للمرة الاولى منذ بدء النزاع السوري، يجتمع ممثلون عن التيارات المختلفة في المعارضة السورية وفصائل مقاتلة حول طاولة واحدة في الرياض الثلاثاء المقبل بحثا عن رؤية موحدة يحملونها الى مفاوضات محتملة مع النظام.

ويغيب حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب عن الاجتماع، على الرغم من الدور العسكري البارز الذي لعبوه على الارض في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.

وتستضيف السعودية الداعمة للمعارضة السورية التي تقاتل ضد النظام السوري المؤتمر في اطار توصيات مؤتمر فيينا حول سوريا الذي انعقد في 30 تشرين الاول/اكتوبر بمشاركة 17 دولة بينها الولايات المتحدة وروسيا وايران والسعودية، في غياب ممثلين عن النظام السوري او المعارضة.

ويقول العضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار لوكالة فرانس برس "سيعقد مؤتمر الرياض يومي الثامن والتاسع من الشهر الحالي وقد يطول اكثر من ذلك"، موضحا ان "لائحة الائتلاف المشاركة مؤلفة من عشرين شخصا يضاف اليها عشر شخصيات وطنية تلقت دعوات بصفة شخصية" بينها هيثم المالح وميشال كيلو وجورج صبرا.

ومن المرجح ان ينقسم المؤتمر الى قسمين، بحسب نشار، "الاول يتعلق بالاتفاق على المرحلة الانتقالية وتبني رؤية سياسية واضحة، بالاضافة الى سوريا المستقبل وتحديدا شكل النظام السياسي. اما الثاني فيتمحور حول كيفية التعامل مع مقررات فيينا وتشكيل لائحة مشتركة من المعارضة للتفاوض مع النظام، وهنا تكمن الصعوبة".

وذكر السياسي المعارض هيثم مناع، احد اركان "مؤتمر القاهرة" الذي يضم تيارات وشخصيات من معارضة الخارج ومعارضة الداخل المقبولة من النظام، لوكالة فرانس برس، ان عشرين ممثلا من اعضاء المؤتمر، بينهم رئيس الائتلاف السابق احمد الجربا والفنان السوري جمال سليمان، سيشاركون في الاجتماع.

كما تشارك هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي التي تعد من ابرز مكونات المعارضة المقبولة من النظام السوري في اجتماع الرياض، وفق ما ذكر المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم لفرانس برس.

وتجمع مكونات المعارضة السورية على ضرورة القيام بعملية انتقالية تنتهي باستبدال النظام الحالي، الا انها تختلف حول الاسلوب الذي يجب اعتماده للتوصل الى ذلك. ويقول حسن عبد العظيم "في ما يتعلق بالرئيس بشار الاسد، هناك نوع من التوافق الدولي على ان هذا موضوع يقرره السوريون"، بينما يرفض الائتلاف اي دور لبشار الاسد في مستقبل سوريا.

كما ترفض بعض مكونات معارضة الداخل استخدام السلاح في الاطاحة بالنظام، ويطالب الائتلاف بتسليح الفصائل التي توصف ب"المعتدلة" لايجاد نوع من التوازن على الارض مع قوات النظام.

واتفقت الدول الكبرى التي اجتمعت في فيينا على جدول زمني ينص على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة اشهر واجراء انتخابات خلال 18 شهرا، على ان يعقد لقاء بين ممثلين عن النظام والمعارضة بحلول الاول من كانون الثاني/يناير.

ويرى نشار في مؤتمر الرياض "خطوة مهمة لارضاء المجتمع الدولي بشأن توحد المعارضة حول موقف واحد".

- فصائل مقاتلة مشاركة-

وتوقع مناع مشاركة 85 شخصا في المؤتمر، بينهم 15 ممثلا عن فصائل مقاتلة.

ويقول مصدر في المعارضة مواكب للاتصالات ان الفصائل المدعوة "هي تلك المصنفة غير ارهابية"، وبينها الجبهة الجنوبية المدعومة من الغرب و"جيش الاسلام" الفصيل المعارض الابرز في ريف دمشق.

ولم تصدر حتى الآن اي تأكيدات من الفصائل المقاتلة حول مشاركتها.

ويرى نشار في مؤتمر الرياض "خطوة مهمة لارضاء المجتمع الدولي بشأن توحد المعارضة حول موقف واحد".

-الاكراد غائبون-

وتم استثناء المقاتلين الاكراد وعلى رأسهم وحدات حماية الشعب الكردية التي نجحت في طرد تنظيم الدولة الاسلامية من مناطق سورية عدة من المؤتمر.

ولم يتلق حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الابرز في سوريا حتى الآن اي دعوة، ويعود ذلك الى رفض الائتلاف مشاركته او مشاركة وحدات حماية الشعب.

ويشرح نشار ان "لدى الائتلاف تحفظات على مشاركة صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي) ووحدات حماية الشعب في المؤتمر"، فالوحدات، على حد قوله "لم تقاتل قوات النظام".

ويتهم بعض المعارضين الاكراد بالتواطؤ مع النظام في بداية النزاع، وبمحاربة فصائل من الجيش الحر لطردها من مناطقهم.

ويتابع نشار ان "على مسلم ان يعلن موافقته على وحدة سوريا ومعارضته لنظام بشار الاسد عسكريا، كما على وحدات حماية الشعب ان تنضم الى الجيش السوري الحر".

اما مسلم، الذي اكد لفرانس برس عدم تلقيه دعوة حتى الآن، فوصف الامر بـ"المعيب" مشددا على انه "لن يقبل بشروط مسبقة".

وبحسب مسلم فان موقف حزبه المعارض للنظام السوري معروف. ويقول "قاتلنا النظام السوري قبل وجودهم (الفصائل) وصراعنا معه قديم جدا"، مضيفا "نحن موجودون على الارض وسوريون حقيقيون، ولن نستمع الى اناس يتكلمون من احضان (الرئيس التركي رجب طيب) اردوغان".

ويتخذ الائتلاف السوري المعارض من مدينة اسطنبول التركية مقرا له ويلقى دعما من انقرة التي تواجه تمردا كرديا على ارضها.

ويشكل تصاعد نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية مصدر قلق رئيسي لتركيا التي تعتبر هذا الحزب فرعا لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه "ارهابيا".

ويقول مسلم "ما دامت هناك فصائل مسلحة مشاركة، فجب ان تشارك وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديموقراطية"، الائتلاف الذي انشىء اخيرا ويضم فصائل كردية وعربية ومسيحية نجحت في استعادة اراض واسعة من الجهاديين في محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد.

وتساءل مسلم "اليس هذا المؤتمر من اجل سوريا ومن ثم التفاوض مع النظام، فكيف يرفضون مشاركتنا؟".