كشفت مديرة دار الفتيات بمكة المكرمة حفصة شعيب أن محاولات الانتحار بين النزيلات باتت ظاهرة وتحدث بين الفينة والأخرى، موضحة أن العاملات والأخصائيات الاجتماعيات في الدار يتداركنها في الأوقات المناسبة وتتم السيطرة على معظمها.

ويأتي تصريح شعيب بعد أيام من انتحار إحدى نزيلات الدار في 30 شوال الماضي، حيث حملت جمعية حقوقية بالعاصمة المقدسة فرع وزارة الشؤون الاجتماعية بالمنطقة، وكذلك والد المنتحرة مسؤولية ما حدث، مطالبة بمحاكمة الطرفين.

مجرد لفت انتباه

وقال مديرة الدار لـ"الوطن" إن كثرة محاولات الانتحار بين بعض النزيلات جاءت بدافع لفت الانتباه إليهن، ومحاولة منهن لزيادة الاهتمام بهن، مشيرة إلى أن حالة الانتحار التي حدثت أخيرا هي الأولى من نوعها، حيث لم يسبق أن حدث مثلها داخل الدار من قبل.

وأضافت "نحاول في الدار وبقدر المستطاع أن نقلل من الظواهر السلبية، خاصة في ظل وجود كثير من الدورات التي تنفذها وزارة الشؤون الاجتماعية مع المؤسسات المختصة في تنفيذ برامج تهدف إلى توعية وتثقيف النزيلات والعاملات، وذلك للحد من كافة الظواهر السلبية التي قد تؤثر على مجرى حياة أي نزيلة سواء داخل الدار أو حتى بعد خروج النزيلة منها".

مشكلة الكاميرات

وحول الانتقادات التي وجهت إلى دار رعاية الفتيات بمكة المكرمة والتي أفصح عنها فرع جمعية حقوق الإنسان بالعاصمة المقدسة، ومنها مشكلة الكاميرات، وأن معظمها معطلة ولا تؤدي دورها في الكشف عن أي حادثة أو مشكلة داخلية، قالت شعيب "إن الدار لا توجد فيها كاميرات، ولكن وزارة الشؤون الاجتماعية وعدتنا بحل هذه المشكلة وتوفير كثير من الكاميرات التي تساعدنا في تدارك أي أزمة تحصل في المستقبل، كما ستساعدنا في رصد أي ظواهر طارئة قد تحدث لا سمح الله".

قصص مؤلمة

من جانبها، أوضحت المستشارة النفسية الدكتوره نورة عبدالستار لـ"الوطن" أن ما حدث من انتحار لإحدى النزيلات يعود بشكل عام للحالة النفسية المتدنية والإحباط وعدم تقبل المجتمع للحالات التي وقعت في أخطاء سابقة، والحقيقة أن مثل هذه الحالات لا بد من التعامل معها بشكل إنساني قبل أي شيء ومهما بلغ حجم الخطأ.

وأكدت أن معظم هذه الحالات تكون ضحية أسرة مفككة ولم تجد الرعاية المطلوبة، والمشكلة الأكثر خطورة عندما يتم التعامل معها من قبل بعض المختصين الاجتماعيين والنفسيين غير المؤهلين عمليا، منوهة إلى أنها قبل عدة سنوات أحيلت إليها إحدى هذه الحاﻻت من دار الفتيات بمكة المكرمة، وعندما دخلت العيادة مددت يدي لأصافحها فقالت لي "تسلمي علي يادكتوره وأنا قذرة"، فاستغربت ردة فعلها وسألتها عن ذلك، فأخبرتني بالقصة قائلة إن أخصائية اجتماعية رفضت السلام عليها بحجة أنها "قذرة" ولا تتشرف بمد يدها إليها.

وتابعت "مثل هذه التصرفات تؤدي إلى احتقار الذات، وقد تؤدي إلى الانتحار، فلا بد أن يتم تأهيل الأخصائيات لمتابعة وعلاج مثل هذه الحالات ويدعمنها ويحاولن أن يتقبلن دورهن في الاختلاط بفتيات قادرات على العودة إلى جادة الصواب بعد مشوار في غياهب الخطيئة.

واستشهدت الدكتوره نورة في نهاية حديثها بقصة أخرى عن بعض دور الرعاية قائلة: كانت هناك فتاة تتعرض للتحرش من أحد أقربائها وهي صغيرة، وعندها احتقرت نفسها وانحرفت، وعندما حضرت إلى العيادة وبعد فترة طويلة من العلاج تغيرت وارتقى سلوكها وهي الآن أم وزوجة وتابت عن كل تصرفاتها السابقة.