جبال تسمى القهره، إلى جانب نقوش في كافة القرى، مشددًا على أن الهيئة تولي هذه المواقع وغيرها اهتمامًا بالغًا من خلال المحافظة عليها وحمايتها من أيدي العبث، مستشهدًا بتخصيص عدد من الحراس لحمايتها.

وأضاف: إن تلك المواقع تتجاوز أكثر من ٩٠ موقعًا، سجلت في نظام الآثار، عبارة عن نقوش ورسوم صخرية موزعة على جوانب الطرق والتي كان يسلكها الناس قديمًا.

وتابع: «كما تم تسجيل 3 مواقع تبعد عن تثليث بمسافة 70 كم ولا يزال العمل جاريًا لحصر أي مواقع جديدة، حيث إنه يوجد العديد من المواقع التي لم يتم تسجيلها، وفي الوقت نفسه يعمل على نزع ملكيات لقصور ومنازل تعود ملكيتها لآل كدسة».

وأكد أن طريق محجة حضرموت يعتبر من أهم الطرق الرئيسة القديمة التي استخدمت للوصول للأماكن المقدسة خلال العصر الإسلامي المبكر، وهو أهم الطرق القديمة التي تربط جنوب المملكة بغربها وشمالها، وكان يعتبر أهم حلقة وصل بين الحضارات السبئية والمعينية والحضرمية والقتبانية وبين حضارات الدادانية واللحيانية والنبطية، لافتًا إلى أنه توجد بالمركز أهم المواقع الأثرية بأسمائها الباقية إلى الآن، وهي: «عبالم ومريع والهجيرة وتثليث وجاش المصامة».

وأفصح العمرة عن أن فرع الهيئة يدرس مشروع تشكيل فريق علمي متخصص لحصر وجمع جديد للمواقع الأثرية والسياحية، يتكون من باحثي آثار وتراث عمرانى وسياحة، تحت مسمى فريق عسير للعمل، وفقًا لخطة بحث وتسجيل وتحديث بيانات، مؤكدًا على تجاوب الهيئة مع كثير من الباحثين وتفاعلها مع العديد منهم وتوفير كافة السبل المساعدة لهم للحصول على المعلومات والتي تصب جميعها في مصلحة صناعة السياحة وتوثيق الآثار، خصوصًا أن المنطقة تعتبر من المناطق الزاخرة بالآثار القديمة والمنحوتات والرسومات الأثرية التي تجد إقبالًا كبيرًا من الباحثين والدارسين والموثقين عليها.