أكد مختصون لـ«الجزيرة» قدرة المقاول السعودي المؤهل على المساهمة في التنمية وتنفيذ المشاريع العملاقة، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن حالة الركود النسبي التي يشهدها القطاع حالياً قد ألقت بظلالها على استمرارية بعض مؤسسات المقاولات الوطنية الصغيرة الحجم.

وأكد سعد بن إبراهيم الوهيبي رئيس مجلس إدارة مجموعات الوهيبي للاستثمار عضو لجنة المقاولين وعضو لجنة الإسكان والتطوير العمراني بغرفة الشرقية أن هناك 250 ألف مقاول موزعين على مستوى المملكة منهم أكثر من 3 آلاف مقاول مصنف, معترفاً بخروج بعض المقاولين من السوق بسبب التغيير في أسعار مواد البناء والعمالة بالإضافة إلى عدم تطبيق عقد فيديك الذي يتم تطبيقه في أغلب دول العالم والذي يضمن حقوق الطرفين عند حدوث تغيير في بعض أسعار مواد البناء والإسفلت والحديد.

وقال الوهيبي إن المقاول السعودي قادر على المساهمة في التنمية وتنفيذ المشاريع العملاقة كمشاريع وزارة الطرق والمواصلات والأمانات وبعض المشاريع الخاصة كتطوير المخططات وغيرها، كما أنه قادر على مزاحمة المقاول الأجنبي على بعض المشاريع الحكومية، وذلك من خلال التحالفات مع الشركات الوطنية العاملة في نفس المجال. وأوضح أن قطاع المقاولات سيشهد خلال الفترة المقبلة نقلة نوعية وذلك بعد اعتماد هيئة المقاولين والتي ستتبنى الكثير من المبادرات وتذليل العقبات التي تواجه المقاول الوطني والتي من أهمها العمالة وتطبيق عقد فيديك وحرمان المقاول المتلاعب من المنافسة على المشاريع الحكومية، مضيفاً بأن سحب أمانة الشرقية عام 2015 أكثر من 22 مشروعاً دليل على الجدية وعدم المحاباة وحرمان مقاولين من المنافسة على مشاريع أمانات المناطق رسالة واضحة وصريحة للمقاولين المماطلين، مما أدى إلى خروج بعض المقاولين المماطلين من السوق والذين أغلبهم يحصلون على مشاريع في الباطن، مطالباً الجهات المسؤولة معاقبة أي مقاول يفوز بمشاريع حكومية ويسلمها لمقاول بالباطن كون أغلبهم غير قادرين على تنفيذ تلك المشاريع بنفس الجودة والمدة المتفق عليها.

ونفى الوهيبي تأثُّر الاقتصاد السعودي بسبب خروج بعض المقاولين، بل إن خروجهم يتيح الفرصة للمقاولين القادرين على المنافسة وتقديم أسعار تنافسية.

وقال عوض الأسمري مدير المشاريع لدى مؤسسة رؤية التطوير للمقاولات العامة: إن من الأسباب التي حدت من نمو قطاع المقاولات وأسباب خروجهم من السوق عدم التدفق النقدي لدى شركات المقاولات لوجود تفاوت كبير بين الأسعار بالإضافة إلى عدم إعطاء المقاول العدد الكافي من تأشيرات الاستقدام، وهذا مما يجعل المقاول المتعاقد بالباطن بأسعار مرتفعة وسوء بعض المكاتب الاستشارية بالوقوف مع مالك العقار ضد المقاول والزج بالعمالة على هذا القطاع بدون أي فائدة من التوظيف، حيث إن الشاب السعودي لا يرغب في التعلم ببعض مهن المقاولات، والمماطلة في صرف المستخلصات المالية من أصحاب العقار، وذلك بحجة أن العمل متأخر أو أن العمالة لم يكونوا على قدر العمل بالإضافة إلى المماطلة في الجهات الحكومية مثل المحاكم الشرعية في حالة تقدم المقاول بالشكوى على أصحاب العقار، وهذا يسبب تعسراً في السيولة النقدي ولا يوجد ثقافة لأصحاب العقار في المواصفات الفنية للبناء أثناء التعاقد.

وقال عضو اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية بطي بن رفاعي العتيبي: إن الخسائر التي تتعرض لها شركات المقاولات ناتجة عن معضلة من القرارات غير المدروسة والتي ستجعل القطاع يتآكل حتى تقل مساهمته في النهضة العمرانية التي تشهدها المملكة في ظل حكومتنا الرشيدة، ومن أبرز هذه القرارات على سبيل المثال وليس الحصر هي رفع تكلفة بطاقة العمل إلى 2400 ريال بالإضافة إلى رفع أجور الموظفين السعوديين حيث إن هذه المبالغ كبدت هذا القطاع خسائر بمليارات الريالات وهي تُصرف لصندوق الموارد البشرية ولو صرفت هذه المبالغ بعد تخفيضها في خزينة الدولة لكان أصلح واعتبرناها مصلحة عامة للجميع ويجب أيضاً عدم قفل الخدمات للمقاول لأن ذلك يزيد من الأضرار وكل هذه القرارات أثقلت كاهل القطاع لذا فيجب التدخل الفوري والسريع من أصحاب القرار لحل تلك المعضلات قبل أن تغرق السفينة.وأضاف: نطلب من وزير العمل بأن يبادر بحل جميع القرارات التي أضرت بالقطاع وذلك ابتداء من نطاقات ووصولاً لرفع بطاقة العمل إلى 2400 ريال مما نتج عنها إفلاس الكثير من الشركات وما زال الانهيار مستمراً ولكن أطالب في الوقت الحالي وزارة العمل بتدارك الأخطاء ومراجعة هذه القرارات، وما كان فعالاً يجب الإبقاء عليه وما كان سلبياً يجب معالجته معالجة سليمة تتفق مع الواقع الحالي لسوق المقاولات، فالتطبيق الحالي لقرارات وزارة العمل لا يتفق مع الواقع، وأرى أن أكبر العوائق الحالية هي القوى العاملة، ونطلب من وزير العمل أن يبادر بوضع حلول إيجابية وفعالة، وذلك بوضع حلول للقرارات التي أصدرتها الوزارة وأضرت بقطاع المقاولات، ومن الحلول المطلوبة عدم نقل كفالة العاملين إلا بعد أخذ موافقة صاحب العمل دون التذرع بأي وسيلة كانت لأن الآلية الحالية تصب في مصلحة العامل دون مراعاة حقوق صاحب العمل وأصبحت عمالة المقاولين توزع على أشخاص لم يبذلوا جهداً في جلبهم والصرف عليهم، ولم يؤخذ في الحسبان ما صرفه المقاول على هذه العمالة، لذا يجب تعويض صاحب العمل عن الأضرار التي تترتب عليه من هذا الإجراء.

وأشار العتيبي إلى أن القرارات التي فُرضت في الآونة الأخيرة من وزارة العمل مثل نقل كفالة العاملين دون الرجوع إلى صاحب العمل وهروب العمالة ونظام نطاقات الذي لم يوفر المرونة اللازمة للاستقدام، وكل هذه القرارات أثّرت بشكل مباشر في تعثر المشروعات فيجب معالجة هذه القرارات ووضع ضوابط تسد الثغرات، ومن هنا نؤكد أن معالجة هذه القرارات سوف تساهم في حل جزء كبير من تعثر المشروعات لأن هذه القرارات هي قرارات إدارية وتعديلها غير مكلف.

وقال المهندس جعفر الزهراني: قطاع المقاولات أحد روافد الاقتصاد الرئيسة، وبلا شك أن تعطّله أو حتى ركوده يسبب تباطؤ عجلة التنمية في البلد، ولعل أهم الأسباب التي قد تؤدي لخروج هذا اللاعب الرئيس هي ضعف الاعتمادات المالية سواءً لدى الجهات الحكومية أو الخاصة أو حتى الأفراد، أيضاً وجود أنشطة تجارية أخرى منافسة وتحقق أرباحاً أفضل من قطاع المقاولات، مما حدا بكثير من المؤسسات والشركات لتغيير نشاطها، وتحويل عمالتها لممارسة أنشطة أخرى.

وتابع: أيضاً فإن مؤسسات المقاولات وبالذات المتوسطة والصغيرة ما زالت تعاني من آثار عملية التصحيح وأصبحت المداخيل المالية لها لا تتناسب مع الأرباح المتوقعة، وأيضاً فإن تلك المؤسسات هي أكبر جاذب للعمالة المتخلفة، كل ذلك يؤدي إلى إغلاقها، لا سيما إذا علمنا أن هذه المؤسسات تشكّل نسبة 75% من حجم القطاع، وعددها يفوق 550 ألف منشأه. أيضاً فإن التأخير في صرف المستحقات المالية وبالذات لمؤسسات المقاولات العاملة مع الجهات الحكومية قد يحد من استمرارها، أو حتى إغلاقها.. وأضاف: الآثار المتوقعة من ضعف قطاع المقاولات ضعف حركة البيع والشراء في مواد البناء المختلفة (خرسانات، كهرباء، سباكة، دهانات، زجاج، خشب، ألمنيوم، حديد)، وتحول أنشطة العمالة المستقدمة أصلاً للمقاولات إلى مهن ليست من اختصاصهم، وبالتالي تكثر مخالفات نظام العمل والعمال والإقامة بالإضافة إلى نشوء حالات الاحتكار للمؤسسات والشركات الكبيرة بسبب إغلاق وتعثر المؤسسات المتوسطة والصغيرة وتعطيل لعجلة التنمية، وتضرر الدولة والمواطن على حدٍ سواء من تعثر المشاريع الحكومية والخاصة وإحداث فوضى في سوق العمالة، وتلك الفوضى تنشأ بسبب تغيير النشاط، أو مخالفة العمل، أو الإقامة أو نقل الكفالة، أو الاستقدام.

لذا أصبح لازماً إحداث لجنة أو هيئة وطنية عليا مهمتها متابعة قطاع المقاولات، وخلق توازن بين المؤسسات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.

وأيضاً تنشيط هذا القطاع أثناء فترات الركود، سواءً بتوجيهه لمشاريع بعينها، وبمتابعته لتلك المشاريع، وتنظيم استخراج الرخص التجارية لممارسة مهنة المقاولات وحصرها على مختصين، وأيضاً استقدام العمالة المناسبة وبالعدد المناسب، كذلك تنظيم سوق مواد البناء ومتابعته بشكل يضمن أن تكون الكميات المصنّعة محلياً أو المستوردة تتناسب مع حجم المشاريع لتلافي كساد تلك السلع، وأيضاً إعطاء أولوية للاعتمادات المالية المتعلقة بمشاريع المقاولات التابعة للحكومة، وبخاصة مشاريع التنمية وعدم توقفها أو الحد منها لضمان استمرار تشغيل العمالة في تخصصها وعدم تسربها لأنشطة أخرى مخالفة ومراعاة صرف المستخلصات المالية للمقاولين، وعدم تأخيرها، كل ذلك يجعل من قطاع المقاولات قطاعاً حيوياً وفعّالاً، ويساهم مع بقية القطاعات، بدفع عجلة التنمية للتقدم، وبشكل متوازن.

من جهته قال الدكتور عبد الله المغلوث: خروج المؤسسات من قطاع المقاولات له أسباب كثيرة، ومن أهمها: شح التمويل وعزف البنوك عن تمويل المقاولين لكي تتمكن المؤسسات من سداد الرواتب ومستحقات الغير، بالإضافة إلى تأخير الدفعات المالية (المستخلصات) من الجهات المتعاقد عليها والتي تحيل الدفعات إلى وزارة المالية وتتأخر من 3 شهور إلى 6 أشهر أو أكثر ويعتمد على توفر البند الخاص بالوزارة، بالإضافة إلى شح الأيدي العاملة وعدم توفرها بسبب إجراءات وزارة العمل من عدم منح تأشيرات أو نقل كفالة بين المؤسسات، ولو تم ذلك يأخذ وقتاً طويلاً يترتب علية تأخير العمل، ومن أهمها سوء الإدارة والتنظيم وعدم كفاءة العاملين وعشوائية والتخبط في العمل، والقدرة المالية أحد الأسباب عدم توفرها لدى المؤسسات لكي تواجه التحديات والصعاب.