طالبت هيئات تمثل حقوق الموظفين رؤساء الشركات بعدم التطفل على الموظفين من خلال قراءة رسائلهم الخاصة.
وجاءت هذه المطالب بعد أن قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي أعلى محكمة في أوروبا، بأنه لم يحدث أي انتهاك لحقوق موظف روماني حينما قرأ رئيسه في العمل رسائله الخاصة.
ورأت أن الموظف انتهك سياسة الشركة باستخدامه حسابا خاصا بالشركة للتحدث مع عائلته.
وردا على ذلك، أصدرت هيئات تمثل المديرين والموظفين ومنظمات أخرى تدافع عن الخصوصية والموارد البشرية تحذيرات مماثلة لرؤساء الشركات.
وقال الاتحاد الأوروبي للنقابات، الذي يمثل العاملين والموظفين في أنحاء القارة، إن هذا القرار القضائي لا يجب أن يكون بمثابة "ضوء أخضر..للبدء في التطفل" على الموظفين.
ولم تتضمن القضية التي تنظرها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أي قواعد جديدة، لكنها كانت بمثابة اختبار للتحمل لأولئك الذين سمحوا بالفعل بحدوث رقابة مماثلة من جانب أصحاب العمل في بعض الحالات.
"مدراء الشركات المستبدون"
وقال سيمون ووكر المدير العام لمعهد المديرين في لندن إنه "لا يجب أن يخضع الموظفين للرقابة في العمل على غرار جهاز أمن الدولة (في ألمانيا الشرقية سابقا)".
وأضاف: "إننا سنطالب الشركات بقوة بعدم قراءة الرسائل الشخصية للموظفين فيما عدا ظروف استثنائية للغاية."
وقالت فرانسيس أوغرادي، السكرتير العام لاتحاد نقابات العمال البريطانية، إن "مدراء الشركات المستبدون لا يحصلون على الأداء الأفضل من موظفيهم. الموظفون الذين يتعرضون للرقابة التطفلية يكونون أقل إنتاجا وأقل تعافيا من الناحية الصحية".
وقال معهد تشارترد لشؤون الأفراد والتنمية البريطاني إن "الموظفين الذين يشعرون بأنهم يتعرضون لرقابة مفرطة هم أيضا على الأرجح سيعانون من الضغط، ولذا ينبغي أن يكون هناك سبب واضح لهذه المراقبة (على الموظفين)".
من جانبها قالت منظمة "بيغ براذر ووتش" المعنية بالدفاع عن الخصوصية: "لا يجب أن نفترض مطلقا أن ما نفعله على شبكة الانترنت خلال ساعات العمل أو حينما نستخدم الأجهزة المملوكة لصاحب العمل مثل أجهزة الكمبيوتر والكمبيوتر اللوحي أو الهواتف المحمولة هو أمر شخصي، لكن وعلى نفس المستوى لا يجب أن يشعر الموظف بالخوف من تعرضه للرقابة من جانب رئيسه في العمل".
وقال قرار المحكمة، الذي صدر يوم الثلاثاء، إن رومانيا لم تفشل في الحفاظ على حق مواطنها بوغدان باربوليسكو في الخصوصية.
وكانت الشركة التي يعمل بها باربوليسكو أقالته من العمل بعد أن اكتشفت أنه كان يستخدم حسابا لبرنامج المحادثة "ياهو ماسنجر" للتحدث إلى خطيبته وشقيقه بالرغم من أن رؤسائه طلبوا منه إنشاء الحساب لأغراض العمل فقط، حسبما أفادت هيئة المحكمة المكونة من سبعة قضاة.
وحظرت الشركة أيضا الاستخدام الشخصي للانترنت في العمل.
وردا على سؤال للمحكمة، نفى باربوليسكو أن يكون قد انتهك سياسة العمل.
وبررت المحكمة إقدام الشركة على قراءة الرسائل الخاصة ورسائل العمل لباربوليسكو على هذا الحساب، والتي كان بعضها حساسا للغاية.
وقال الموظف إن حقوقه قد انتهكت، وبعد أن فشل في الدفع بمطالبه أمام المحاكم المحلية، طالب القضاة بإصدار قرار يفيد بأن رومانيا فشلت في الحفاظ على حقوقه.
هل قرار المحكمة يجيز لأصحاب العمل التطفل على الموظفين؟
لم يتضمن قرار المحكمة أي إجراءات جديدة.
قراءة الرسائل هو بالفعل أمر جائز قانونا في رومانيا كما هو الحال في دول أخرى بينها بريطانيا.
لكن المحكمة اتقفت مع موقف السلطات الرومانية التي تقول إن الظروف التي قرأت فيها رسائل باربوليسكو لا تمثل انتهاكا لحقه في حياة خاصة.
ورفض القضاة بالفعل إرسال إشارة إلى المحاكم في أنحاء أوروبا بضرورة اعتبار المراقبة في هذه الحالة أمرا غير مقبول.
وقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا يلزم سوى الدولة المذكورة في القضية، وكل دولة تتبنى نهجها الخاص إزاء قرارات المحكمة.
من جانبه، اعتبر أحد القضاة السبعة، الذي كان له موقف مختلف عن زملائه، أن فرض حظر شامل على الاستخدام الشخصي للانترنت في العمل من قبل رئيس باربوليسكو السابق في العمل غير مقبول، وأنه ينبغي وضع قواعد أكثر صرامة بشأن متى وكيف يمكن السماح لأصحاب العمل بتنفيذ مثل هذه الرقابة.
كيف يمكن تجنب قراءة الرسائل الخاصة للموظفين في العمل؟
وراعت القضية التي تنظرها المحكمة الظروف المحددة لباربوليسكو وليس الرقابة في أماكن العمل بشكل كامل، ورأت المحكمة أن هذه الظروف لا تمثل انتهاكا لحقوقه.
ولذا فإن تفادي هذه الظروف المحددة سيكون بداية جيدة.
في بريطانيا، هناك مجموعة من القوانين واللوائح تحكم الحالات التي يمكن فيها لأصحاب العمل الاطلاع على رسائل موظفيهم، والتي توازن بين الحالات التي يكون فيها هذا الأمر جائز قانونا في مقابل تلك التي يكون فيها متناسبا وضروريا.
وقال ستيف بيرز الأستاذ في قانون الاتحاد الأوروبي وحقوق الإنسان في جامعة إسيكس لبي بي سي: "قد ينتهك الموظفون سياسات الشركة إذا ثبتوا برامج تحجب تعقب أنشطتهم (على أجهزتهم)."
وأضاف: "من الأفضل للموظفين أن يلتزموا بسياسة الشركة بشأن استخدام معدات العمل، وعليهم استخدام هواتفهم الذكية الخاصة إذا احتاجوا فعل شيء شخصي."
وتابع: "بالتأكيد السبيل الأكثر حصافة بالنسبة للأشخاص الذين تسمح سياسات شركاتهم بقراءة رسائلهم البريدية في العمل، أو الذين يعتقدون أن صاحب العمل سيفعل ذلك في كل الأحوال، هو استخدام هاتفهم الخاص أو حاسوبهم اللوحي الخاص أو استخدام بيانات المحمول إذا استطاعوا ذلك بدلا من (شبكة) واي فاي لصاحب العمل".
وقالت كاثرين دوكس، شريك التظيف في شركة "كمب ليتل" للخدمات القانونية إنه بشكل عام "ينبغي أن تكون المبادئ القانونية متماثلة عبر أوروبا، خاصة فيما يتعلق بالبيانات الشخصية، وهذا مستمد من تشريعات الاتحاد الأوروبي."
وأضافت في تصريح لبي بي سي بأن بعض القوانين واللوائح المحلية ستكون مختلفة في هذا الشأن.