أحكمت قوات النظام ومليشيات طائفية تتبع لها، طوق حصار على مجمل مدن وبلدات سهل الحولة في ريف حمص الشمالي، في إطار إستراتيجية ينتهجها النظام حيال المناطق الخارجة عن سيطرته، تهدف إلى قطع سبل الحياة عنها لإجبارها على الخضوع، وتوقيع "هدنات" تفضي إلى إفراغها من سكانها على مراحل.

ورفعت قوات النظام منذ نحو شهر سواتر ترابية حول السهل مغلقة آخر منفذ كان يعتمد عليه أهاليه لكسر حصار مضروب منذ عام 2012، حيث يشير الناشط أبو عبدو إلى أن أوضاع نحو 85 ألف مدني داخل السهل -بينهم ستة آلاف نازح من ريف حماة الجنوبي- بدأت تزداد سوءا، لافتا في حديث مع الجزيرة نت إلى أن قناصا من قوات النظام قتل الأربعاء شابا كان يحاول إدخال مواد غذائية.

ووفق أبو عبدو، فقد توقف آخر فرن كان يعمل في سهل الحولة منذ أسبوع، بعدما ما منعت قوات النظام دخول الطحين منذ نحو شهر، محذرا أن المحاصرين يعتمدون على القمح والذرة المخزنة في البيوت، يقومون بطحنها وخبزها، وهي محدودة جدا.

وبيّن أن الاهالي يواجهون برد الشتاء بالتدفئة على الحطب إثر انقطاع المحروقات، مشيرا إلى أن سعر طن الحطب يصل إلى أكثر من 85 ألف ليرة (نحو مئتي دولار أميركي).

من جانبه، يصف الناشط الإعلامي يوسف اليوسف الأوضاع الإنسانية في الحولة بـ"الكارثية"، موضحا في حديث للجزيرة نت أن المشافي الميدانية تواجه نقصا كبيرا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما فاقم من أوضاع المصابين بأمراض مزمنة، محذرا من تكرار سيناريو بلدة مضايا في ريف دمشق.

دفع الثمن

ومن وجهة نظر ناشطين، فإن سهل الحولة الذي يقع إلى الغرب من مدينتي الرستن وتلبيسة، ويضم العديد من المدن والبلدات أهمها تل دو وكفرلاها وتل دهب والطيبة، يدفع ثمن مواقفه المؤيدة للثورة السورية.

فالسهل من أوائل المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، وكانت الأيام العشرين الأولى من الثورة كافية لكي يحرق الأهالي المقرات الأمنية إثر مقتل متظاهرين، معلنين المنطقة خالية من أي وجود للنظام، وفق الصحفي مصطفى السيد من أهالي المنطقة.

وشهد السهل أولى المجازر المروعة التي ارتكبها موالون للنظام، حيث أقدم شبيحة في 25 مايو/أيار 2012 على ذبح 108 من أهاليه، منهم 49 طفلا أعمارهم تقل عن العشر سنوات، بحسب السيد الذي أشار في حديث مع الجزيرة نت إلى أن سهل الحولة يدفع ثمن وجود قرى موالية للنظام بالقرب منه.

وتحاول قوات النظام ومليشيات طائفية منذ نحو شهر اقتحام سهل الحولة وقرى في ريف حماة الجنوبي، تحت غطاء ناري من الطيران الروسي ومقاتلات النظام وراجمات الصواريخ من قرى موالية، ولكن المحاولات باءت بالفشل أمام تصدي قوات المعارضة لها.

ويؤكد الصحفي مصطفى السيد أن المدافعين عن ريف حمص الشمالي هم أبناؤه، لافتا إلى أنهم يخوضون منذ نحو عام صراعا مع تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى تصديهم للمليشيات الطائفية، مما ينسف ادعاء الروس استهدافهم هذا التنظيم بالقصف الجوي شبه اليومي لهذا الريف، ويؤكد أن غايتهم القضاء على المعارضة السورية لا أكثر.

وتقع بالقرب من سهل الحولة قرية "الغور الغربية" الشيعية، التي تضم معسكرا للحرس الثوري الإيراني قبل بدء الثورة السورية، وفق السيد الذي يرى أن "النظام يهدف من وراء تشديد الحصار على مدن وبلدات السهل إجراء عمليات تطهير عرقي واسعة في المنطقة التي تقع ضمن جغرافية الدويلة العلوية المفترضة".