تضاعفت معاناة طلاب مدرسة البحر الأحمر العالمية بجدة وأولياء أمورهم وكذلك فريق العمل عقب صدور قرار من وزير التعليم الدكتور عزام بن محمد الدخيل بإغلاق المدرسة نهائيًا، على خلفية نتائج التحقيقات في وفاة الطفل «عبدالملك مروان عوض» داخل حافلة نقل مدرسية، فيما تضمن القرار تكليف مدير عام التعليم بجدة باتخاذ إجراءات الإغلاق النهائي، وسحب أصل الترخيص، والإشراف على تسوية الأمور المالية حول الرسوم الدراسية ومستحقات الموظفات، واستلام الختم الرسمي للمدارس، إضافة إلى مخاطبة الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن.
كما تضمن القرار الوزاري توجيه إدارة تعليم جدة بتشكيل لجنة عاجلة لبحث البدائل المناسبة لطلاب المدرسة، بما يتوافق مع رغبات أولياء أمورهم.
من جهته أوضح مدير تعليم جدة عبدالله الثقفي لـ»المدينة»، بأن إغلاق المدرسة نهائيًا سوف ينفذ من اليوم، مضيفًا بأن اللجنة المكلفة بتنفيذ الإغلاق لمدرسة البحر الأحمر العالمية بدأت إعمالها منذ الخميس الماضي، وأضاف: أنه سوف يتم اختيار مقر مدرسي حكومي او أهلي مجاور للمدرسة الأصلية (لا يمت للمالكة بصلة) لتأدية اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول.
وأشار إلى أن الإشراف والقيام بأعمال الاختبارات وإصدار شهادات نهاية الفصل سيكون من قبل منسوبات مدرسة البحر الأحمر حرصًا على مصلحة الطالبات.
وأكد الثقفي أنه سيتم تسهيل نقل الطالبات لمدارس عالمية (منهج بريطاني او أمريكي) حسب رغبة أولياء أمورهن، مشيرًا في هذا الصدد إلى أنه تم تزويد أولياء الأمور بأسماء المدارس العالمية بعد التواصل مع إدارات المدارس لتسهيل قبولهن فيها إلى حين عقد الاختبارات في الموقع المحدد، ونوه إلى أن من مهام اللجنة المكلفة الإشراف على حقوق العاملات.
طالبوا بتأخير تنفيذ القرار للعام المقبل
4 أضرار تلحق بالطلاب وأولياء الأمور جراء «الإغلاق المفاجئ»
طالب عدد من أولياء الأمور وزير التعليم تأخير تنفيذ العقوبة إلى نهاية العام الحالي، مشيرين إلى القرار المفاجئ ألحق بهم 4 أضرار رئيسية منها صعوبة نقل أبنائهم لمدرسة أخرى بعد بدء العام الدراسي، وتحمل المزيد من المصاريف والتكاليف الإضافية حيث وصلت تسعيرة الرسوم من بعض المدارس المجاورة إلى 20 ألف ريال سنويا، وتضرر الطفل والأسرة من تغيير بيئة المدرسة لأخرى، بالإضافة إلى ندرة المقاعد الدراسية الشاغرة الكافية باستيعاب طلاب المدرسة المغلقة.
وتواجد أولياء الأمور أمس منذ ساعات الصباح الأولى بجوار المدرسة بغية الوصول إلى جواب شاف من إدارة المدرسة عن مستقبل العام الدراسي لأبنائهم، حيث ناشدوا وزير التعليم الدكتور عزام بن محمد الدخيل بإعادة النظر في القرار الذي يرونه أنصف نفسًا تحت التراب وأضر بآلاف الأنفس من الأسر والأطفال فوق التراب، مطالبين بتأخير تنفيذ العقوبة الى نهاية العام الحالي، لما وجدوه من معاناة وصعوبات في نقل بناتهم إلى مدارس أخرى.
ويقول محمد عبدالسلام: أنا أب لطفلة وأعرف معنى أن يفقد المرء ابنه أو ابنته وأعي تمامًا حرقة والد الطفل الفقيد، وأشكر الوزير على تحركه الصارم تجاه هذا الخطأ، ولكن نرجوه أن ينظر في مصالحنا ومقدار الضرر الذي تعرضنا له، فانا لا استطيع نقل ابنتي إلى أي مدرسة أخرى وتحمل المزيد من المصاريف والتكاليف، فالمبلغ الذي دفع للمدرسة التي أغلقت لن يرجع إلا بعد فترة طويلة، وانا لست قادرًا على توفير مبلغ الالتحاق بمدرسة أخرى بذات المستوى الذي تتعلم به ابنتي.
ويلتقط أحمد المبارك -ولي أمر أحد الطالبات- طرف الحديث قائلًا: «الأمر له أبعاد أخرى والوزير لاتخفي عليه الجوانب المعنوية للأسر وللأطفال جراء تغيير بيئة المدرسة لأخرى في هذا التوقيت فذلك يضر بالرجل البالغ فما بالنا بطفله صغيرة».
وأضاف : «ندرك حرص الوزير على ابنائنا وتحصيلهم العلمي لكن نرجوه التريث في تطبيق القرار»
التسعيرة بـ 20 ألف
ويقول محمود إبراهيم ولي أمر طالبه أخرى: وجدنا ماتشيب له الرأس من المدارس الأهلية الأخرى التي قمنا بزيارتها، الأسعار ارتفعت والكل يتحجج بندرة المقاعد الدراسية الشاغرة، ذهبت في جولة لأرصد الخيارات المتوفرة بالقرب من المدرسة فوجدت الأسعار وصلت للعام الدراسي لـ 20 ألف ريال، وهذا أمر منهك جدًا لنا ماديًا.
واستطرد: «الوزير للأسف الشديد لم يعاقب المدرسة فقط بل عاقب الجميع، وقبل كل هذا عاقب ابنائه الصغار ولن أقول ابنائنا لاننا نعي بأن هذا الرجل مؤتمن عليهم ويعتبرهم ابنائه وأملنا به كبير بأن يراجع القرار».
القرار يهدد الاستقرار الوظيفي والعائلي لـ 78 معلمة
خلال لقاء مع عدد من المعلمات بالمدرسة وعددهن 78 معلمة - تحفظنا على أسمائهن بناء على طلبهن - رغبتهن بأن يصل صوتهن عبر «المدينة» لوزير التعليم، وأشرن إلى أن فتيات ونساء سعوديات وأخريات مقيمات تركن أطفالهن وأسرهن واستعن بالخادمات وتكبدن خسائر سائق لينقلهن ذهابًا وإيابا من المدرسة إلى منازلهن، وكل أملهن الاستقرار الوظيفي والمادي.
و تقول احدهن «أ.م.ع» سعودية : «نحن مهددات بالاستغناء عنا، بعد قرار وزير التعليم بإغلاق المدرسة، وأنا ملتزمة بإيجار للشقة السكنية وأساعد زوجي في إيجارها، اليوم أشعر بالقلق الشديد على أحد أهم مصادر دخل أسرتي، وأناشد الوزير والمسؤولين بالأخذ بعين الاعتبار لظروفنا ومصالحنا التي تضررت جراء هذا الإغلاق المفاجئ، والضار لنا كمعلمات سعوديات».
وتشير «م.ع.ا» معلمة سعودية، بأنهن لم يجدن كمعلمات أي رد من قبل إدارة المدرسة أو أي مسؤول عن مستقبلهن الوظيفي، ولا يعرفن إلى أين يتجهن في حالة اغلاق المدرسة ؟ وأكدت عدم التزام المالك بدفع رواتبهن للفترات المتبقية من العام الدراسي.
وتدعو «ع.ع.ا» معلمة سعودية المسؤولين إلى الرحمة في اتخاذ القرارات موضحة انه لم يتضرر منه مالك المدرسة فحسب بل أضر بنا كمعلمات وبعشرات العاملات والعاملين بالمدرسة، وأضافت: «هذا الأمر يتعلق بأرزاق ناس لايستهان بهذا الأمر اطلاقًا، ولا يعلم إلا الله وحده حاجة هؤلاء النساء والرجال العاملين بهذه المدرسة لرواتبهم ووظائفهم، لذلك الناشد وزير التعليم وكل مسؤول في هذه البلد برفع الظلم عنا والأخذ بيدنا وبيد كل العاملين بهذه المدرسة»..
الغرفة التجارية: عقوبة قاسية في مضمونها وتوقيتها
اعتبر رئيس لجنة المدارس الأهلية والعالمية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة مالك غازي بن طالب أنه من الخطأ الفادح أن نعاقب الجميع بخطأ الفرد، مضيفًا: بأن القرار الصادر من وزير التعليم يضرب الكثيرين في مصالحهم ويعطل المسيرة التعليمية للطالبات ويهدد المستقبل الوظيفي للعاملين بالمدرسة، :»ويجب علينا احترام العقود ومصالح الناس العاملين والمستثمرين في هذه المدرسة».
وتساءل :»ما ذنب المدرسة في ذلك لكي تلقي مثل هذه العقوبة القاسية، في مضمونها وتوقيتها.؟» وبين انه ليس ضد القرار ايًا كان، ولكنه ضد التوقيت حيث كان من الاولي ان يكون القرار نافذًا من نهاية العام الدراسي، وليس كما حصل لم يتعد ايام معدودات حتى بات الامر قيد التنفيذ حيث ان القرار لم يترك مساحة لمناقشته او استئنافه، بل طبق بشكل قوي وصارم ولم يراع مصالح العاملين أو الطالبات وأولياء أمورهن، مشيرًا إلى أن مالك المدرسة ملزم بأن يمنح العاملين رواتبهم الى نهاية عقودهم، وهذا ضرر مضاعف على مالك المشروع.
وأضاف: «الكل يناشد الوزير أن يتمهل في تطبيق العقوبة إلى نهاية العام لكي يستطيع الكل من عاملين أو أولياء أمور ومالك للمدرسة ان يتدارك امورهم وبنفس الوقت ينفذ قرار الوزير وتقام العقوبة، فالحوادث البشرية واردة في كل مكان كان من مدرسة أهلية أو حكومية فقد يحدث ذلك في أي مكان، ويجب أن نراجع أخطائنا ونقيمها، لا أن نعاقب بهذا الشكل الذي لم يراع فيه أي طرف»
وأوضح أن الشركة التي تتولى النقل والتي حدث وفاة الطالب فيها شركة خاصة متعاقد معها ولي أمر الطالب بشكل مباشر وليس للمدرسة علاقة بها أو التعاقد معها، حيث ان المدرسة لاتوفر النقل ضمن خدماتها المقدمة وأن هذه الشركة تتعاقد مع أولياء الأمور بشكل مباشر.
الوكيل الشرعي: لم نطلع على نتائج التحقيق ونخشى «الإفلاس»
أكد الوكيل الشرعي للمدرسة عبدالله السلمي لـ»المدينة» بأن العقوبة الصادرة من قبل وزير التعليم محل تقدير وتنفيذ ولا نرد ايًا من قرارات ولاة الأمر والجهات العليا في هذه البلد، مشيرًا إلى أنه يناشد وزير التعليم بإعادة النظر في هذه العقوبة التي تضررت منها مالكة المدرسة أضرارًا مادية جسيمة، أدت إلى عجز كبير وتهديد بالافلاس في هذا المشروع جراء الالتزامات المادية تجاه الأطراف المتعاقدة معها من معلمات وإداريات وعاملات وعاملين بالمدرسة، بالاضافة إلى رسوم التدريس والتجهيزات للعام الدراسي، والكثير من الخسائر المادية.
وأكد عدم اطلاعهم في المدرسة على نتائج التحقيق ومخرجاته، وعدم التحقيق معهم من قبل اي جهة كانت، وأن كل ماقد تم في القضية هو ايقاف السائق لعشرة أيام ومن ثم خروجه مع تنازل والد الطفل المتوفي -رحمه الله-، مؤكدًا عدم علاقة المدرسة بشركة النقل الخاص وانها غير مرتبطة بأي عقود مع اولياء الامور بشأن النقل.
وبين أن الموقع الذي حدثت فيه الوفاه وهو باص النقل، بل ان العقد والاتفاق قد تم بين ولي الأمر وشركة النقل، فلماذا تعاقب المدرسة وهو لم يتضرر داخل أسوارها بأي سوء،؟ مشيرًا إلى إن عدد الطلاب والطالبات في المدرسة يتجاوز الـ750 طالب وطالبة، يلقون أحسن الرعاية والاهتمام.
وعن مصير العاملين قال: القرار وضعنا في حرج كبير أمام العاملين والعاملات في هذه المدرسة، ولكننا ملتزمون بحقوق العاملين وفق الأنظمة والقوانين.
وعن الخطوات القانونية التي قد تتخذها المدرسة تجاه القرار قال: النظام يحفظ للجميع الحق فأن كان لنا حق سنتقدم للحصول عليه وفق ماتحفظه لنا القوانين والانظمة.
وزارة العمل : تأمين الرواتب لهن من صندوق الموارد البشرية
أوضح مدير عام فرع وزارة العمل بمنطقه مكة المكرمة، عبدالله العليان، لـ»المدينة» بأن النظام يحفظ للمعلمات السعوديات اللاتي تعطلن عن العمل جراء القرار الصادر على مدرسة البحر الأحمر، حيث ان هناك برنامج «المتعطلون عن العمل» ان كن مسجلات في صندوق الموارد البشرية، ويجب عليهن التقدم الى صندوق الموارد البشرية للبحث لهن عن عمل.
وأكد انهم في وزارة العمل حريصين على حفظ حقوق هؤلاء العاملات من خلال محاميين قانونيين واتخاذ كل مايلزم، داعيا عدد منهن الى مكتب العمل أو إلى مكتبه شخصيًا، من أجل إيجاد الحلول اللازمة التي كفلها لهن النظام، وتعهد بمساعدة هؤلاء النسوة وتأمين الرواتب لهن من صندوق الموارد البشرية، عقب التوجه إلى مديرة الفرع النسائي ورفع الموضوع له، وقال: إنه سيتم التوجيه بسرعة البت في قضيتهن وانجاز المعاملة في اقرب وقت ممكن.